كرويف (أحب كرة القدم)9: النموذج الأميركي..وروماريو الكارثي في السلة!

14 يوليو 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، ونستكمل سوياً الحلقة التاسعة من كتاب الأسطورة الهولندية، يوهان كرويف، "أحب كرة القدم".

النموذج الأميركي والإحصائيات
"في أيامنا هذه، توجد حالة هوس بتطبيق النماذج القادمة من الولايات المتحدة. الحقيقة أنه يمكن التعلم منهم وعن مفهومهم المتعلق بالرياضة، وبالأخص في بعض المسائل الاقتصادية والإعلامية وطريقة إدارة وقيادة الشركات".

"يوجد فارق مهم للغاية لا يتم إدراكه في مسألة الإحصائيات، وهو أن كل الرياضات الأميركية المهمة تلعب باليد وليس بالقدم، لذا فإن الإحصائيات تكون دائما إيجابية، لأنه لا يمكن أن تكون الرياضة تمارس باليد وتخرج الأرقام سلبية.. الكرة كما يعرف الجميع تلعب بالقدم، وظروف الملعب تختلف، فربما يكون مثاليا أو مليئا بالحجارة أو برك المياه والطمي، وكل ما يمكن تخيله".

"كرة القدم رياضة تكثر فيها الأخطاء، وتعتمد على الذكاء، حيث تبرز مسألة اتخاذ القرار، إنها أقل ميكانيكية ولا يمكن توقعها مقارنة بباقي الرياضات.. في الولايات المتحدة في هوكي الجليد على سبيل المثال يتاح للمدرب إجراء الكثير من التغييرات، وفي كرة السلة تتاح فرصة الحديث بين المدرب واللاعبين عن طريق الوقت المستقطع لتحضير لعبة استراتيجية معينة. ونفس الأمر يحدث بصورة مشابهة في البيسبول".

"الكرة على عكس كل هذا، رياضة تتطلب استمرارية، يجب أن يكون اللاعب والمدرب أسرع ذهنيا، هذا الكلام ليس تقليلا مني من بقية الرياضات الأخرى، ولكن فقط أرغب في إيضاح أن كرة القدم مختلفة، وأنه لا يتوجب أبدا الانشغال كثيرا بمسألة تطبيق هذه المفاهيم والأساليب التحليلية لرياضات أخرى تلعب في الأساس باليد.. باختصار لا يمكن تطبيق مسألة الإحصائيات على الكرة بنفس الطريقة التي تتبعها كرة السلة أو غيرها".

"لنأخذ حالة روماريو كمثال: ففي كرة السلة اللاعب الذي يتلقى تسع كرات ويسجل اثنتين منها يعد مرادفا للفشل أو الكارثة المطلقة. ولكن في كرة القدم، فإن لاعبا مثل روماريو قد يتلقى تسع كرات ويسجل منها هدفين يكونان كفيلين بتحصيل النقاط الحاسمة أو الصعود بفريقك من دور إقصائي.. إحصائيا روماريو كان يعتبر لاعبا كارثيا في كرة السلة، ولكن كرويا يعتبر عبقريا صاحب أداء رائع".

"مجددا أقول كرة القدم رياضة تعتمد على الاستمرارية.. لا يمكنك وضع كاميرا ثم توقف بعدها المباراة بسبب لعبة مثيرة للجدل، وتطلب من الجميع ألا يتحرك، ثم تذهب على طرف الملعب وتشاهد المقطع لتتخذ قرارك، ثم تأمر بعدها باستمرار اللعب، كما يحدث في بعض الرياضات في الولايات المتحدة.. هذا أمر غير ممكن وليس له أي معنى في الكرة".

"سيقول البعض إن هذا أكثر عدلا وأشياء أخرى، ولكنني أعتقد في النهاية أن كرة القدم عادلة للغاية، إذا ما قدمت كثيرا ستحصل على الكثير، والعكس صحيح، الحظ هو العامل الوحيد الذي قد يكون حاسما. لا يوجد خداع في هذا".


لمحات تكتيكية
"العالم كله يتحدث عن التكتيكات باستخدام الأرقام.. هل الأفضل 4-3-3 أم 4-2-4 أم 3-1-3-1؟ بالنسبة لي التكتيك يتعلق بمعرفة ما هي قوتك، وكيف ستستغلها، وما هي نقطة الضعف لدى الخصم، وكيف ستعمل عليها".

"أي لاعب له نقاط قوة وضعف.. على سبيل المثال نعرف أن كاماتشو (كان) من أفضل المدافعين، فما العمل معه؟ الإجابة هي عدم الدفع بلاعب يمكنه مراقبته، لأن هذا الأمر سيعمل على تقوية مميزاته.. الصحيح هو سحب المهاجم الذي يمكن لكاماتشو مراقبته، فلا داعي للتضحية بواحد من أفضل اللاعبين لديّ لكي يتألق الخصم ويظهر أنه مدافع عظيم".

"بالمثل إذا ما رأيت ظهير الخصم مهتزا أو ليس قويا بالصورة الكافية فما العمل؟ عليّ أن أدفع بأفضل مهاجم لديّ أمامه، هذه هي طريقة تنفيذ الاختراعات والاستمتاع بها.. أتذكر أنه أثناء تدريبي لبرشلونة كان إيزيبيو من أكثر اللاعبين الذين تفهموا هذا الأمر الذي يعمل على إفقاد الخصم تركيزه، بالنسبة لي اللاعب الذي يمكنه التأقلم على هذه الخدع التكتيكية يعد إضافة لقوة الفريق".

المساهمون