كان خريفاً وسريعاً

07 نوفمبر 2016
فاتح المدرّس / سورية
+ الخط -
كان ذلك الخريفُ سريعاً
الأعشاب صفراءُ طويلةٌ
حول بيوتٍ بحريةٍ مهجورةٍ
قناطرها العالية مُشرعةٌ
لصوت الموجِ والليل.
والمساءُ هادئٌ،
مثل آثار الرصاصٍ على إسمنت بناياتٍ
خالية إلا من نباتات تسلَقتْها على مهلٍ،
كنّا وصلنا من بلادنا،
من ضجيج قنابلَ وصواريخَ وحرائق،
إلى ضجيج أحاديث بشرٍ في بلادهم.
كان خريفاً وسريعاً،
وبختِني ذاك الصباح،
لأني نمت طويلاً ونسيت موعدنا،
نجوبُ شوارعَ مكتظة،
أسواقاً،
مقاهيَ،
نصعدُ معاً أدراجاً ملوّنةً كبيانو،
تتكئين من ألم في قدميك عليّ،
وتغضبين من شرودي،
عن رائحة البلل في جلدك حين أسهو،
"كم سأحتاج لآلف نفسي في أشياء بلادٍ جديدة؟
كم آتٍ غامضٍ عليّ أن أحيا في برزخه،
قبل أن آلفني في جسدك؟"
كان سريعاً ذلك الخريف،
كان شاسعاً كأنه لم يكن،
لكنه الآن يرشحُ،
من خريفٍ كلِيلٍ،
بطيئاً
بطيئاً.

* شاعر سوري مقيم نيويورك


المساهمون