يبدو النجم الفرنسي نغولو كانتي قصير القامة ولا يبلغ طوله سوى متر ونصف المتر أمام عمالقة الأندية الكبيرة في الدوري الإنكليزي، لكنه أصبح اليوم عملاقاً في "البريميرليغ" لا يرحم أحداً على أرض الملعب وتحوّل إلى ملك خط الوسط مع تشلسي.
لعب كانتي دوراً خفياً في نجاح فريق ليستر سيتي الموسم الماضي والتتويج بلقب الدوري الإنكليز لأول مرة في مسيرته، وفي الموسم الحالي يلعب دوراً بارزاً في صناعة لقب جديد لتشلسي، لأنه يقود خط الوسط بأفضل طريقة ممكنة ويمول المهاجمين بكرات حاسمة، حتى أن إدين هازارد قال عن الثنائية معه "يتواجد في كل مكان. أعتقد أحيانا أنني أراه بنسختين واحدة على اليمين وأخرى على اليسار. لدي شعور بأنني ألعب مع توأم".
منذ أن وقع كانتي مع تشلسي تبدّل حال الفريق وانتقل من منتصف جدول الترتيب في الموسم الماضي إلى الصدارة بفارق عشر نقاط في الموسم الحالي. وبدون كانتي يصارع ليستر سيتي من أجل البقاء في "البريميرليغ" وهو بعيد حوالي ست نقاط عن منطقة الخطر.
يتميز نغولو كانتي بأنه لاعب نشيط، يعرف كيف يوقف أي مهاجم بحوزته الكرة، ويمكن تصنيفه واحداً من أهم اللاعبين في "البريميرليغ". لكن ما الذي يميزه وكيف أصبح الأفضل، وهل أكاديميات الأندية الإنكليزية تسعى لصناعة نسخات من كانتي في المستقبل؟
ذهب إلى التدريب بالسكوتر
كان كانتي في عامه الـ24 عندما أحضره المدرب ستيف والش إلى إنكلترا مقابل 5.6 ملايين يورو في صيف عام 2015. وحاول والش منذ ذلك الحين اقناع المدرب رانييري بالتعاقد لكن كانتي لم يكسب ثقة المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري، بسبب حجمه الصغير مقارنةً بعمالقة "البريميرليغ"، لكن والش وفي كل مرة كان يمر بجانب الإيطالي في أروقة مركز تدريب ليستر كان يُكرر كلمة: "كانتي، كانتي".
كانتي كان مجهولاً في فرنسا، حتى أن فريق كان، الذي لعب معه، لم يقابل أحداً من عائلته، رغم أن شقيقة كانتي تلعب في أكاديمية النادي الفرنسي. لكن المدرب بيوتر ووجتينا يعرفه جيداً وقال عنه في مقابلة لقناة "بي بي سي": "هو لاعب يتعلم بسرعة. يلتزم بخطة المدرب ويتمركز بأفضل طريقة على أرض الملعب".
عانى كانتي كثيراً عندما كان في فرنسا في بداية مسيرته الكروية، ومدرب فريق سورينيس الفرنسي (فريق هاوٍ)، بيار فيلل، يعرف جيداً الأسباب: "أولاً كان كانتي صغير القامة وليس مشهوراً، ثانياً لم يلعب لنفسه بل لعب من أجل الفريق".
انتقل كانتي بعد ذلك إلى فريق بولونيه في الدرجة الثانية الفرنسية، ولم يكسب مركزاً في التشكيلة الأساسية، لكنه دخل التشكيلة الأساسية تدريجياً وأصبح في الفريق الأول بعد أن أظهر ما يملكه على أرض الملعب، حتى أن زميله في الفريق المدافع ماكسيم كولين يتذكر: "في إحدى الحصص التدريبة كان الفريق يُجري تدريب السرعة، كانتي قتل التدريب، تابع الركض من دون توقف، في وقت توقف كل اللاعبين عن الجري".
والمثير أن كانتي كان يرفض المساعدة من أي شخص في مدينة بولونيه التي يلعب فيها. يذهب للتسوق عبر "السكوتر" الشهير ويتابع طريقه نحو التدريبات، وعندما يحاول أي شخص المساعدة وتوصيله إلى الحصة التدريبة كان جوابه واضحاً: "لا شكراً سأذهب بنفسي". وبحسب سكان المدينة، اكتسب كانتي شهرة كبيرة بسبب قوة شخصيته رغم صغر سنه، وهو الذي يأتي من بيئة فقيرة ويعتمد على نفسه دائماً.
