(قصتي - نادال) لقب من غابات السافانا (4)

17 أكتوبر 2015
+ الخط -


يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار عالم الرياضة ونجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بنجم التنس الإسباني رافائيل نادال.

تقريبا عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري سنحت لي فرصة الانفصال عن عمي كمدرب، حيث عُرضت عليّ منحة للانتقال إلى برشلونة، التي تبعد عن مايوركا مسافة 30 دقيقة بالطائرة، للتدرب في أكاديمية "سان جوت ديل فايس للأداء العالي"، وهي واحدة من أفضل أكاديميات التنس في أوروبا، وكان عليّ اتخاذ قرار، ولست جيدا على هذا الصعيد، بتحديد مصيري خارج الملعب.

في هذه الحالة، أستمع لآراء الآخرين. لا أحب اتخاذ قرارات دون أن تتوافر أمامي كل المعلومات. استمعت لآراء الجميع، وكان والداي قاطعين. لم نكن في حاجة للمنحة بالنظر إلى أن كل الأمور كانت تسير بصورة جيدة مع عمي وإننا ميسورون. وأين سأكون بحالة أفضل من المنزل، أكبر مخاوفهم لم يكن مقصورا على التنس، وإنما أن أتحوّل إلى مراهق مشاغب. كانت الحيلولة دون ذلك أهم بالنسبة لهم من أن أًصبح لاعبا كبيرا.

قرار البقاء مع توني
كنت سعيدا برأي والديّ لأنني في قرارة نفسي لم أكن أريد الرحيل عن المنزل، واليوم أشعر بسعادة أكبر عندما أتذكر ذلك، على الرغم من أن عمي كان يثير جنوني. حينها كنا نتفق على الحضور في التاسعة صباحا لنتدرب، ولا يأتي حتى العاشرة.

في ذلك العام سافرت إلى جنوب أفريقيا. لم أكن قد سافرت لهذه المسافة البعيدة. كنت قد فزت في إسبانيا بسلسلة بطولات ترعاها شركة "نايكي"، وتأهلت للنهائي الذي يقام في جنوب أفريقيا، بطولة نايكي جونيور تور انترناشيونال التي سأنافس فيها الفائزين من كل الدول، رغم معارضة توني الذي كان يخشى من إصابتي بالغرور.

بطولة في أفريقيا بدون المدرب
لم يراود والدي الشك وأجرى اتصالا بمدرب آخر كنت أعمل معه أحيانا في بالما، جوفري بورتا، وسأله عما إذا كان يرغب في مرافقتي إلى جنوب أفريقيا، وهو العرض الذي قبله المدرب، لننطلق مساء اليوم نفسه إلى جوهانسبرغ. لم يكن توني سعيدا ولكن بدا عليه الارتياح بدرجة ما لأنه تجنب رحلة جوية مدتها 12 ساعة لأنه يخاف الطائرات.

أقيمت تلك البطولة في صن سيتي، في مجمع فخم على نحو مفاجئ في قلب غابات السافانا الأفريقية، يضم أحواض سباحة عملاقة وشاطئاً صناعياً، وعلى مسافة ليست ببعيدة كان هناك أسود وأفيال. كان التواجد بجوارها مغامرة كبيرة، لكنني لم أقترب كثيرا، وكذلك لم أحمل أشبال الأسود عندما انتقلنا إلى مكان يمكننا فيه القيام بذلك. لا أشعر بالهدوء في وجود الحيوانات وحتى الكلاب لا أثق في نواياها.

أتذكر تلك الأيام في جنوب أفريقيا كعطلة، خلالها فزت ببطولة تنس. في صباح يوم النهائي لعبت كرة القدم لمدة ساعتين. منظمو البطولة كانوا مستائين للغاية، كما لو أننا لا نتعامل مع البطولة بجدية، طلبوا من جوفري منعي من اللعب، ولكن جوفري لم يفعل، وذكّرهم بأنني إذا لم أتسلّ بعد أن قطعت نصف الكرة الأرضية لخوض بطولة، فإنني قد أفقد حماسي للعب التنس.

عندما عدت من جنوب أفريقيا كانت عمتي قد أعدّت حفلا في منزل جدي احتفالا بفوزي، وحتى وضعت لافتة، لم أرها، حيث إن عمي أدرك ما يحدث وغضب بشدة، وأزال اللافتة وأخذها معه، أوقفني على باب منزل جدي وطلب مني العودة إلى المنزل لأنه يريد الحديث مع عمتي وجدي. لم أعرف وقتها ماذا قال لهم، ولكن عمتي أخبرتني بأنه صرخ فيهم: "هل فقدتم صوابكم؟ ماذا تفعلون بهذا الفتى، ستفسدونه، لا تولوا أهمية كبيرة لما يفعل".

العودة للتدريب يوم العودة

وفي المساء، جاء إلى المنزل وقال: "حسنا لا نستطيع إهدار الوقت، أريدك أن تكون مستعدا في التاسعة صباحا، سنذهب إلى بالما لنتدرب"، فأجبته "هل تدرك ما تطلبه مني؟ هل أنت جاد؟ هل تعتقد أن من العدل ألا تسمح لي بالتغيّب عن حصة تدريبية واحدة بعد رحلة جوية استغرقت 14 أو 15 ساعة؟".

وجاء رده "إذن نلتقي الساعة التاسعة"، فقلت "ولكنني لن أتواجد"، ولكنني كنت موجودا ومستعدا في حالة مزاجية سيئة في تمام الساعة التاسعة صباحا.

المساهمون