كمال داود: احتفال بالحريات على طريقته

01 مارس 2017
(تصوير: أولف أندرسون، 2011)
+ الخط -

يضمّ الكتاب الجديد لـ كمال داود (1970)، الصادر حديثاً في فرنسا، تحت عنوان "حُرّياتي" مجموعة من المقالات الصحافية التي نشرها الكاتب الجزائري خلال الفترة الممتدة من 2010 إلى 2016. 

معظم المقالات المختارة، نشرها في الصحيفة الجزائرية "يومية وهران" الناطقة بالفرنسية، والتي كان يكتب فيها عموداً يومياً، مدة عشرين سنة، قبل أن يعلن قرار توقّفه عن الكتابة الصحافية، والتفرّغ للرواية، إثر الضجة التي أعقبت مقاله الأخير. وهو العمود الذي اختار له كعنوان "رايْنا رايْكم"، في إيحاء ذي علاقة بلازمة يردّدها مطربو الراي المنتشر بقوّة في وهران، المدينة التي يقيم فيها ولا يزال.

علاوة على مقالات أخرى، سبق له نشرها في "نيويورك تايمز"، و"ريبيبليكا "الإيطالية، ومجلة "لوبوان" الفرنسية التي يكتب فيها عموده الأسبوعي منذ سنتين ونصف تقريباً.

استوحى عنوان كتابه كما صرّح، من آخر عبارة كتبها في آخر عمود له في "يومية وهران"، حين كتب يومها: "يحدُث لي أنا أيضاً، أن أقود ثوراتي التحريرية، وأن أحتفل من وقت لآخر بحريّاتي". ويفسّر اختياره للعنوان "بتوقه لممارسة حريّته، بعيدًا عن الضغوط، والإغراءات. كلمة الحرية أو الاستقلال عندنا، كانت تنطوي دائماً على معنى يجسّد الاشتراك أو الإجماع. هكذا أردت أن أستعيد هذه الكلمة، لتحمل دلالاتها الفردية كذلك لا الجماعية فقط".

الإعلامي الجزائري سيد أحمد سميان، الذي يعدّ فيلماً عن زميله في مهنة المتاعب، في مقدّمة الكتاب، عن السؤال، ماذا يزعج كمال داود؟ يجيب: "إنه يرفض أن يصير رهينة للتاريخ الاستعماري الفرنسي في الجزائر، عندما أصبحت تنسج جميع القصص الوطنية الجزائرية، حول هذا المفهوم".

ولأن تواجد الكاتب الجزائري في التراب الفرنسي، تزامن مع التصريح الأخير لـ إيمانويل ماكرون مرشح الانتخابات الرئاسية 2017، الذي أثار جدلاً واسعاً في فرنسا، عندما وصف ما ارتكبه الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين، بجريمة حرب ضد الإنسانية.

هكذا أسرع الإعلاميون الفرنسيون إلى معرفة رأي داود حول المسألة، كانوا ربما يترقّبون إجابة أخرى، تناسبهم بتأثير من أحكام مسبقة، بيد أن ردّه كان واضحاً: "المؤرخون فصّلوا في هذه القضية، الاستعمار ليس عقد إيجار، أو قبلة عنيفة، بل هو جريمة ضد الإنسانية".

بدا صاحب رواية "معارضة الغريب" كما تُرجمت مؤخراً إلى العربية، وهي الرواية الفائزة بـ "جائزة غونكور" الفرنسية لأوّل عمل روائي سنة 2015، وهو ينتقل من إستوديو إلى آخر، ومن صحيفة إلى أخرى، واثقاً من نفسه، مستعداً للدفاع عن قناعاته وأفكاره، ولكن بعيداً عن الإثارة التي كلّفته فتوى ضدّه في الجزائر، ونقداً لاذعاً من مثقفي اليسار الفرنسي.

الشيء الذي دفعه للتخلّي عن التزام دام عشرين سنة، في كتابة عمود يومي، لخّص أبرز نصوصه في كتاب، يبدو أنه يلقى صدى واسعاً في الإعلام الفرنسي.

المساهمون