في عام 2013، ترك كانتي فريق كان الفرنسي بعد أن صعد معه إلى الدرجة الأولى، وتميز بانه أكثر لاعب في أوروبا قطع الكرات آنذاك. أبلغ رانييري مساعده والش قراره بالتعاقد مع كانتي في عام 2015، وأصبح نغولو كانتي منذ ذلك الحين لاعباً في "البريميرليغ".
مصيدة خط الوسط
منذ وصوله إلى إنكلترا، أصبح كانتي معروفاً باسم "الآلة" أو "الفأر الجبار"، وقد يكون أسوأ كابوس لأي لاعب في خط الوسط، لأنه قادر على إنشاء مصيدة تمنعك من الهروب. والأرقام تتحدث لوحدها عما يفعله نغولو كانتي في "البريميرليغ".
منذ وصول كانتي إلى الدوري الإنكليزي، كان أكثر لاعب يقطع ويعترض الهجمات، وفقط خمسة لاعبين نجحوا في تغطية مساحة على أرض الملعب أكثر من كانتي منذ وصوله إلى ليستر سيتي في عام 2015. هو لاعب لا يُصاب، حتى أن مركزه يجعله عرضة للكثير من الإنذارات، لكن هذا لم يحصل، لأن كانتي لم يتلقّ سوى عدد قليل من البطاقات الصفراء ولم يُطرد في أي مناسبة.
وربما من أكثر المشاهد التي تؤكد عظمة هذا اللاعب في إنكلترا هو ما فعله أمام سوانزي سيتي في شهر فبراير / شباط الفائت، عندما خسر كرة في وسط الملعب، لكنه استعادها بعد أن قام بأربعة انزلاقات بسرعة رهيبة، وهي المشاهد التي تؤكد اللياقة البدنية المرعبة التي يملكها كانتي.
ويتحدث لاعب واتفورد تروي ديني، عن مواجهة كانتي في الملعب: "في كل مرة نتقدم نحو المرمى ونتخطى كانتي، كنت أخاف من عودته السريعة. لا يترك لنا وقتاً كافياً لإكمال الهجمة، وحتى لو كان معنا الوقت والمساحة، كنت أعيش في خوف من عودته، فأسرع في إنهاء الهجمة".
عندما تُقابل لاعبين واجهوا كانتي هناك كلام يتكرر دائماً: لياقته وقدرته الرهيبة على تغطية أكبر مساحة ممكنة من أرض الملعب، إحساسه بالمكان وتمركزه الصحيح من دون أي خطأ، شخصيته هادئة لكنه يعرف ماذا يريد في النهاية.
ويتحدث الحارس الأسترالي مارك شوارزر عن كانتي عندما كانا معاً في ليستر سيتي لقناة "بي بي سي"، ويقول: "عندما جاء كانتي إلى الفريق تساءلت عما إذا كان لاعب كرة قدم، بسبب حجمه، لكن مع الوقت أصبحت أحك رأسي وأتساءل كيف يقوم بكل هذه الأشياء بسرعة".
وتابع شوارزر: "إحساسه بالمكان رهيب ويتوقع مكان الكرة بسرعة. هو لاعب هادئ، لكنه يقرأ المباراة جيداً، وكأن اللاعب الذي سيواجهه سيقع في مصيدة، لأنه لا يعرف من هو كانتي وكيف يفكر، ويحتاج المدرب لدراسة الفرنسي من أجل إيقافه".
مثابر هادئ ونموذج للأكاديميات الكروية
عندما تنتهي مباراة لفريق تشلسي، لا يتحدث كانتي كثيراً خلال خروجه من أرض الملعب ويترك الكلام للنقاد والمحللين، فهو لاعب هادئ لا يتكلم إلا لغة الأقدام على أرض الملعب. حتى أن زميله المدافع الإسباني سيزار أزبلكويتا قال عندما سأله أحد الصحافيين عما إذا كان كانتي يتحدث معهم فكان الجواب "كلا".
ويصف الحارس السابق لفريق ليستر سيتي شوارزر كانتي بالمثابر الهادئ الذي لا يتحدث كثيراً حتى بعد الفوز: "عندما ربحنا مباراة على فريق مانشستر سيتي في موسم 2015-2016، جلس كانتي في زاوية غرفة الملابس يضحك، وهو الأمر الذي يفعله بعد كل فوز. أمر طبيعي بالنسبة إليه فهو لا يُحبذ الكلام كثيراً". وتابع شوارزر: "كانتي لن يغير شخصيته مهما تغيرت عليه الحياة، هو ولد هكذا وسيبقى هكذا".
