يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار عالم الرياضة ونجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بنجم التنس الإسباني رافائيل نادال.
انضممت إلى مجموعة يدربها عمي توني في النادي الموجود بالجزيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها أربعين ألف نسمة، أعجبت بالأمر على الرغم من أنني كنت مولعاً بكرة القدم، كنت أحب أن أكون جزءاً من فريق، ولو لم يكن تدريب التنس في البداية ضمن مجموعة من نحو 12 لاعباً لما كان الاستمرار سهلاً، لكني لم أتدرب مع توني وحدنا حتى سن الثالثة عشرة.
أولى الخطوات في عالم التنس
لم يكن توني مرناً معي منذ البداية، كان يضغط عليَّ وكان يستخدم عبارات قاسية وينهرني، خاصة عندما يغيب الفتية الآخرون، كان عليّ جمع عدد أكبر من الكرات وتهيئة الأرضية الترابية للملعب بعد انتهاء التدريبات، لكنه كان يشجعني على التفكير بمفردي في الملعب.
يقال في وسائل الإعلام إنه أرغمني على لعب التنس بيدي اليسرى كي تصبح مواجهتي أصعب بالنسبة للمنافسين، ولكن هذا ليس صحيحاً، فقد بدأت اللعب في سن صغيرة، ولم أكن أتحلى بالقوة اللازمة لضرب الكرة كنت أستخدم كلتا يدي في تسديد الضربة الأمامية (فورهاند)، ولكنه أخبرني بأن عليّ أن أغير هذه الطريقة، وبصورة تلقائية لعبت بيدي اليسرى على الرغم من كوني عادياً.
عندما ألعب الغولف أو كرة السلة أعتمد على يدي اليمنى، ولكن في كرة القدم والتنس ألعب بقدمي اليسرى ويدي اليسرى، وهو أمر يعطيني أفضلية إلا أنه لم يجل بخاطر توني. إنه أمر سخيف تخيل أنه أراد إجباري على اللعب بيدي اليسرى، بالرغم من أنه كان يضغط عليّ كثيراً لذا كنت أعود من التدريبات باكياً، وكانت أمي تسألني عن السبب فكنت أفضّل الصمت.
توني لم يتوقف، عندما بدأت أخوض منافسات في السابعة من عمري زادت كثافة التدريبات، وفي أحد الأيام التي اشتد فيها الحر خضت مباراة لكنني نسيت زجاجة المياه في المنزل، وكان بإمكان توني أن يشتري لي واحدة، ولكنه لم يفعل، قال إنني سأتعلم بهذه الطريقة تحمل مسؤولية أشيائي، لم أتأثر لأنني أحببت التنس، خاصة عندما بدأت أفوز بالمباريات ولأنني فتى مطيع، وكذلك لأنني كنت أحبه وما أزال.
الثقة العمياء في توني المتحكم في الأمطار
كنت أثق فيه لدرجة أنني صدقت كل ما كان يرويه لي، عن فوزه بطواف فرنسا أو كونه نجم كرة قدم في إيطاليا، بل كنت مقتنعاً بأنه يتمتع بقوى سحرية، وأقنعني أن بإمكانه التحكم في الأمطار، وعندما كنت في السابعة من عمري لعبت مباراة أمام فتى يبلغ من العمر 12 عاماً، ولم تكن حظوظنا في الفوز كبيرة، فأخبرني أنه سيأمر المطر بالهطول إذا تأخرت بخمسة أشواط نظيفة لتتوقف المباراة.
وبعد تأخري بثلاثة أشواط نظيفة، بدأت الأمطار في الهطول، لكنني فزت بشوطين وأثناء تبادل طرفي الملعب طلبت من توني أن يوقف هطول الأمطار، اعتقاداً بأنني قادر على الفوز، توقفت الأمطار بعد شوطين ولكنني خسرت بنتيجة 7-5. وتطلب الأمر مني عامين آخرين لأعي أن توني لم يكن يتحكم في الأمطار.
كان عمي يبرز أهمية التحمل، إذ كان يقول "التحمل، تعلم تجاوز الضعف والألم لأقصى حد من دون أن تنهار. إذا لم تتعلم هذا لن تكون مطلقاً بين نخبة الرياضيين". في الكثير من الأحيان كان عليّ بذل مجهود للتحكم في غضبي، فلم عليّ أن أجمع عدداً أكبر من الكرات ولمَ ينهرني عندما تخرج الكرة خارج الملعب؟