تمتعت كامالا هاريس التي اختارها المرشح الديمقراطي للبيت الأبيض جو بايدن نائبة له بعلاقات ودية مع شركات التكنولوجيا الأميركية في "وادي السيليكون"، منذ ترشحها لمنصب المدعية العامة في ولاية كاليفورنيا عام 2010.
وعلمت كامالا هاريس منذ بداية مشوارها السياسي أن التواصل مع شركات التكنولوجيا لا مفرّ منه؛ في حملاتها الانتخابية السابقة ــ انتخابها مرتين لمنصب المدعية العامة وترشيحها لمجلس الشيوخ وفشلها في الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة الأميركية ــ اعتمدت كامالا هاريس على تبرعات النخبة من "وادي السيليكون"، واستفادت من شبكة تضم أفراداً من عائلتها وأصدقائها ومساعديها السياسيين السابقين في عالم التكنولوجيا.
لكن هذه العلاقات الوطيدة مع القطاع تزامنت مع خضوعه للتدقيق المشدد من المنظمين والمشرعين حول العالم. ويقول منتقدو هاريس إنها بصفتها المدعية العامة في كاليفورنيا لم تقدم على أي خطوة تذكر للحدّ من نفوذ عمالقة التكنولوجيا الذين تمادوا في احتكار السوق وتهميش المنافسين. وبصفتها عضواً في مجلس الشيوخ، كانت تسعى دائماً إلى دعم مصالح هذه الشركات.
رئيس منظمة مراقبة المستهلك في كاليفورنيا، جيمي كورت، قال إن مجموعته ضغطت على هاريس عام 2011، لدعم التشريعات التي من شأنها أن تجبر الشركات على التوقف عن مراقبة نشاط المستخدمين عبر الإنترنت إذا ذكروا بوضوح أنهم لا يريدون تعقبهم. لكن هاريس رفضت رعاية مشروع القانون أو دعمه، وفق ما صرح لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
ويتخوف نقّاد صناعة التكنولوجيا حالياً من احتمال فوزها بمنصب نائبة الرئيس، في حال وصول جو بايدن إلى الرئاسة الأميركية، لأن ذلك يعني عودة الودّ الذي جمع البيت الأبيض و"وادي السيليكون" في عهد الرئيس السابق بارك أوباما.
وعلى الرغم من أن نواب الرئيس نادراً ما يحددون سياسة الإدارة، فمن المتوقع، بصفتها مدعية عامة سابقة للولاية، أنه سيكون لهاريس رأي في التعيينات السياسية لبايدن في وزارة العدل، بما في ذلك المسؤولون الذين يشرفون على تطبيق مكافحة الاحتكار. ويمكن أن يكون لها أيضاً تأثير كبير على سياسة التكنولوجيا في إدارة بايدن، خاصة أن الأخير صب تركيزه على قضايا أخرى.
وقال الاقتصادي المتخصص في مكافحة الاحتكار والمدير الإداري في شركة "إيكون وَن" للاستشارات، هال سينغر، لـ"نيويورك تايمز"، إن فوز هاريس "سيكون خبراً جيداً" بالنسبة إلى الشركات التكنولوجية التي ستشعر أن لديها "شخصاً من فريقها في الإدارة الأميركية سيهبّ لمساعدتها عند الحاجة".
وأفادت "نيويورك تايمز" بأن الديمقراطيين في "وادي السيليكون" كانوا من المؤيدين المتحمسين لهاريس، ففي حملتها الأولى على مستوى الولاية جمعت أموالًا بنسبة 36 في المائة أكثر من خصمها الجمهوري، بفضل تبرعات كبيرة من مستثمري التكنولوجيا البارزين مثل الملياردير جون دوير الذي كان من أوائل المستثمرين في "غوغل"، ورون كونواي المستثمر النشط في الحزب الديمقراطي. وفي محاولة إعادة انتخابها، تدفقت عليها التبرعات من كبار اللاعبين في مجال التكنولوجيا، من أمثال مديرة العمليات والاسم الثاني في "فيسبوك" بعد مارك زوكربيرغ، شيريل ساندبرغ، وكبير المسؤولين السابق في شركة "آبل" جوني آيف، والرئيس التنفيذي في شركة "سيلزفورس" مارك بينيوف.
وتعاقدت هاريس مع أسماء ثقيلة في القطاع، إذ استضافت أرملة ستيف جوبز، لورين بويل جوبز، حملة جمع تبرعات لها في الفناء الخلفي لمنزلها الكائن في بالو ألتو عام 2013. خلال العام نفسه حضرت هاريس حفل زفاف المسؤول في "فيسبوك" شون باركر.
كما أن أفراداً من عائلتها وأصدقائها وزملائها يعدون جزءاً من سياسة "الباب الدوّار" بانتقالهم من السياسة إلى التكنولوجيا وبالعكس؛ لارتيس تيفيث غادر منصبه مستشاراً أول لهاريس في مجلس الشيوخ عام 2018، ليصبح عضواً في مجموعة الضغط الخاصة بشركة "أمازون". ريبيكا بروزان التي أدارت الحملة الأولى لكامالا هاريس في مقاطعة سان فرانسيسكو تتولى حالياً أحد أكبر مناصب مسؤولي الشؤون الحكومية في شركة "غوغل" في كاليفورنيا. صهر هاريس والمسؤول السابق في وزارة العدل الأميركية، توني ويست، هو كبير المسؤولين القانونيين حالياً في شركة "أوبر".
في المقابل، انتقد جو بايدن شركات التكنولوجيا خلال أكثر من مناسبة، ووصف شركة "فيسبوك"، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بـ"غير المسؤولة" في تعاملها مع أزمة المعلومات المضللة على شبكاتها الاجتماعية، وقال إنه يجب إلغاء الحماية المعطاة لشركات التكنولوجيا من مسؤولية ما ينشره المستخدمون عبر منصاتها، وذلك في مقابلة مع هيئة تحرير "نيويورك تايمز".