استمع إلى الملخص
- حمى الضنك مرض متوطن في باكستان، وتزداد العدوى بعد الفيضانات. تواجه البلاد خطر تفشي المرض، مما يتطلب علاجًا فوريًا وفعالًا، وتعمل السلطات على توعية المواطنين وتنسيق الجهود.
- تتخذ الأقاليم خطوات لمكافحة المرض، مثل إنشاء غرف عمليات وأرقام ساخنة، لكن الخبراء يؤكدون على ضرورة تعاون المواطنين للقضاء على أماكن تجمع المياه.
مع تزايد تفشّي حمى الضنك في باكستان، راحت إسلام أباد تحذّر من ارتفاع كبير في عدد المصابين بهذا المرض الفيروسي، الذي ينقله البعوض، في الأشهر المقبلة، ولا سيّما وسط الظروف المواتية بعد الفيضانات الأخيرة.
أعلنت السلطات الصحية في باكستان أخيراً أنّ الإصابات بمرض حمى الضنك تتزايد بصورة متسارعة في البلاد، الأمر الذي أدّى إلى استنفار الجهات الرسمية المعنية. وأصدرت وزارة الصحة الباكستانية، في هذا الإطار، دليلاً يتضمّن إرشادات خاصة لمكافحة هذا المرض، من خلال شرح كيفية الإبقاء على البيئة المحيطة نظيفة وجافة لمنع انتشار فيروس حمى الضنك الذي يتسبّب في العدوى، فيما شدّدت على أهمية تعاون المواطنين مع الفرق الصحية الموكَلة بمهام السيطرة على تفشّي هذا الفيروس وبالتالي على المرض.
وتفيد منظمة الصحة العالمية بأنّ حمى الضنك مرض متوطّن في باكستان، الأمر الذي يعني أنّ العدوى تنتقل على مدار السنة في هذه البلاد، غير أنّ المرض يبلغ ذروته الموسمية في فترات زمنية محدّدة. وتترافق الذروة، في العادة، مع فيضانات تتسبّب في تفاقم الأوضاع، ولا سيّما مع انتشار البعوض حامل العدوى. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ السكان في باكستان معرّضون لخطر الإصابة بالعدوى أكثر من مرّة، إذ إنّ تفشّي حمى الضنك يتكرّر في البلاد، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدّي إلى مضاعفات وخيمة محتملة في حال لم يُعالَج المرض على الفور وبالطريقة اللازمة.
ووفقاً لما تبيّنه وزارت الصحة المحلية في الأقاليم الباكستانية، فإنّ عدد المصابين بمرض حمى الضنك في تزايد متواصل، وبالتالي ثمّة خشية من تفشي المرض بشكل كبير، ابتداءً من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وإذ أشارت إلى أنّ الأسباب المؤدية إلى تفشّي العدوى قائمة، فإنّها ترى في توعية المواطنين أمراً أساسياً، فيما تعمل لتحقيق تنسيق كامل على كلّ الأصعدة بين مختلف الدوائر المعنية، من أجل التصدّي لتفشّي حمى الضنك بطريقة مناسبة وبصورة عاجلة.
وتصدر وزارات الصحة، كلّ واحدة في إقليمها، بيانات يومية تضمّنها المستجدّات ذات الصلة، لجهة أعداد المصابين الجدد بمرض حمى الضنك وأحوالهم. وفي هذا السياق، كانت وزارة الصحة في إقليم البنجاب، شرقي باكستان، قد أفادت، قبل أيام، بأنّ عدد الإصابات الأكبر يُسجَّل في مدينة لاهور (عاصمة الإقليم) وضواحيها، مع الإشارة إلى أنّ تفشّي المرض في الأرياف أقلّ ممّا هو في المناطق الحضرية.
