كواليس القرار الأميركي لشرعنة المستوطنات: فريدمان خطط وبومبيو نفّذ

20 نوفمبر 2019
فريدمان أحدث تغييراً جذرياً في السياسة الأميركية(Getty)
+ الخط -
حظي السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، بثقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما مكنه من إحداث تغييرات كبيرة في السياسة الأميركية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

فبعد نجاحه في شطب تعبير "الأراضي المحتلة"، من قاموس وزارة الخارجية الأميركية، مطلع العام الجاري، عمل على دفع قرار لا يعتبر المستوطنات الإسرائيلية، مخالفة للقانون الدولي، ليحدث تغييراً جذرياً في السياسة الأميركية.

ويتضح أن فريدمان، لم ينجح بداية مع وزير الخارجية الأميركي السابق، ريكس تليرسون، فوجد ضالته في وزير الخارجية الحالي، مايك بومبيو.

ومستنداً إلى مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، قال موقع "إكسيوس" الإخباري الأميركي: "دفع السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان من أجل تغيير موقف الولايات المتحدة من مشروعية المستوطنات الإسرائيلية في وقت مبكر من إدارة ترامب، ولكن وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون عارض هذه الخطوة".

وأضاف:" أثار فريدمان، المحرك الرئيسي وراء التحول الكبير في الموقف السياسي الذي تم إعلانه الإثنين، القضية مرة أخرى عندما جاء وزير الخارجية مايك بومبيو، ولكنه هذه المرة حصل على ضوء أخضر".

وأقال ترامب، ريكس تيلرسون، من منصب وزير الخارجية، في مارس/آذار 2018، وعين مكانه مدير الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) مايك بومبيو.



وتتفق صحيفة "إسرائيل اليوم" مع هذا التقدير وقالت، اليوم الأربعاء: "لقد عمل عدد غير قليل من الشخصيات والناشطين اليمينيين وراء الكواليس لتغيير السياسة الأميركية المهمة في ما يتعلق بوضع المستوطنات، ومع ذلك، فإن المسؤولين عن هذا التحول الكبير هم فريدمان، الذي بدأ العملية، وبومبيو الذي أصدر تعليماته لوزارة الخارجية للقيام بأعمال الفحص، وبالطبع الرئيس ترامب، الذي كان شريكاٍ بالسر في البداية ورحب بهذه الخطوة".

وكانت إسرائيل قد رحبت بإعلان بومبيو، حيث اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "تصحيحاً لخطأ تاريخي".

لم يوضح نتنياهو مقصد أقواله، ولكن يتضح أن في ذلك إشارة إلى عدم معارضة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما للقرار 2334 في مجلس الأمن الدولي نهاية العام 2016، والذي أكد على أن المستوطنات الإسرائيلية، بما فيها في القدس الشرقية، غير مشروعة بموجب القانون الدولي ويجب وقفها.

وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم"، الأربعاء: "بدأ الأمر في نهاية فترة رئاسة أوباما، عرّف وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جون كيري، المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بأنها مخالفة للقانون الدولي، وفاجأ موقفه هذا ديفيد فريدمان، الذي كان ينتظر تعيينه رسمياً سفيراً للولايات المتحدة الأميركية في إسرائيل".

وأضافت:" بدأ فريدمان (كان يعمل محامياً)، في دراسة الأمر، ووجد أن موقف كيري كان يستند إلى رأي (وثيقة هانسيل) الصادر عن إدارة كارتر عام 1978، والتي أكدت أن هناك تعارضاً بين القانون الدولي ومنظومة الاستيطان، وإلى جانب الاستعدادات لتوليه منصب السفير، بدأ فريدمان في وقت مبكر من عام 2017 بالبحث عن محامين لتقديم مواقف مختلفة".

وتابعت: "من بين أمور أخرى، وجد (فريدمان) رأياً كتبه محامٍ أميركي آخر، وهو يوجين روستوف الذي صرح مباشرةً بعد حرب 1967 بأن "اليهود الذين يستقرون في تل أبيب يتمتعون بالحقوق القانونية نفسها للمستوطنين في الأراضي التي احتلتها خلال حرب الأيام الستة" في إشارة إلى حرب عام 1967.