في اليوم الذي أقصى فيها برشلونة الإسباني باريس سان جرمان الفرنسي بعد "ريمونتادا تاريخية" (6 – 1)، واجه المدير الرياضي لستوك سيتي غاريث جينينغز صعوبة كبيرة في إقناع لاعبيه وشرح وجهة نظره، بعد مباراة مانشستر سيتي وستوك سيتي التي انتهت بالتعادل السلبي.
وقال جينينغز لقناة "بي بي سي": "لقد تحدثت مع اللاعبين بعد المباراة وقيمنا الأداء. البعض كان يوافق على كلامي، لكن السؤال الأساسي كان: هل شاهدت برشلونة؟ لقد تحدثوا عن ليونيل ميسي ونيمار ولويز سواريز، لكن كنت أريد منهم التركيز على بعض الجوانب الفنية التي يجب العمل عليها ولا يجب أن يكون الجميع مثل ميسي لكي يفوز".
حضر جينينغز مباراة لفريق تشلسي في مواجهة بورنموث وراقب الفرنسي نغولو كانتي عن كثب، واعتبر أنه لاعب يلتزم بالخطة ومنضبط كثيراً وقال: "لاعب يعرف دوره جيداً على أرض الملعب، وعندما تبدأ أي أكاديمية كرة قدم برامج لتطوير اللاعبين الصغار، هذه الصفات التي يجب أن يكتسبها هؤلاء اللاعبين في بداية الأمر بعيداً عن الموهبة التي يملكها اللاعب".
بالنسبة لمدير أكاديمية ليفربول، أليكس إنغليثورب، فهو يقسم لاعبي الأكاديمية إلى ثلاث فئات: "المدمرون، أصحاب الطاقة والسحرة"، كانتي يقع في الفئة الأولى بشكل مؤكد ويمكن أن يكون في الفئة الثانية أيضاً، ويعتقد إنغليثورب أن أي فريق يريد تطوير الأكاديمية عليه أن يوزع اللاعبين على هذه الفئات الثلاث.
والجدير بالذكر أن تقريراً في موقع "بي بي سي" يُشير إلى أن الأكاديميات في إنكلترا تتجه نحو نموذج كانتي، لأن هذه النوعية من اللاعبين تحتاجهم الأندية حالياً، وهذه هي صفات اللاعب المثالي بعيداً عن كل ما يتعلق بالموهبة والسحر على أرض الملعب.
في المقابل، يجب تحضير اللاعبين الصغار على مبدأ الحياة الصعبة وليس الفوز فقط، لأن نغولو كانتي لم يصل إلى تشلسي بسهولة بل كافح وقاتل من أجل تحقيق أحلامه، وهذه صفات يجب أن تكون موجودة في كل لاعب ما زال في الأكاديمية.
إحصاءات وأرقام
لعب كانتي منذ وصوله إلى إنكلترا 65 مباراة في "البريميرليغ"، سجل هدفين وحقق 44 فوزاً مقابل ست خسارات فقط. لكن الفعالية الهجومية ليست مهمة بالنسبة لكانتي، لأن أرقامه على صعيد اللعب الجماعي وقوته في خط الوسط تُظهرها الأرقام بوضوح.
مرر كانتي 3.149 تمريرة، أي أنه يلعب دور صلة الوصل بين الدفاع والهجوم، وتصل نسبة تمريراته في المباراة الواحدة إلى 48، بينما صنع حوالي 24 كرة عرضية و174 كرة طويلة إلى المهاجمين.
لم يتلقَّ كانتي سوى تسع بطاقات صفراء من دون أن يُطرد من أي لقاء، وارتكب في 65 مباراة 84 خطأ، أي أنه يرتكب خطأ واحداً تقريباً في كل مباراة، وهي نسبة منخفضة مقارنة بلاعب يحتك كثيراً بالخصم.
في المقابل، صنع كانتي 276 تدخلاً وبنسبة نجاح مرتفعة وصلت إلى 70%، واعترض الكرة في 218 مرة وأنقذ فريقه في 89 مرة مقابل إبعاده الكرة في 38 مرة. والمثير أن كانتي استرجع الكرة في 546 مرة وفاز بـ439 ثنائية، كلها أرقام تؤكد أنه يستحق لقب "المُدمر" في خط الوسط.
