شكّل قطار المشاعر المقدسة ثورة كبرى في عمليات النقل خلال موسم الحج، إذ بات في إمكان الحجاج التنقل بين المناطق المقدسة، من دون معاناة كبيرة كالتي كانت في الماضي، خصوصاً لجهة وعورة المناطق الجبلية مثل منى ومزدلفة.
ينقل قطار المشاعر المقدسة الذي افتتح بشكل جزئي عام 2010 ما بين 300 ألف و350 ألف حاج في 1000 رحلة خلال 7 أيام فقط، إذ يصل عدد القطارات إلى 17، تضم 204 عربات مكيفة طول الواحدة منها 300 متر. وتمكن القطار الذي اكتملت آخر مراحله العام الماضي من تخليص المشاعر المقدسة من الازدحام المتكرر سنوياً، والذي يؤدي أحياناً إلى حالات وفاة، خصوصاً عند مشعري منى ومزدلفة، بالإضافة إلى الاختناق المروري الهائل الذي يسببه سائقو الحافلات والسيارات الخاصة.
اقــرأ أيضاً
ويبدأ القطار مروره من محطة الجمرات ثم يصل إلى مشعر منى ثم إلى مشعر مزدلفة ثم إلى جبل عرفات حيث يؤدي الحجاج الوقفة قبل عيد الأضحى بيوم واحد، قبل أن يعودوا إلى مكة المكرمة لأداء بقية المناسك.
لكنّ مشروع القطار ألغى عشرات الآلاف من الوظائف الموسمية التي كان سكان المناطق المحيطة بالمشاعر المقدسة يعتمدون عليها خلال موسم الحج، وهي الوظائف المرتبطة بالنقل والبيع المتجول. وبحسب إحصاءات سعودية، فإنّ القطار ألغى عمل أكثر من 33 ألف حافلة في مكة المكرمة سنوياً وأكثر من 40 ألف وظيفة يقتات منها كثيرون من الشباب السعوديين أو المقيمين في مكة المكرمة والذين يرزح أغلبهم تحت وطأة البطالة في ظروف اقتصادية واجتماعية سيئة.
يحكي أحمد برماوي، وهو شاب ينحدر من الجيل الثالث من الجالية البرماوية التي تنتمي لأقلية الروهينغا والتي فرت من المذابح العرقية بحقها في ميانمار لـ"العربي الجديد": "القطار تسبب في حالة بطالة كبيرة في صفوف الفقراء في المناطق المقدسة الذين يعتاشون منذ عشرات السنين من العمل في مواسم الحج وعمرة رمضان، ويتخصصون في نقل الناس بين المشاعر المقدسة، إذ باتت الخدمات الآلية التي توفرها الحكومة وتجني أرباحها أكبر عدو لنا". يضيف برماوي: "بتنا اليوم ملاحقين ومهددين باتخاذ إجراءات ضدنا في حال نقلنا الحجاج، خصوصاً أولئك الذين لا يريدون ركوب قطار المشاعر أو الذين لا تتوافر لديهم تذاكر للركوب، إذ تشترط الجهات المنظمة للحج والتابعة للحكومة أن يركب الحجاج في شبكات المواصلات الخاصة بها والتي لا تعود بالنفع على سكان المناطق القريبة أبداً لأنّ الرواتب فيها متدنية جداً".
فبالرغم من فتح السلطات باب الوظائف الموسمية في موسم الحج عموماً، وفي قطار المشاعر خصوصاً، إذ تستعين بخدمات الآلاف من الشباب السعوديين والسعوديات بعد تدريبهم في معاهد فنية متخصصة في مدن الرياض والقصيم ومكة المكرمة، بالإضافة إلى وظائف لإدارة الحشود، فإنّ ذلك لا يعجب سائقي الحافلات والسيارات الخاصة الذين يقولون إنّ الوظائف مخصصة لفئة معينة، بالإضافة إلى أنّ رواتبها لا تقارن بأرباح ما كانوا يجنونه من العمل غير النظامي. لكنّ أحمد الهوساوي وهو مواطن سعودي يقول لـ"العربي الجديد": "عملت في نقل الحجاج خلال فترات سابقة، إلى ما قبل عامين، حين شددت الحكومة الإجراءات، فاتجهت إلى العمل الموسمي النظامي العام الماضي في إدارة الحشود في قطار المشاعر المقدسة، فقد اكتسبت خبرة بعد تدريبي على يد متخصصين أجانب في هذا المجال". يضيف: "نعم هناك فروق في الرواتب والأرباح وغيرها لكنّي عملت في الجانبين، ولمست راحة كبيرة للحجاج من خلال قطار المشاعر، إذ كان الحجاج من قبل يمضون في الحافلة التي كنت أعمل فيها ما بين ست ساعات وتسع، للوصول إلى المكان الذي يقصدون بسبب الازدحام المروري ووعورة الطرق وكثرة الحافلات التي تعدّ بالآلاف، أما اليوم فإنّهم يصلون إلى المكان المقصود في أقل من عشر دقائق".
