لم يعد مستغرباً أن تصدر تعليمات بحجب موقع إلكتروني فني، لا علاقة له بالسياسة، عقاباً على نشر خبر يمس رجل أعمال أو مسؤولاً سعودياً، ليس حتى من الأسرة الحاكمة.
هذا تماماً ما حدث مع موقع "في الفن" المصري، التابع لشركة "سرمدي"، بعد نشر خبر اعتداء رجل الأعمال ورئيس "الهيئة العامة للرياضة"، تركي آل الشيخ، على الفنانة المصرية، آمال ماهر، بعد أنباء عن زواجهما لم يؤكدها الطرفان.
وفي اليوم الذي تلا خبر الاعتداء وتحرير محضر رسمي بالواقعة، فوجئ متصفح الأخبار في مصر بحذف الخبر من كل المواقع الإخبارية تقريباً، بل ونشر خبر آخر يحمل تصريحات على لسان آمال ماهر، تكذب فيه خبر الاعتداء، وتقول "عار تماماً عن الصحة، والأمر برمته ليس أكثر من خلاف على بعض الأمور الفنية".
لكن صحافيين فنيين أكدوا أنهم تواصلوا مع آمال ماهر التي نفت تماماً صدور تلك التصريحات عنها، وأكدت أنها مستمرة في إجراءات التقاضي، وستأخذ حقها بالقانون.
وعلم "العربي الجديد" من مصادر عدة داخل مؤسسات صحافية مختلفة، بورود تعليمات إليها بعدم نشر خبر حجب موقع "في الفن"، بعد التعليمات السابقة بحذف الخبر الخاص بالاعتداء.
كما كشفت مصادر داخل موقع "في الفن" أن الإدارة تلقت أمس الثلاثاء اتصالاً هاتفياً من السفارة السعودية في القاهرة، يطالب الموقع بحذف الخبر، ثم فوجئ العاملون في الموقع بحجبه تماماً عن مصر في الثامنة من مساء الاثنين.
وأضافت المصادر "أنه تمت الاستعانة بمشرف آخر على الموقع الإلكتروني، من أجل محاولة حذف الخبر، لكن المحاولات باءت بالفشل، ومنذ ذلك الحين، والموقع محجوب".
كما أكدت أن إدارة الموقع لا تزال تتواصل مع السفارة السعودية في القاهرة من أجل السيطرة على الموقف، بينما ترسل لهم السفارة تطمينات متتالية فحواها أنهم يتواصلون مع قيادات عليا في الدولة من أجل حل الأزمة.
وطلبت السفارة من الشركة صراحة عدم التعليق على الأمر أبداً في الإعلام، والاكتفاء بترديد "مشكلة تقنية وجار إصلاحها".
يشار إلى تصاعد وتيرة حجب المواقع الإخبارية المصرية، السياسية منها وحتى الكوميدية، خلال الآونة الأخيرة، بشكل غير مسبوق.
في الفترة الممتدة من 7 ديسمبر/كانون الأول عام 2017 إلى نهاية يناير/كانون الثاني عام 2018 رصدت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" حجب 31 موقعا جديدًا، إلى أن بات عدد المواقع المحجوبة، رغم ارتفاعه، لا يُشكّل الدلالة الحقيقية على ممارسات السلطة لفرض السيطرة على الأخبار المتداولة على الإنترنت في مصر بقدر ما توضّح نوعية المواقع المحجوبة اتجاهات السلطة في فرض الرقابة على الإنترنت عموماً.
ورصدت المؤسسة حجب 261 موقعاً في أغسطس/آب عام 2017 من مقدمي خدمات "الشبكة الخاصة الافتراضية" (VPN) والخوادم الوكيلة (Proxy Server). وقبلها كان قد حُجب موقع "تور" وجميع المواقع التابعة له.
الجدير بالذكر أن عدد المستخدمين المصريين ممن بحثوا في محرك بحث "غوغل" عن طرق تجاوز حجب المواقع قد سجل زيادة في الفترة التي بدأ فيها حجب الموقع، وبعد بداية حجب مواقع تجاوز الحجب، ويظهر ذلك من خلال البيانات التي توفرها غوغل عبر منصة Google Trends، وفق المؤسسة.
ووثقت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" حجب أكثر من 465 موقعاً إلكترونياً خلال فترة حكم الرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسي، كان أولها موقع "العربي الجديد" الذي حجب في ديسمبر/كانون الأول عام 2015.
وقبل أيام، فوجئ متصفحو موقع "يوتيوب" بحذف أرشيف صفحة "الدوبلكس" الخاص بالبرنامج الكوميدي الساخر "أبلة فاهيتا"، بعد أيام قليلة من الإعلان عن توقف البرنامج لأجل غير مسمى.
الواقعة الصادمة الخاصة بحذف أرشيف برنامج "أبلة فاهيتا" من "يوتيوب" تزامنت مع أنباء -لم يتم نفيها- عن إقدام قناة "أون تي في" على حذف أرشيف حلقات الإعلامي المصري، يسري فودة، والإعلامية اللبنانية، ليليان داود، من "يوتيوب" الخاصة بالبرامج التي سبق أن قدماها على شاشتها، إلى عام 2013، أي في الفترة التي تلت الانقلاب العسكري في مصر، في الثالث من يوليو/تموز من العام نفسه.