أوقفت شركات خطوط جوية عديدة رحلاتها عبر طائرات طراز بوينغ "737 ماكس 8" بعد تكرار حوادثها المأساوية خلال الفترة الأخيرة، فكانت الصين وإثيوبيا والمغرب وشركة جنوب أفريقية، قد أعلنت تعليق رحلاتها للطائرات التابعة لهذا الطراز.
وطلبت الصين من شركات الطيران لديها، تعليق رحلات طائراتها من بوينغ "737 ماكس 8"، وذلك بعد تحطّم طائرة من الطّراز نفسه تابعة للخطوط الجوّية الإثيوبيّة، أول من أمس، كانت متّجهة من أديس أبابا إلى نيروبي.
واليوم الإثنين، انخفضت أسهم شركة "بوينغ" الأميركية لصناعة الطائرات 12%، في بورصة نيويورك، قبيل افتتاح السوق رسمياً، بسبب تحطم الطائرة الإثيوبية الذي راح ضحيته 157 شخصاً.
وقال المكتب الصيني للطيران المدني في بيان، إنّ استخدام تلك الطائرات قد يُستأنف بعد تأكيد من جانب السُلطات الأميركيّة وشركة بوينغ في ما يتعلّق بـ"الإجراءات المتّخذة لضمان سلامة الرّحلات بشكل فعّال".
وقالت شركة الخطوط الإثيوبية إنّ الركّاب الـ157 الذين كانوا على متن الطائرة التابعة لها توفوا جميعا. وللمرّة الثانية في غضون أشهر، تتحطّم طائرة بوينغ من هذا الطراز بعد دقائق من إقلاعها، إذ تحطمت طائرة من هذا الطراز تابعة للخطوط الجوية الإندونيسية "لايون إير" للطيران منخفض التكلفة قبالة سواحل إندونيسيا بعيد إقلاعها من جاكرتا في أكتوبر/ تشرين الأول، ما أدى إلى مقتل 189 شخصاً كانوا على متنها.
ولتبرير قراره، قال المكتب الصيني للطيران المدني، إنّه "في ضوء أنّ الحادثين الجوّيَين (في إثيوبيا وإندونيسيا) يتعلّقان بطائرتَي بوينغ "737 ماكس 8" كان قد تمّ تسليمهما حديثاً، وأنّ الحادثين وقعا خلال مرحلة الإقلاع، فهناك قدر من التشابه بينهما".
من جانبها، أعلنت الخطوط الإثيوبية وقف استخدام طائرات بوينغ "737 ماكس 8" بعد كارثة الأحد. وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن الوظيفة الجديدة في نظام منع الكبح الآلي قد تكون أحد أسباب وقوع الطائرة الإندونيسية من نفس الطراز، إذ تؤدي إلى دفع مقدمة الطائرة إلى الأسفل بصورة خطيرة لدرجة أنه لن يكون بمقدور الطيارين إعادتها إلى الوضع الأفقي في نظام التحكم اليدوي.
وذكر خبراء السلامة المشاركون في التحقيق، أن "بوينغ" لم تبلغ أحداً بالوظائف الجديدة، ولم تنشر هذه المعلومات في تعليماتها للطيارين أو حتى في منشورات الأمان.
وأشارت اللجنة الوطنية لسلامة النقل في إندونيسيا إلى أن الرحلة رقم 610 لطائرة شركة لاين إير قد تعرضت لـ"مدخلات خاطئة"، من أحد أجهزة الاستشعار، المصممة لتنبيه الطيارين، في حال تعرُّض الطائرة لخطر التوقف.
من جانبها، قالت شركة بوينغ، أمس، إن "فريقا فنيا مستعد لتقديم المساعدة الفنية، بناء على طلب وتوجيه اللجنة الوطنية الأميركية لسلامة النقل".
وقال التلفزيون الإثيوبي إن المحققين عثروا على الصندوق الأسود لطائرة الخطوط الجوية الإثيوبية التي تحطمت.
وفي سياق ردود الفعل على تكرار حوادث الطائرات الأميركية، قررت الخطوط الملكية المغربية، أول من أمس، تعليق رحلاتها مؤقتاً على متن طائرات بوينغ 737 ماكس 8 بعد فاجعة سقوط طائرة تابعة للناقلة الإثيوبية.
وارتأت الناقلة المغربية، إخضاع الطائرة التي تعمل من هذا النوع منذ بداية يناير/ كانون الثاني الماضي للصيانة. ويتوفر المغرب على طائرة أخرى من نفس الصنف، حصل عليها في منتصف فبراير/ شباط الماضي، لكنها لم تبدأ في الطيران.
ويترقب المغرب الحصول على طائرتين من نفس النوع في الشهرين المقبلين، ويؤكد مصدر من الناقلة، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن التعليق يأتي من أجل التأكد من سلامة الطائرات التي يشتريها من بوينغ.
ويرتبط المغرب بعلاقات تجارية تاريخية مع الصانع الأميركي، حيث إنه يفضلها على الطائرات الأخرى، خاصة تلك التي توفرها المصانع الأوروبية. وكان المغرب أبرم اتفاقية مع بوينغ مؤخرا من أجل شراء ثماني طائرات جديدة، بقيمة مليار دولار، بهدف فتح طرق جديدة، وتعزيز الريادة في القارة الأفريقية.
ويرتفع أسطول المغرب، بعد وصول الطائرات الجديدة، إلى 64 طائرة، من بينها 9 طائرات بوينغ دريملينر، و37 بوينغ 737 و 4 بوينغ 737 ماكس 8. وتراهن الخطوط الملكية المغربية، على استعمال الطائرات الجديدة، في الرحلات المتوسطة نحو أوروبا والعالم العربي وأفريقيا، ويبلغ سعر الواحدة منها 100 مليون دولار، تصل قدرتها الاستيعابية إلى 156 مقعد.
وكان الرئيس التنفيذي للناقلة المغربية، حميد عدو، عبر عن نيته في مضاعفة عدد الطائرات التي تمتلكها الشركة. وصرح بأن الطائرات الجديدة، ستوظف في وجهات جديدة وأخرى موجودة، مثل نيويورك التي تحتاج لرحلات أكثر تتوفر فيها شروط الراحة.
ولم يخف مسؤولون في الخطوط الملكية المغربية في فترة سابقة، رغبتهم في التحالف مع شركات ذات حضور عالمي في مجال النقل الجوي، على أن اعتبار أن حجمها الحالي لا يخول لها توفير بعض الخدمات.
ووضعت الشركة المملوكة للدولة، خريطة طريق لتطويرها في المستقبل، في ظل فتح الأجواء ومواجهتها لمنافسة شديدة من فاعلين دوليين في القطاع.
وتتوخى الناقلة الوطنية الاستجابةَ للطلب على الرحلات الطويلة، وترسيخ وجودها في القارة الأفريقية، والمساهمة في تحقيق أهداف الاستراتيجية السياحية للمملكة، خاصة أن الفاعلين يعتبرون أن جذب سياح من البلدان الصاعدة في هذا المجال رهين برفع طاقة النقل الجوي.
وتنتظر الشركة التي تأسست قبل ستين عاما، موافقة الحكومة على مخطط تطويرها وتفعيله في الأعوام المقبلة، على اعتبار أنه سيكون على الدولة ضخ أموال في ماليتها من أجل تحقيق أهدافها.