كلنا ياسين

22 يناير 2015
+ الخط -

جاء الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية التونسية ضد أحد المدنيين بمثابة صدمة على شعب اعتقد أن مثل هذه المحاكمات أصبحت من الماضي.
عام من السجن النافذ ضد مدون مدني، متهم بالنيل من كرامة الجيش التونسي وروحه المعنوية، ولم تشفع له، أمام القاضي، صفته "المدنية" أو كونه نجل أحد شهداء الجيش، العقيد طاهر العياري الذي قضى في مواجهة ضد عناصر متشددة سابقاً.
ياسين، والذي نشر على صفحته اتهامات خطرة ضد وزير الدفاع وقيادات في الجيش الوطني، واتهمهم بالتقاعس والتراخي، إلى حد التآمر في عمليات عسكرية عدة، انتهت باستشهاد عدد من جنودنا في مواقع مختلفة في الحرب على العناصر المتشددة في الشمال والجنوب الغربي للجمهورية التونسية، إضافة إلى اتهامات بالفساد المالي والإداري.
اتهامات لم يكن ياسين العياري الوحيد الذي كشف عنها، ولو بنبرة وتوضيحات أكثر جرأة، فقد سبقه إلى ذلك نقابيون أمنيون أشاروا إلى تراخي القيادة في الحسم في بعض العمليات، وهو، أيضاً، ما بات معروفاً من خلال تململ عناصر عسكرية، والتشكيك حتى في نية إنهاء المعركة والحسم مع العناصر المتشددة المقيمة في الجبال والداخل التونسي.
وقد تمت المحاكمة استناداً إلى فصل 91 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، وجاء فيه:
يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات كل شخص عسكري، أو مدني، تعمد بالقول أو الحركات أو بواسطة الكتابة أو الرسوم أو الصور اليدوية والشمسية أو الأفلام بمحل عمومي، تحقير العلم أو تحقير الجيش والمس بكرامته وسمعته أو معنوياته أو يقوم بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري، والطاعة للرؤساء، أو احترام الواجب لهم، أو انتقاد أعمال القيادة العامة، أو المسؤولين عن أعمال الجيش، بصورة تمس من كرامتهم.
ويرى مراقبون قانونيون أن هذا الفصل، والذي يعود الى سنة 1957، يعتبر مخالفاً لما جاء في الدستور التونسي الجديد، وتحديداً الفصل 110، والذي جعل المحاكم العسكرية متخصصة فقط في الجرائم العسكرية.
وعلى الرغم من اختلافنا مع ياسين، إلا أنه لا يمثل نفسه فقط، بل يمثل رمزية من يتجرأ على نقد أو تقديم معطيات يرى الخصم والحكم، أي المحكمة العسكرية، بحسب تقديرها، أنها تنال من هيبة المؤسسة، في حين أن إعلاميين عديدين وغيرهم، وطوال ثلاث سنوات، لم يكفوا عن النيل من رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بل ذهب بعضهم إلى اتهام القائد الأعلى للقوات المسلحة بتهريب السلاح وتدريب العناصر المتشددة.
في حين أنها تذهب إلى إيقاف ياسين، بدل بعث لجنة مستقلة للتحقيق في المعطيات التي قدمها وتكبل حريته، وتطالبه بتقديم أدلة على أقواله، وهو مكبل في السجن.
نحن، وإن كنا ياسين، فموقفنا واضح، نرفض المحاكمات العسكرية للمدنيين، فهي ممارسات تعود إلى دولة ترضخ تحت حكم العسكر، وإلى أزمنة غابرة. وإن كان لابد من محاكمة ياسين العياري، فوجب محاكمته أمام قضاء مدني، وتعيين لجنة مستقلة، لتتحقق فيما قاله.

27D5F4EF-5B05-449B-AC6C-7303748A696C
27D5F4EF-5B05-449B-AC6C-7303748A696C
محمد بوكوم (تونس)
محمد بوكوم (تونس)