قصائد جديدة لـ "نصيرة محمدي"

23 ديسمبر 2014
هاني زعرب، الحاجز
+ الخط -
بعيدًا عني
كلّ الأشياء ستنأى
بعيدًا عني
الينابيع اللامعة
الشجيرات الرهيفة
السماء الفاتنة
القبل المميتة
لحظات الشغف الخاطفة
هل سأتهاوى بدونها في الأقاصي،
أم ألمّها فيك وأنهمر؟

لا تهزّني الجبال على رهبتها
لا تضنيني المسافات على تيهها
وتجرحني القامات في اسمِ الليل
وجموح الروح نحو حتفها
كمّ لهذا الشرق
أن يسكر القلب
ويتجلّى في هدبه
كم لهذه العين أن تعجّلَ ميتتي
كم لهذه الرائحة أن أبعثَ فيها
وأمحي.

إن الذي بيننا لتنوء بحملِه الكلمات
سراب وهّاج ينتهكُ الكينونة
رمالٌ متحركة تبتلع أسماءنا

انظر إلى نهري
يجرفُ جسدَ العزلة
يغرق في مهبّ الأنفاس
لغتي في بعض الرائحة
يتذكّر الضوء غيابي
وفي الشجر العالي، أنهض مبتلّةً بالمسافة.
الحبّ غيابٌ يسكرنا
والحبّ سماء تجرحنا.

لا تنمْ عن حبيبك فإنك مفارقه.
يتنفس الغياب رائحتك.

ارتوت رئة الشعر برائحة تبغك.
القبلة فاتحةٌ لكتاب الجسد.

في حرقة الكتابة يتوهّج الغريب أكثر من مرّة،
وتجرح الذاكرة بلغتك، بمرارة وجمال لا
يُحتمل.
الحبّ هويتنا الأخيرة.

سيرة الغياب 

يتمٌ شرسٌ، ويأسٌ سامقٌ يخرق اتساع الكتابة 
في أنوثتها الموجوعة 
جوهرٌ كالأسطورة، يحار في قتلي من وريدِ 
الشوقِ إلى وريدِ الجنون 
مشمولة بدوار القصائد، وسراديب اللغة؛ أنا 
التي انكتبت بأهوالِ الموت وفداحة النسيان، ولعنة الفتك. مشحونةٌ بإيحاءات النار، 
ومنصهرةٌ بإشراقة ثائرة 
ترشدني إليك 
في انسحاقي الباطني 
إيقاعك، ولياليك، وسيرتك المسكونة بالظلال والصدى والغياب 
في تحليقي الجليل إليك لوعة، 
ونبض يسطع في صمتٍ حزين، 
ومرافئ باردة، ومنازل كالبياض 
تبدّد حمرة الوجنات والشفاه، 
وتأسر الغيمة في جفافِ الوداع 
لا ماء ينهمر، لا حفل، لا ارتواء 
فقط دمٌ يسيح عند العتبة، 
وصمت يخون الجسد، 
وتأرجّح يدغدغ الهاوية 
أنا عطرٌ كاذبٌ ونعشٌ كاسرٌ، وروحٌ تموج في ليلها خذلان 
يحوطني من جهاتك ارتباكٌ 
في سطوة ضبابك وعتمة تبلّل أقدارنا.

غابة النسيان

غابةُ النسيان تبكي اللغة أمامَ سيرة البرد 
ويعلقُ الغائب في داليةِ القلب 
أقفُ وظلّي لأمضي إلى يتمٍ 
يجرح العبارة، ويذبح الوجود 
لا شيء سوى الكتاب والرجل 
يدمران الصمتَ والنسيان 
في الغربة ستحجب عن جسدي 
ولكني سأظلّ على أهبة الاحتراق 
أنزفكَ لأصلَ قبلك إلى روحي 
أنت زمن له عينان 
أنجب بهما رائحة للوقت 
أنت منفى له حضن 
أكتبُ به ذاكرة الصخرة، وأعتليك 
أعود من موتي، وأطبع قبلة على حضورك 
أنسى موتي، وأفارق معناي 
لعلّ خوفي يسبحُ في احتمالات فجرك 
لعلّ قلقي إشارة الندوب في رأس البلاغة 
أمضي إلى حضنك 
أغالب تيهي في غابة النسيان 
وأوقد للحريّة نبضًا بلون عينيك.
المساهمون