كرة القدم.. إلى أين؟

02 نوفمبر 2015
(getty)
+ الخط -

قد يبدو للوهلة الأولى عنواناً "دراماتيكياً" بعض الشيء لكن إذا ما أخذنا تاريخ كرة القدم منذ بداياتها إلى يومنا هذا، وراقبنا التطوّر الذي طرأ عليها، نجد أنه سؤال مشروع بكل معنى الكلمة.

من الزي إلى القوانين وصولاً للكرة نفسها، أمور، تعرّضت جميعها لتغييرات عدّة خلال السنين، لتصل إلى ما وصلت عليه. كان التطوّر أمراً لا بدّ منه بل مطلوباً، خاصة على صعيد القوانين، فكُرة القدم أصبحت أجمل وأكثر حماساً بعد اعتماد قانون التسلّل مثلاً.

ومع كل تطوّر طرأ على اللعبة الأشهر في العالم، كان يحصل تطور آخر على نوعية اللاعبين ونجوم هذه اللعبة. أي، من كان نجماً في الستينيات، لم يكن هو نفسه نجم السبعينيات أو الثمانينيات، من ناحية المهارة وأسلوب اللعب والتقنيات.

لا شك أن فترة الثمانينيات والتسعينيات هي الفترة الذهبية لكرة القدم من جميع نواحيها. من نجومها وقوانينها وكل ما يتعلّق بها. ففي تلك الفترة أخذت كرة القدم شكلها المُكتمل والأفضل عبر السنين، وبرز فيها نجوم من الصّعب تكرارهم مرة أخرى.

وعلى الرغم من أن التطوّر في الحياة أمر مطلوب وضروري، ومن الطبيعي أن يطرأ على الرياضات ومن بينها كرة القدم، إلا أن التطوّر الذي يصيب اللعبة في السنوات العشر الأخيرة يدعو إلى القلق، إن صحّ التعبير.

فالتغيّر لم يعد فقط في الزّي والقوانين وشكل الكرة فقط، بل بدأ يشمل أسلوب اللعب نفسه وطريقة التشجيع ومقياس النجاح.

الآن، أغلب متتبّعي كرة القدم لا يجدون متعة في مباراة لا يسجّل فيها أهداف مثلاً، مهما كانت مباراة قويّة وممتعة، ولا يجدون اللاعب جيداً أو قوياً أو نجماً إذا لم يجمع عدداً كبيراً من الأهداف، بغض النظر عن طريقة تسجيله لها.

اليوم، اللاعب الذي يبيع قميصه أكثر هو اللاعب الأفضل، هو النجم. ولا يهمّ أحد إن كان هو بالفعل "نجم"، أم أن هناك أموراً أخرى ساهمت في جعله نجماً، أمور لا علاقة لها بكرة القدم لا من قريب ولا من بعيد.

قد يكون لتدخّل الأموال باللعبة بشكل فاضح ومباشر التأثير الكبير في هذا التوجّه عند المشجعين، وقد يكون لفساد "الفيفا" في السنوات الأخيرة أيضاً اليد في ذلك. هذا الفساد الذي بدأت تنكشف أسراره شيئاً فشيئاً.

جيل بأكمله، بات ينشأ على هذه الفكرة وهذه الطريقة في فهم كرة القدم، لهذا، الخوف والقلق من أنه حتى لو حُلّت أزمة فساد الفيفا، ووضعت قوانين جديدة للحدّ من سيطرة الأموال على اللعبة، سيأخذ الموضوع عدّة سنوات قبل أن تعود كرة القدم إلى شكلها المعهود.. شكلها الطبيعي، لكن الخوف من الجيل الذي سينشأ على كرة القدم هذه، معتقداً أن هذه هي وهذا هو شكلها.

في ما مضى، كانت هناك أسماء ونجوم ينحني الجميع أمامها، أسماء لم تحرز البطولات ولا الألقاب ولا الجوائز الفردية، لكنّها أحرزت ما هو أهم، إعجاب الجماهير وإقناعها. أما الآن، اللاعب الذي لا يسجّل ليس لاعباً كبيراً، والذي لا يبيع قميصه أكثر ليس نجماً.

لعلّ المشكلة الأبرز في هذا الموضوع هي أنه لا يزال هناك الكثيرون من محبّي وعشاق كرة القدم بنسختها السابقة تلك، هؤلاء الذين ما زالوا يستمتعون بمباراة لا تحمل أهدافاً، وبأداء لاعب لا يسجّل، هؤلاء الذين يعشقون كرة القدم كما هي.. بعيداً عن أي اعتباراتٍ أخرى.

وبين هؤلاء المشجعين وأولئك فجوة كبيرة مُخيفة، تدعو إلى السؤال: كرة القدم، إلى أين؟

لمتابعة الكاتبة... https://twitter.com/ShifaaMrad

المساهمون