كرة لبنان المهزوزة...عشوائية إدارية ولاعب ظالم

23 أكتوبر 2017
مدربو لبنان يعيشون تحت رحمة اللاعبين (أحمد قاسم)
+ الخط -

مع بداية كل موسم كروي جديد في لبنان تتفاءل الجماهير بمشاهدة كرة قدم ممتعة، وكل مقومات النجاح لبطولة الدوري تُرسم على الورق في بداية الأمر وتبدو للجميع بأن الأندية ستقدم نسخة خيالية لهذه الرياضة. لكن مع بداية المباريات يتضح أن كل ما كُتب هو مجرد حبر على ورق بسبب غياب الرؤية الواضحة والإدارة الرياضية المنظمة، والأمر بالطبع سينعكس سلباً على أرض الملعب.

العشوائية الإدارية
لا يمكن أن تُدار الأندية بعشوائية إدارية وبالطبع لا يُمكن أن يُدير اللاعبون الفريق، خصوصاً إذا كان للنادي هيكلية إدارية تندرج من المدرب حتى أصغر عضو في الجهاز الفني والإداري. هذه الهيكلية الإدارية هي التي تُحدد وظيفة كل شخص في النادي وحجمه بالإضافة إلى دوره.

ولو اعتبرنا أن واجبات أي مدرب في كرة القدم هو قيادة الفريق لتحقيق النتائج وتحسين المستوى الفني وتطوير العمل التكتيكي، فإن واجبات إدارة الفريق دعم المدرب ومنحه الصلاحية الكاملة للتصرف داخل النادي حتى لو وصلت الأمور لحد طرد لاعب من الفريق بسبب سلوكه السلبي الذي يؤثر على الفريق بكامله.

في لبنان الأمر ليس بهذه البساطة، فعندما لا يُشرك مدرب لاعباً، يذهب الأخير على مواقع "التواصل الاجتماعي" ويطلب من الجماهير إهانة الجهاز الفني بكامله والمطالبة بإشراكه، فاللاعب اللبناني يعتقد أنه الأفضل دائماً ولا يجب أن يجلس على مقاعد البدلاء ويعتقد دائماً أن المدرب لا يفقه كرة القدم، فهو عليم وخبير بكل شيء وهذا خطأ تتحمله إدارة الأندية أولاً وأخيراً.

تتحمل إدارات الأندية هذا الخطأ لأن عملها يندرج ضمن إطار العشوائية وليس التنظيم الإداري، لكن ما هو المقصود العشوائية؟ العشوائية هو أن يكون لك هرم في النادي ولا يُحترم، بدايةً من المدرب الذي هو الأمر الناهي في المنطقة الفنية وأي تدخل من الخارج يعني بداية العشوائية في النادي، لأن لكل شخص في الفريق له عمله ويجب احترامه وهو موجود في منصبه أصلاً بطلب من النادي نفسه وليس رغماً عنه.

وبالتالي عندما يطلب لاعب من رئيس النادي أن يتحدث مع المدرب لإشراكه فهو يتخطى المدرب المسؤول المباشر عنه، والأهم أن اللاعب نفسه يُطالب المدرب بمعاملته باحترافية وهو أصلاً لا يتعامل مع نفسه باحترافية.

ومن بعض الأمثلة أنه وبعد نهاية خمس جولات فقط من الدوري اللبناني، استقال مدرب فريق العهد موسى حجيج من دون أن يخسر أي مباراة، وهذه ميزة لا توجد إلا في لبنان، بينما مدرب النجمة جمال الحاج ما زال في منصبه رغم خسارته مباراتين من أصل خمس.

في لبنان فقط المدرب الذي يتعادل في أربع مباريات يترك منصبه ويُغادر الفريق رغم أنه لم يخسر في أي لقاء. في لبنان المدرب الذي يبني فريقاً من الشباب للمستقبل ولا يُحقق النتائج في موسمه الأول يُقال مباشرةً، لأن الإدارة تريد لقب الدوري من الموسم الأول سريعاً، طبعاً الحديث هنا ليس عن برشلونة أو ريال مدريد بل عن أندية لبنانية مثل الأنصار والنجمة والعهد.

اللاعب اللبناني ظالم ومظلوم
نشرت صحيفة "العربي الجديد" العام الماضي تحقيقاً عن حالة لاعب كرة القدم اللبناني الذي يعيش في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، ومن أجل تطوير اللعبة على الاتحاد والإدارة الانتقال إلى الاحتراف على مراحل، لكن في الوقت الذي يقف فيه الجميع إلى جانب اللاعب اللبناني "المظلوم"، هل يقف اللاعب إلى جانب نفسه؟

في أي دوري في العالم وخصوصاً أوروبا، تحدث خلافات بين المدرب واللاعبين وقد تصل إلى حد مؤامرة لإقالة المدرب، لكن هذا الأمر يظهر بعد مرور نصف الموسم تقريباً مثلما حصل مع مورينيو في "البريميرليغ"، لكن المثير للجدل أن فريق العهد الذي لم يخسر أي مباراة، غادر مدربه، موسى حجيج، وأنهى مسيرته مع الفريق سريعاً، ورغم أن كثيرين تحدثوا في الوسط الرياضي عن مؤامرة حيكت من اللاعبين ضد حجيج، إلا أنه من غير المنطق استقالة مدرب بسبب تعادله في أربع مباريات متتالية، بينما إدارة مثل فريق إيفرتون أقالت مدربها رونالد كومان بعد خسارته الخامسة في الدوري.

هناك مشكلة في عقلية اللاعب أولاً الذي لا يعتبر نفسه مُحترفاً ربما بسبب البيئة الرياضية التي يعيش فيها، لكن هذا الأمر ليس مُبرراً لأي لاعب أن يتصرف بعشوائية عندما يغادر الملعب ويذهب لشرب النرغيلة وعندما لا يلعب يُحرض الجمهور على طرد المدرب.

اللاعب اللبناني له حقوق مهدورة وهذا الأمر يتفق عليه جميع القيمين على هذه اللعبة، لكن لا يمكن لهذه الحقوق أن تأتي بدون عمل احترافي من اللاعب أولاً، لا يمكن لأي لاعب مهما كان حجمه أن يتحكم بقرارات مدرب ولا يمكن أن يطلب شارة القيادة من زميله بدون موافقة المدرب، وإذا لم ينل ما أراده يُشعل ثورة في النادي ويقيل مدرباً، فمصلحته الشخصية أهم من مصلحة النادي.

من هنا يأتي دور النادي الذي عليه فرض سيطرته الإدارية ووضع حد لكل مخالف ومعاقبته، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالمدرب الذي منحه كامل الصلاحية قبل بداية الموسم. على الأندية أن تجري دورات تدريبية للاعبين على عقلية الاحتراف وكيف يجب على اللاعب أن يتعامل مع الجهاز الفني والإداري وكيف يتصرف داخل وخارج الملعب، لكن طبعاً في ظل عدم قدرة النادي على تأمين جو احترافي للاعب، لا يمكن لوم اللاعب فقط على كل المشاكل.

اللاعب اللبناني مظلوم، لكنه في نفس الوقت ظالم، ظالم بحق نفسه لأنه لا يعمل باحترافية مع الفريق الذي يلعب معه، ظالم لأنه يُبدي مصلحته الشخصية على مصلحة الفريق، ظالم لأنه يعتبر المدرب شخصاً يجلس على دكة البدلاء ويوجه ملاحظات فقط، ظالم لأنه يعتبر نفسه فقيهاً في كل شيء ولا يمنح أهمية للهيكلية الإدارية التي يجب أن تُنظم العمل الإداري.

دلالات