في منتصف العام 2017، تم تثبيت تعيين فريدمان سفيراً للولايات المتحدة الأميركية في إسرائيل، ولكنه اختار أن يركز على قضية أخرى وهي الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إلى المدينة.

وفي نهاية العام 2017 أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قراره، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وفي منتصف العام 2018 تم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.

وكان فريدمان قد أعلن قبيل توليه منصبه معارضته لحل الدولتين، الذي يدعو لإقامة دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، وأشارت تقارير إسرائيلية وأميركية عديدة إلى أنه قدم الدعم المالي لمستوطنات في الضفة الغربية.

وبتحقيق هاتين الخطوتين، القدس والسفارة، فإن فريدمان سعى إلى تغيير جذري في الموقف الرسمي الأميركي من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.

ولفتت الصحيفة إلى إن فريدمان قرر عدم الاكتفاء ببيان سياسي يصدر عن الرئيس ترامب، على الرغم من أهميته، وبدلاً من ذلك، سعى لإحداث عملية تغيير جذرية.

وذكرت: "في ذلك الوقت، كان ريكس تيلرسون يشغل منصب وزير خارجية ترامب، وكان فريدمان يعلم أن تيلرسون لن يتعاون معه، لذلك، لم يبدأ العمل إلا في ربيع عام 2018، بعد تعيين مايك بومبيو وزيراً للخارجية، أمر بومبيو الفريق القانوني لوزارة الخارجية بإعادة النظر في الوضع القانوني للمستوطنات، استمرت العملية 14 شهراً وشملت فحصاً دقيقاً للخلفية التاريخية والقانونية". وأضافت: "كان آخر المحفزات قرار المحكمة الأوروبية بتمييز المنتجات الإسرائيلية الناشئة في المستوطنات، والذي عارضته الولايات المتحدة الأميركية".

ولكن موقع "إكسيوس" الإخباري الأميركي عارض جانبا من هذه الرواية بتأكيده، على أن فريدمان عرض بالفعل فكرته على تليرسون، إلا أن الأخير عارضها.

وقال: "عارض وزير الخارجية السابق ريكس تليرسون هذه الخطوة". وأضاف: "استمرت المناقشات داخل وزارة الخارجية الأميركية حول الوضع القانوني للمستوطنات الإسرائيلية لمدة عام، حيث تم تشكيل فريق خاص مؤلف من فريدمان ومحامي الوزارة بقيادة المستشار القانوني آنذاك، جينيفر نيوستيد، التي أصبحت الآن المستشار العام لموقع فيسبوك".

وتابع الموقع الأميركي: "خلال تلك السنة، عقد الفريق الأميركي مشاورات مع العديد من المسؤولين الإسرائيليين بما في ذلك تل بيكر، المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية". وأشار إلى أنه تم منح وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، وفريقه "الحرية المطلقة لصياغة السياسة الجديدة". وقال: "منذ حوالي شهر، قدم الفريق القانوني لوزارة الخارجية إلى بومبيو رأياً قانونياً من 40 صفحة".


وتكشف صحيفة "إسرائيل اليوم" النقاب عن أن قادة من الإنجيليين، مثل الدكتور مايك إيفانز، عملوا على تغيير السياسة الأميركية بشأن المستوطنات.

ونقلت الصحيفة عن إيفانز قوله: "إن القرار الجديد يجب أن يلهم القادة الإسرائيليين، ويجعلهم يدركون أنه يجب عليهم استغلال السنة المتبقية للرئيس ترامب في البيت الأبيض". وأضاف: "هذا القرار هو علامة على شيء أكبر قادم، وهو اعتراف الرئيس بيهودا والسامرة"، في إشارة إلى الاعتراف بضم إسرائيل أجزاء واسعة من الضفة الغربية.

وكان نتنياهو قد أعلن عزمه ضم غور الأردن، مشيراً إلى أن الخطة الأميركية المعروفة باسم "صفقة القرن" ستتضمن ضم إسرائيل جميع المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية.

(الأناضول)

دلالات
المساهمون