تقول لمى بركات، وهي شابة سعودية تعمل سنوياً في الوظائف الموسمية خلال فترة الحج في قطار المشاعر المقدسة، لـ"العربي الجديد": "قطار المشاعر يوفر وظائف يصل عددها إلى الآلاف للشباب من الجنسين بعد تدريبهم وتأهيلهم وهو ما يعني مصدر دخل وتدريب وخبرة لهم". وعن الرأي الذي يقول إنّ القطار ساهم في القضاء على العوائد التجارية التي يجنيها الأفراد من خلال العمل في قطاع المواصلات الموسمي تقول لمى: "هؤلاء يريدون أن يكون موسم الحج موسماً فوضوياً ليسهل لهم اصطياد الحجاج والحصول على عائدات ضخمة من خلال استغلال كثيرين ممن لا يعرفون اللغة العربية أو قوائم الأسعار". تضيف: "إن تركت الجهات المختصة هؤلاء الباعة العشوائيين والعمال غير النظاميين يعملون خلال فترة الحج، لقالوا إنّ هذه الجهات لا تستطيع تنظيم عملية الحج، وإذا ما قامت بتنظيم عملهم وإجبارهم على استخراج تصاريح قالوا إنّها تقطع رزقهم".
اقــرأ أيضاً
بدوره، يتحدث حسن يعقوب الشطي، الذي يعمل في حملات الحج الكويتية منذ أكثر من ثلاثين عاماً لـ"العربي الجديد" عن قطار المشاعر: "إنّه ثورة كبرى خلال فترة الحج. في السابق كان السائقون يشكلون ما يشبه العصابة فيتآمرون على الحجاج ويتلاعبون بالأسعار ويؤخرون الحجاج عن الوصول إلى المشاعر حتى انتهاء مواعيدها، وذلك بناء على خلافات حول السعر، وغالباً ما يقع حجاج الدول الآسيوية والأفريقية (من خارج الوطن العربي) فريسة لهؤلاء".
ينقل قطار المشاعر المقدسة الذي افتتح بشكل جزئي عام 2010 ما بين 300 ألف و350 ألف حاج في 1000 رحلة خلال 7 أيام فقط، إذ يصل عدد القطارات إلى 17، تضم 204 عربات مكيفة طول الواحدة منها 300 متر. وتمكن القطار الذي اكتملت آخر مراحله العام الماضي من تخليص المشاعر المقدسة من الازدحام المتكرر سنوياً، والذي يؤدي أحياناً إلى حالات وفاة، خصوصاً عند مشعري منى ومزدلفة، بالإضافة إلى الاختناق المروري الهائل الذي يسببه سائقو الحافلات والسيارات الخاصة.
ويبدأ القطار مروره من محطة الجمرات ثم يصل إلى مشعر منى ثم إلى مشعر مزدلفة ثم إلى جبل عرفات حيث يؤدي الحجاج الوقفة قبل عيد الأضحى بيوم واحد، قبل أن يعودوا إلى مكة المكرمة لأداء بقية المناسك.
لكنّ مشروع القطار ألغى عشرات الآلاف من الوظائف الموسمية التي كان سكان المناطق المحيطة بالمشاعر المقدسة يعتمدون عليها خلال موسم الحج، وهي الوظائف المرتبطة بالنقل والبيع المتجول. وبحسب إحصاءات سعودية، فإنّ القطار ألغى عمل أكثر من 33 ألف حافلة في مكة المكرمة سنوياً وأكثر من 40 ألف وظيفة يقتات منها كثيرون من الشباب السعوديين أو المقيمين في مكة المكرمة والذين يرزح أغلبهم تحت وطأة البطالة في ظروف اقتصادية واجتماعية سيئة.