لعب كانتي دوراً خفياً في نجاح فريق ليستر سيتي الموسم الماضي والتتويج بلقب الدوري الإنكليز لأول مرة في مسيرته، وفي الموسم الحالي يلعب دوراً بارزاً في صناعة لقب جديد لتشلسي، لأنه يقود خط الوسط بأفضل طريقة ممكنة ويمول المهاجمين بكرات حاسمة، حتى أن إدين هازارد قال عن الثنائية معه "يتواجد في كل مكان. أعتقد أحيانا أنني أراه بنسختين واحدة على اليمين وأخرى على اليسار. لدي شعور بأنني ألعب مع توأم".
منذ أن وقع كانتي مع تشلسي تبدّل حال الفريق وانتقل من منتصف جدول الترتيب في الموسم الماضي إلى الصدارة بفارق عشر نقاط في الموسم الحالي. وبدون كانتي يصارع ليستر سيتي من أجل البقاء في "البريميرليغ" وهو بعيد حوالي ست نقاط عن منطقة الخطر.
يتميز نغولو كانتي بأنه لاعب نشيط، يعرف كيف يوقف أي مهاجم بحوزته الكرة، ويمكن تصنيفه واحداً من أهم اللاعبين في "البريميرليغ". لكن ما الذي يميزه وكيف أصبح الأفضل، وهل أكاديميات الأندية الإنكليزية تسعى لصناعة نسخات من كانتي في المستقبل؟
ذهب إلى التدريب بالسكوتر
كان كانتي في عامه الـ24 عندما أحضره المدرب ستيف والش إلى إنكلترا مقابل 5.6 ملايين يورو في صيف عام 2015. وحاول والش منذ ذلك الحين اقناع المدرب رانييري بالتعاقد لكن كانتي لم يكسب ثقة المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري، بسبب حجمه الصغير مقارنةً بعمالقة "البريميرليغ"، لكن والش وفي كل مرة كان يمر بجانب الإيطالي في أروقة مركز تدريب ليستر كان يُكرر كلمة: "كانتي، كانتي".
كانتي كان مجهولاً في فرنسا، حتى أن فريق كان، الذي لعب معه، لم يقابل أحداً من عائلته، رغم أن شقيقة كانتي تلعب في أكاديمية النادي الفرنسي. لكن المدرب بيوتر ووجتينا يعرفه جيداً وقال عنه في مقابلة لقناة "بي بي سي": "هو لاعب يتعلم بسرعة. يلتزم بخطة المدرب ويتمركز بأفضل طريقة على أرض الملعب".
عانى كانتي كثيراً عندما كان في فرنسا في بداية مسيرته الكروية، ومدرب فريق سورينيس الفرنسي (فريق هاوٍ)، بيار فيلل، يعرف جيداً الأسباب: "أولاً كان كانتي صغير القامة وليس مشهوراً، ثانياً لم يلعب لنفسه بل لعب من أجل الفريق".
انتقل كانتي بعد ذلك إلى فريق بولونيه في الدرجة الثانية الفرنسية، ولم يكسب مركزاً في التشكيلة الأساسية، لكنه دخل التشكيلة الأساسية تدريجياً وأصبح في الفريق الأول بعد أن أظهر ما يملكه على أرض الملعب، حتى أن زميله في الفريق المدافع ماكسيم كولين يتذكر: "في إحدى الحصص التدريبة كان الفريق يُجري تدريب السرعة، كانتي قتل التدريب، تابع الركض من دون توقف، في وقت توقف كل اللاعبين عن الجري".
والمثير أن كانتي كان يرفض المساعدة من أي شخص في مدينة بولونيه التي يلعب فيها. يذهب للتسوق عبر "السكوتر" الشهير ويتابع طريقه نحو التدريبات، وعندما يحاول أي شخص المساعدة وتوصيله إلى الحصة التدريبة كان جوابه واضحاً: "لا شكراً سأذهب بنفسي". وبحسب سكان المدينة، اكتسب كانتي شهرة كبيرة بسبب قوة شخصيته رغم صغر سنه، وهو الذي يأتي من بيئة فقيرة ويعتمد على نفسه دائماً.
