كورونا زيمبابوي: صورة قاتمة لأفريقيا

03 اغسطس 2020
محاولات للوقاية (جيكيزاي نجيكيزانا/ فرانس برس)
+ الخط -

تعاني أفريقيا أكثر من غيرها من كورونا، والسبب الأبرز هو تزايد عدد المصابين من دون الإعلان رسمياً عن إصابات مرتفعة، لغياب التشخيص قبل كلّ شيء

في القارة الأفريقية، مفارقة توحي في ظاهرها بشيء وفي خلفيتها بشيء مختلف تماماً. المفارقة أنّ إحدى الدول الأكثر تقدماً في القارة على الصعيد الطبي، هي الأكثر إصابة بفيروس كورونا الجديد، وهي جنوب أفريقيا التي تجاوزت نصف مليون إصابة، فيما معظم دول القارة ذات النظام الطبي المهترئ لا تسجل كثيراً من الإصابات، وإن كان الخبراء ومنهم خبراء محليون في تلك الدول يشيرون إلى دلائل عدة حول عدد إصابات هائل لا تتمكن الأجهزة الطبية من تشخيصه، ويظهر خصوصاً في تزايد عدد الوفيات الطبيعية غير المفسرة هناك، وهو ما ظهر في الصومال وغيرها.

في زيمبابوي، التي تعكس صورة قاتمة عن القارة، أثارت لقطات صادمة لسبعة أطفال حديثي الولادة متوفين وموضوعين بشكل منفصل في ملاءات خضراء داخل مستشفى غضباً شعبياً. ففي ليلة واحدة الأسبوع الماضي، ولد سبعة أطفال من أصل ثمانية متوفين في مستشفى حكومي في العاصمة هراري، وحذر الأطباء من أنّ هذا الحادث هو مجرد جزء صغير من الوضع الصحي الرهيب في هذه الدولة الواقعة في جنوب القارة.
وتشير وكالة "فرانس برس" إلى أنّ نظام الرعاية الصحية على وشك الانهيار في البلاد، مع النقص في الأدوية والمعدات الأساسية والعاملين المنهكين وتدني الأجور. ويقول خبراء إنّ للأزمة الصحية جذورها في الانهيار الاقتصادي الأكبر في البلاد والذي تسبب بعودة التضخم وإغلاق المصانع ودفع معدل البطالة الرسمي إلى ما يقدر بـ90 في المائة، كما أغرق غالبية السكان في الفقر المدقع، ليضاف فيروس كورونا الجديد إلى الأزمتين.
كان الممرضون في أنحاء البلاد يطالبون منذ أشهر بزيادة الأجور وتأمين معدات الحماية من الفيروس، وانضمت إليهم مجموعة كبيرة من الأطباء البارزين والمتدربين. وفي هذا الإطار، ناشد رئيس زيمبابوي، إيمرسون منانغاغوا، العاملين الصحيين بذل اقصى الجهود في مواجهة الوباء سريع الانتشار. وسجلت زيمبابوي ليل السبت - الأحد 490 إصابة، وهو أكبر عدد من الإصابات بكورونا يرصد في البلاد في 24 ساعة. ويبلغ العدد الإجمالي للإصابات التي سجلت حتى الآن نحو 4000 فيما ارتفع عدد الوفيات أكثر من الضعفين إلى 69 خلال عشرة أيام، فيما تشير تقارير إلى أنّ العدد الحقيقي للإصابات والوفيات أكبر بكثير من ذلك.
وقال منانغاوا للممرضين: "عندما ينتشر الوباء ويزيد عدد الوفيات لن يكون هناك رابحون. سنموت جميعا". لكنّ الممرضين الذين نظموا احتجاجات منفصلة في المستشفيات الحكومية الرئيسية الشهر الماضي، تعهدوا بعدم التراجع عن موقفهم حتى تلبى مطالبهم. وقال رئيس اتحاد الممرضين في المناطق الحضرية والريفية، سيمباراشي تافيرينييكا: "الممرضون يصابون بالعدوى كلّ يوم. نحن مجبرون على وضع الكمامة نفسها لمدة سبعة أيام، والقناع الجراحي لمدة ثلاثة أيام فيما من المفترض استخدام كلّ منها مرة واحدة والتخلص منها". وتابع: "لا يمكننا الاستمرار في الموت وسنحمي أنفسنا وعائلاتنا من خلال البقاء في المنزل".
البلاد التي توفي وزير الزراعة فيها بيرانس شيري بالفيروس الأسبوع الماضي، باتت منذ نحو شهر من دون وزير صحة، فقد أقال الرئيس وزير الصحة أوبادييا مويو في 7 يوليو/ تموز الماضي بعد اتهامه بالفساد بسبب منح عقد غير قانوني بقيمة 20 مليون دولار أميركي مرتبط بمعدات فحص فيروس كورونا ومعدات واقية. كذلك، فإنّ معظم المستشفيات العامة ليس لها رؤساء إداريون بعد طردهم بشكل جماعي بسبب مزاعم فساد تتعلق بشراء معدات واقية من الفيروس.

في دورهم، يعزو الأطباء المضاعفات التي تؤدي إلى وفيات الرضع إلى الصعوبات التي تواجهها الحوامل في الحصول على الرعاية الصحية عند الحاجة. ويشعر الموظفون القلائل الذين يقومون بواجبهم في المستشفيات الحكومية التي تخدم غالبية السكان الذين يعانون من الفقر، بالإرهاق. وقال نورمان ماتارا رئيس نقابة أطباء مستشفى زيمبابوي إنّ "الوضع مقلق جداً... تمكن طبيب شجاع من التقاط صورة الرضع المتوفين، لكنّ هذا لا شيء مقارنة بالأمور التي تحدث في مستشفيات أخرى". وتابع: "ليست لدينا معدات الوقاية الشخصية وكلّ ما تفعله الحكومة هو الوعود. لا أدوية في المستشفيات. ومن الصعب القيام بعملنا". وبحسب ماتارا، سجلت 15 في المائة من الإصابات بفيروس كورونا في صفوف العاملين الصحيين: "هذه نسبة ضخمة. وهي تظهر أنّنا معرضون لخطر الإصابة بالعدوى. على هذا النحو لا يمكننا مواصلة العمل من دون ملابس واقية".

المساهمون