يحكي أحمد برماوي، وهو شاب ينحدر من الجيل الثالث من الجالية البرماوية التي تنتمي لأقلية الروهينغا والتي فرت من المذابح العرقية بحقها في ميانمار لـ"العربي الجديد": "القطار تسبب في حالة بطالة كبيرة في صفوف الفقراء في المناطق المقدسة الذين يعتاشون منذ عشرات السنين من العمل في مواسم الحج وعمرة رمضان، ويتخصصون في نقل الناس بين المشاعر المقدسة، إذ باتت الخدمات الآلية التي توفرها الحكومة وتجني أرباحها أكبر عدو لنا". يضيف برماوي: "بتنا اليوم ملاحقين ومهددين باتخاذ إجراءات ضدنا في حال نقلنا الحجاج، خصوصاً أولئك الذين لا يريدون ركوب قطار المشاعر أو الذين لا تتوافر لديهم تذاكر للركوب، إذ تشترط الجهات المنظمة للحج والتابعة للحكومة أن يركب الحجاج في شبكات المواصلات الخاصة بها والتي لا تعود بالنفع على سكان المناطق القريبة أبداً لأنّ الرواتب فيها متدنية جداً".
فبالرغم من فتح السلطات باب الوظائف الموسمية في موسم الحج عموماً، وفي قطار المشاعر خصوصاً، إذ تستعين بخدمات الآلاف من الشباب السعوديين والسعوديات بعد تدريبهم في معاهد فنية متخصصة في مدن الرياض والقصيم ومكة المكرمة، بالإضافة إلى وظائف لإدارة الحشود، فإنّ ذلك لا يعجب سائقي الحافلات والسيارات الخاصة الذين يقولون إنّ الوظائف مخصصة لفئة معينة، بالإضافة إلى أنّ رواتبها لا تقارن بأرباح ما كانوا يجنونه من العمل غير النظامي. لكنّ أحمد الهوساوي وهو مواطن سعودي يقول لـ"العربي الجديد": "عملت في نقل الحجاج خلال فترات سابقة، إلى ما قبل عامين، حين شددت الحكومة الإجراءات، فاتجهت إلى العمل الموسمي النظامي العام الماضي في إدارة الحشود في قطار المشاعر المقدسة، فقد اكتسبت خبرة بعد تدريبي على يد متخصصين أجانب في هذا المجال". يضيف: "نعم هناك فروق في الرواتب والأرباح وغيرها لكنّي عملت في الجانبين، ولمست راحة كبيرة للحجاج من خلال قطار المشاعر، إذ كان الحجاج من قبل يمضون في الحافلة التي كنت أعمل فيها ما بين ست ساعات وتسع، للوصول إلى المكان الذي يقصدون بسبب الازدحام المروري ووعورة الطرق وكثرة الحافلات التي تعدّ بالآلاف، أما اليوم فإنّهم يصلون إلى المكان المقصود في أقل من عشر دقائق".
تقول لمى بركات، وهي شابة سعودية تعمل سنوياً في الوظائف الموسمية خلال فترة الحج في قطار المشاعر المقدسة، لـ"العربي الجديد": "قطار المشاعر يوفر وظائف يصل عددها إلى الآلاف للشباب من الجنسين بعد تدريبهم وتأهيلهم وهو ما يعني مصدر دخل وتدريب وخبرة لهم". وعن الرأي الذي يقول إنّ القطار ساهم في القضاء على العوائد التجارية التي يجنيها الأفراد من خلال العمل في قطاع المواصلات الموسمي تقول لمى: "هؤلاء يريدون أن يكون موسم الحج موسماً فوضوياً ليسهل لهم اصطياد الحجاج والحصول على عائدات ضخمة من خلال استغلال كثيرين ممن لا يعرفون اللغة العربية أو قوائم الأسعار". تضيف: "إن تركت الجهات المختصة هؤلاء الباعة العشوائيين والعمال غير النظاميين يعملون خلال فترة الحج، لقالوا إنّ هذه الجهات لا تستطيع تنظيم عملية الحج، وإذا ما قامت بتنظيم عملهم وإجبارهم على استخراج تصاريح قالوا إنّها تقطع رزقهم".
بدوره، يتحدث حسن يعقوب الشطي، الذي يعمل في حملات الحج الكويتية منذ أكثر من ثلاثين عاماً لـ"العربي الجديد" عن قطار المشاعر: "إنّه ثورة كبرى خلال فترة الحج. في السابق كان السائقون يشكلون ما يشبه العصابة فيتآمرون على الحجاج ويتلاعبون بالأسعار ويؤخرون الحجاج عن الوصول إلى المشاعر حتى انتهاء مواعيدها، وذلك بناء على خلافات حول السعر، وغالباً ما يقع حجاج الدول الآسيوية والأفريقية (من خارج الوطن العربي) فريسة لهؤلاء".