في عام 2013، ترك كانتي فريق كان الفرنسي بعد أن صعد معه إلى الدرجة الأولى، وتميز بانه أكثر لاعب في أوروبا قطع الكرات آنذاك. أبلغ رانييري مساعده والش قراره بالتعاقد مع كانتي في عام 2015، وأصبح نغولو كانتي منذ ذلك الحين لاعباً في "البريميرليغ".
مصيدة خط الوسط
منذ وصوله إلى إنكلترا، أصبح كانتي معروفاً باسم "الآلة" أو "الفأر الجبار"، وقد يكون أسوأ كابوس لأي لاعب في خط الوسط، لأنه قادر على إنشاء مصيدة تمنعك من الهروب. والأرقام تتحدث لوحدها عما يفعله نغولو كانتي في "البريميرليغ".
منذ وصول كانتي إلى الدوري الإنكليزي، كان أكثر لاعب يقطع ويعترض الهجمات، وفقط خمسة لاعبين نجحوا في تغطية مساحة على أرض الملعب أكثر من كانتي منذ وصوله إلى ليستر سيتي في عام 2015. هو لاعب لا يُصاب، حتى أن مركزه يجعله عرضة للكثير من الإنذارات، لكن هذا لم يحصل، لأن كانتي لم يتلقّ سوى عدد قليل من البطاقات الصفراء ولم يُطرد في أي مناسبة.
وربما من أكثر المشاهد التي تؤكد عظمة هذا اللاعب في إنكلترا هو ما فعله أمام سوانزي سيتي في شهر فبراير / شباط الفائت، عندما خسر كرة في وسط الملعب، لكنه استعادها بعد أن قام بأربعة انزلاقات بسرعة رهيبة، وهي المشاهد التي تؤكد اللياقة البدنية المرعبة التي يملكها كانتي.
ويتحدث لاعب واتفورد تروي ديني، عن مواجهة كانتي في الملعب: "في كل مرة نتقدم نحو المرمى ونتخطى كانتي، كنت أخاف من عودته السريعة. لا يترك لنا وقتاً كافياً لإكمال الهجمة، وحتى لو كان معنا الوقت والمساحة، كنت أعيش في خوف من عودته، فأسرع في إنهاء الهجمة".
عندما تُقابل لاعبين واجهوا كانتي هناك كلام يتكرر دائماً: لياقته وقدرته الرهيبة على تغطية أكبر مساحة ممكنة من أرض الملعب، إحساسه بالمكان وتمركزه الصحيح من دون أي خطأ، شخصيته هادئة لكنه يعرف ماذا يريد في النهاية.
ويتحدث الحارس الأسترالي مارك شوارزر عن كانتي عندما كانا معاً في ليستر سيتي لقناة "بي بي سي"، ويقول: "عندما جاء كانتي إلى الفريق تساءلت عما إذا كان لاعب كرة قدم، بسبب حجمه، لكن مع الوقت أصبحت أحك رأسي وأتساءل كيف يقوم بكل هذه الأشياء بسرعة".
وتابع شوارزر: "إحساسه بالمكان رهيب ويتوقع مكان الكرة بسرعة. هو لاعب هادئ، لكنه يقرأ المباراة جيداً، وكأن اللاعب الذي سيواجهه سيقع في مصيدة، لأنه لا يعرف من هو كانتي وكيف يفكر، ويحتاج المدرب لدراسة الفرنسي من أجل إيقافه".
مثابر هادئ ونموذج للأكاديميات الكروية
عندما تنتهي مباراة لفريق تشلسي، لا يتحدث كانتي كثيراً خلال خروجه من أرض الملعب ويترك الكلام للنقاد والمحللين، فهو لاعب هادئ لا يتكلم إلا لغة الأقدام على أرض الملعب. حتى أن زميله المدافع الإسباني سيزار أزبلكويتا قال عندما سأله أحد الصحافيين عما إذا كان كانتي يتحدث معهم فكان الجواب "كلا".
ويصف الحارس السابق لفريق ليستر سيتي شوارزر كانتي بالمثابر الهادئ الذي لا يتحدث كثيراً حتى بعد الفوز: "عندما ربحنا مباراة على فريق مانشستر سيتي في موسم 2015-2016، جلس كانتي في زاوية غرفة الملابس يضحك، وهو الأمر الذي يفعله بعد كل فوز. أمر طبيعي بالنسبة إليه فهو لا يُحبذ الكلام كثيراً". وتابع شوارزر: "كانتي لن يغير شخصيته مهما تغيرت عليه الحياة، هو ولد هكذا وسيبقى هكذا".
