ليس سرّاً أنّ الإجهاد والتوتّر يجلبان أمراضاً ومتاعب كثيرة للناس، خصوصاً كبار السن. لكنّ ربّما لا يعرف كثيرون أن القليل من التوتر قد يكون علاجاً جيداً لأمراض عدة. وتفيد دراسة حديثة بأنّ علماء الأحياء الجزيئيّة اكتشفوا أنّ القليل من الإجهاد يمكن أن يكون سبباً لصحّة جيّدة للخلايا البشرية. ويمكن لهذه الدراسة أن تساعد الباحثين على فهم كيفية عمل الخلايا المسؤولة عن الشيخوخة، والأمراض المرتبطة بالتقدّم في العمر.
بحلول عام 2030، ستزيد نسبة كبار السن في العالم. في اليابان على سبيل المثال، سيشكّل من هم فوق الخامسة والستين من العمر ثلث عدد السكان، وسيتخطى عددهم السبعين مليوناً في الولايات المتحدة، وسيشكلون ربع مواطني الاتحاد الأوروبي. وفي ظل زيادة نسبة التعليم والتقدم الطبي، سيتوجّب على المجتمع إيجاد حلول لأمراض الشيخوخة. وبات البحث عن وسيلة لتحسين مستوى صحّة كبار السن أمراً أساسياً إلى درجة كبيرة، استناداً إلى الدراسة الأخيرة.
ووجدت الدراسة أنّ التوتّر والإجهاد المعتدل والمتوسط يُساهم في منع تراكم البروتينيات التالفة التي يمكن أن تسبّب أمراضاً مثل الألزهايمر والباركنسون وغيرها. ويقول المؤلف الرئيسي في الدراسة، وأستاذ العلوم البيولوجية الجزيئية، ومدير معهد "رايس" للبحوث الطبية الحيوية في جامعة نورث ويسترن، ريتشارد موريموتو، إنّ هذه النتيجة لم تظهر من قبل. يضيف: "الناس يعرفون أن إجهاد الخلايا لفترات طويلة يمكن أن يكون ضاراً، لكنّنا اكتشفنا أن قليلاً منه يمكن أن يكون وصفة إستراتيجية للبقاء على قيد الحياة. ولُوحظ أنّ الإجهاد لدى الحيوانات يُضاعف عمرها مثل السحر. وبعض هذه الحيوانات لديها بيئة كيميائية حيوية وخصائص مماثلة لتلك التي لدى البشر. لذلك، تُعدّ أداة بحثية جيّدة لدراسة بيولوجيا الشيخوخة، ونموذجاً لأمراض الإنسان.
ويقول الباحثون إنّ النتائج التي وفرتها الدراسة تمثل إستراتيجية للتعامل مع الشيخوخة لدى البشر، وكيف يمكن توفير الاستقرار للخلايا مع التقدّم في العمر. ورغم أنه قد لا يكون ممكناً في الوقت الحالي إيجاد طريقة لجعل الناس يعيشون فترة أطول، لكن بدلاً من ذلك يمكن زيادة مستوى الصحة لدى الناس. إضافة إلى ما سبق، يتوجّب على الناس الالتزام بأمور أساسية لضمان عيش حياة صحية، منها ممارسة الرياضة بشكل دائم، وتناول غذاء صحي.