وبينما يؤكد الطبيب المتخصص في الأمراض الداخلية عادل برويز لـ"العربي الجديد" أنّ "المعلومات بشأن مدينة لاهور صحيحة"، فإنّه يشير إلى أنّ "القول بأنّ المرض أقلّ انتشاراً في الأرياف أو غير مسجّل فيها أمر غير صحيح". ويضيف أنّ "عدم توفّر أرقام لدى الحكومة لا يعني عدم وجود مصابين"، متّهماً إياها بأنّها "غير جادة في إحصاء الإصابات". ويتابع برويز أنّ "سكان الأرياف بمعظمهم لا يقصدون المستشفيات، في حين أنّ المستشفيات والعيادات الطبية غير متوفّرة في عدد كبير من تلك المناطق. وبالتالي فإنّ المصابين موجودون وأكثر، لكنّ الأرقام غير موجودة مع الحكومة".
بدورها، أفادت وزارة الصحة في إقليم خيبربختونخوا، شمال غربي باكستان، بأنّ ثمّة تزايداً في عدد المصابين بمرض حمى الضنك في الإقليم أخيراً، وقد توقّعت ارتفاع عدد المصابين فيما أكدت أنّ الحكومة تعمل من أجل التصدّي لتفشّي هذا المرض. كذلك أشارت الوزارة في خيبربختونخوا إلى أنّها أنشأت غرفة مشتركة للجهات المختلفة المعنية، وخصّصت أرقام هواتف ساخنة على مدار الساعة، من أجل الوصول إلى المصابين بحمى الضنك. وأوضحت أنّها شكّلت 170 فرقة جوّالة من الأطباء لزيارة المناطق النائية في الإقليم، من أجل معالجة مرض حمى الضنك هناك، مع العمل على توعية المواطنين بكيفية الوقاية من حمى الضنك وطرق معالجة المرضى.
وكان نائب عمدة مدينة بيشاور، مركز إقليم خيبربختونخوا، سليم أكرم، قد قال، في مؤتمر صحافي أخير، إنّ تفشّي حمى الضنك في الأيام المقبلة سوف يأخذ منحى خطراً، وإنّ الحكومة تعمل بصورة متواصلة للتصدّي لهذا المرض، مستخدمة كلّ الوسائل، وقد اتّخذت كلّ الإجراءات اللازمة في المستشفيات لاستقبال المصابين. لكنّ أكرم لفت إلى أنّ جهود الحكومة وحدها لن تكون كافية، داعياً المواطنين إلى "التعاون مع الحكومة والجهات المعنية من خلال القضاء على أماكن تجمّع المياه، ومراعاة النظافة في المنازل والشوارع، مع اتّخاذ كلّ التدابير اللازمة من أجل حماية أنفسهم وعائلاتهم من الإصابة بحمى الضنك".
في سياق متصل، كانت إدارة الأرصاد الجوية الباكستانية قد حذّرت في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي من تفشّي الأمراض الموسمية في شهر أكتوبر الجاري، ولا سيّما مرض حمى الضنك الذي يبلغ ذروته عادة في مثل هذا الوقت من العام. وأوضحت، في بيان أصدرته في 25 سبتمبر الماضي، أنّه من المعطيات المتوفّرة لديها فإنّ مرض حمى الضنك سوف يتفشّى بصورة كبيرة في 10 مدن باكستانية، ابتداءً من بداية شهر أكتوبر. والمدن المعنية هي، بحسب إدارة الأرصاد الجوية، مدينة كراتشي مركز إقليم السند، ولاهور مركز إقليم البنجاب، وبيشاور مركز إقليم خيبربختونخوا، والعاصمة إسلام أباد، ومدينة راولبندي العسكرية المجاورة للعاصمة، ومدينتا حيدر أباد ولا ركانا في إقليم السند، ومدن فيصل أباد وسيالكوت وملتان في إقليم البنجاب. وقد طلبت الإدارة من كلّ الدوائر الحكومية المعنية التنسيق والعمل معاً لأنّ ارتفاع عدد المصابين بمرض حمى الضنك، بين أكتوبر ونهاية العام الجاري، قد يتحوّل إلى كارثة.