في اليوم الذي أقصى فيها برشلونة الإسباني باريس سان جرمان الفرنسي بعد "ريمونتادا تاريخية" (6 – 1)، واجه المدير الرياضي لستوك سيتي غاريث جينينغز صعوبة كبيرة في إقناع لاعبيه وشرح وجهة نظره، بعد مباراة مانشستر سيتي وستوك سيتي التي انتهت بالتعادل السلبي.
وقال جينينغز لقناة "بي بي سي": "لقد تحدثت مع اللاعبين بعد المباراة وقيمنا الأداء. البعض كان يوافق على كلامي، لكن السؤال الأساسي كان: هل شاهدت برشلونة؟ لقد تحدثوا عن ليونيل ميسي ونيمار ولويز سواريز، لكن كنت أريد منهم التركيز على بعض الجوانب الفنية التي يجب العمل عليها ولا يجب أن يكون الجميع مثل ميسي لكي يفوز".
حضر جينينغز مباراة لفريق تشلسي في مواجهة بورنموث وراقب الفرنسي نغولو كانتي عن كثب، واعتبر أنه لاعب يلتزم بالخطة ومنضبط كثيراً وقال: "لاعب يعرف دوره جيداً على أرض الملعب، وعندما تبدأ أي أكاديمية كرة قدم برامج لتطوير اللاعبين الصغار، هذه الصفات التي يجب أن يكتسبها هؤلاء اللاعبين في بداية الأمر بعيداً عن الموهبة التي يملكها اللاعب".
بالنسبة لمدير أكاديمية ليفربول، أليكس إنغليثورب، فهو يقسم لاعبي الأكاديمية إلى ثلاث فئات: "المدمرون، أصحاب الطاقة والسحرة"، كانتي يقع في الفئة الأولى بشكل مؤكد ويمكن أن يكون في الفئة الثانية أيضاً، ويعتقد إنغليثورب أن أي فريق يريد تطوير الأكاديمية عليه أن يوزع اللاعبين على هذه الفئات الثلاث.
والجدير بالذكر أن تقريراً في موقع "بي بي سي" يُشير إلى أن الأكاديميات في إنكلترا تتجه نحو نموذج كانتي، لأن هذه النوعية من اللاعبين تحتاجهم الأندية حالياً، وهذه هي صفات اللاعب المثالي بعيداً عن كل ما يتعلق بالموهبة والسحر على أرض الملعب.
في المقابل، يجب تحضير اللاعبين الصغار على مبدأ الحياة الصعبة وليس الفوز فقط، لأن نغولو كانتي لم يصل إلى تشلسي بسهولة بل كافح وقاتل من أجل تحقيق أحلامه، وهذه صفات يجب أن تكون موجودة في كل لاعب ما زال في الأكاديمية.
إحصاءات وأرقام
لعب كانتي منذ وصوله إلى إنكلترا 65 مباراة في "البريميرليغ"، سجل هدفين وحقق 44 فوزاً مقابل ست خسارات فقط. لكن الفعالية الهجومية ليست مهمة بالنسبة لكانتي، لأن أرقامه على صعيد اللعب الجماعي وقوته في خط الوسط تُظهرها الأرقام بوضوح.
مرر كانتي 3.149 تمريرة، أي أنه يلعب دور صلة الوصل بين الدفاع والهجوم، وتصل نسبة تمريراته في المباراة الواحدة إلى 48، بينما صنع حوالي 24 كرة عرضية و174 كرة طويلة إلى المهاجمين.
لم يتلقَّ كانتي سوى تسع بطاقات صفراء من دون أن يُطرد من أي لقاء، وارتكب في 65 مباراة 84 خطأ، أي أنه يرتكب خطأ واحداً تقريباً في كل مباراة، وهي نسبة منخفضة مقارنة بلاعب يحتك كثيراً بالخصم.
في المقابل، صنع كانتي 276 تدخلاً وبنسبة نجاح مرتفعة وصلت إلى 70%، واعترض الكرة في 218 مرة وأنقذ فريقه في 89 مرة مقابل إبعاده الكرة في 38 مرة. والمثير أن كانتي استرجع الكرة في 546 مرة وفاز بـ439 ثنائية، كلها أرقام تؤكد أنه يستحق لقب "المُدمر" في خط الوسط.