قدم ونصف في ميلانو.. حصان سيميوني يصنع الفارق كالعادة

28 ابريل 2016
سيميوني تفوق في الجولة الأولى على غوارديولا (Getty)
+ الخط -


وضع أتليتكو قدماً ونصف القدم في نهائي ميلانو، بعد تحقيقه انتصاراً ثميناً ومحورياً على حساب بايرن بهدف من دون رد، ليؤكد الفريق الآخر في العاصمة الإسبانية أنه لا يرحم على أرضه ووسط جماهيره، ويترك العملاق البافاري خلفه، قبل أيام قليلة من لقاء الإياب في ملعب الأليانز أرينا بالأراضي الألمانية.

غودين وموللر
لعب دييغو سيميوني المباراة من دون مدافعه الأول، غودين خارج القمة بسبب الإصابة، لكن الشولو الأرجنتيني تعامل بحكمة مع هذا الغياب، من خلال الدفع بالثنائي خيمينيز وسافيتش في القلب، مع لوكاس فيرنانديز كبديل في حالة الطوارئ، في سبيل الحفاظ على نفس رونقه التكتيكي، 4-4-2 دون تغيير، بتواجد ساؤول وغابي وأوجستو وكوكي في المنتصف، خلف الثنائي المتقدم أنطوان غريزمان وفرناندو توريس.

بينما اختار بيب غوارديولا اللعب بلاعب وسط إضافي مقابل إجلاس توماس موللر على الدكة، ليشارك تياغو وفيدال وألونسو في المنتصف، أمام رباعي الدفاع الأخير، مع الدفع بجناحين صريحين على الخط، كومان ودوغلاس كوستا على الطريقة الكلاسيكية القديمة، من أجل صنع الزيادة العددية على الأطراف وتمديد الملعب قدر المستطاع.

الحصان الرابح
وصف سيميوني المباراة قبل بدايتها بعبارات عبقرية عندما قال "لا يهم عدد الجنود الذين ينتشرون داخل الميدان، فالعبرة ليست بالكم أبدا بل بالكيف، وفي طريقة استغلال عناصرك بشكل إيجابي"، وطبق الأرجنتيني هذا الحديث بإيجابية خلال المباراة، عن طريق الثنائي الذكي، كوكي وساؤول، فرسي الرهان في المعادلة المدريدية.

ساؤول يشبه الحصان الرابح، لأنه نصف لاعب وسط ونصف جناح صريح، يتحرك دائما في وبين الخطوط، ويجيد بشدة استغلال أنصاف المسافات أثناء التحولات، وهذا ما جعله يتقدم بالكرة لمسافة كبيرة، ويراوغ كل من يقابله، ليسجل هدفا مارادونيا في شباك مانويل نوير، بينما ملأ كوكي الفراغات جيدا دون الكرة، ليدخل كثيرا في العمق من أجل إغلاق الطريق أمام فيدال، ويعود سريعا إلى موقعه على الطرف، لمواجهة كومان ولام بالتبادل مع زميله فيليبي لويس.

خلال أول 45 دقيقة، قام ساؤول بعمل خمس مراوغات صحيحة، مع افتكاكين في الدفاع، وقطع كرتين من لاعبي بايرن، بالإضافة إلى هدف المباراة، ليؤكد أنه لاعب يساوي وزنه ذهبا، خصوصا في مثل هذه المباريات.

بناء ضعيف
فشل بايرن في بناء الهجمة بشكل مثالي، خصوصا مع بطء تشابي ألونسو، وتمركز تياغو وفيدال تجاه الأطراف بطريقة مبالغ فيها، مما جعل العمق فارغا من لاعبي الارتكاز، وأجبر ألابا على الصعود بالكرة لتتحول اللعبة إلى صيغة فردية بحتة، ودفع بيب ثمن تمركز فيدال السيئ، فاللاعب الشيلي بارع في القطع من الخلف إلى الأمام، لكنه يتحرك على استحياء عندما يكون قريبا من الكرة.

بينما على الأطراف، نجحت خطة الأتيليتي في كبح جماح الضيوف، عن طريق تحول غابي إلى الرواق الأيسر، كلما بدأ بايرن هجومه، مقابل عودة كوكي إلى العمق مكانه، لذلك قام كابتن الأتليتي بعمل 5 عرقلات مشروعة خلال أول نصف ساعة من المباراة، معظمها على اليسار تقريبا، لقطع كافة خطوط الإمداد على كوستا، أخطر لاعبي المنافس.

شوط التغييرات
قدم البافاري شوطا ثانيا أفضل، وكان الأقرب للتسجيل، في ظل عودة أتليتكو إلى الدفاع، وضعف لياقة لاعبيه في الفترات الأخيرة مع ضغط المباريات، ونجح غوارديولا في إضافة مرونة واضحة إلى تحركات فريقه، من خلال ثلاثة لاعبين على كل جانب، لام، كومان، وفيدال على اليمين، مع برنات، تياغو، وكوستا على اليسار، مع تقدم ألابا إلى المنتصف ليكون لاعب ارتكاز إضافيا بجوار ألونسو.

وأخذت المباراة منحى آخر مع التبديلات، بدخول موللر وريبري مكان تياغو وكومان، وساهم نزول المهاجم الألماني في تحرر ليفاندوفيسكي أكثر، واللعب بثنائي صريح داخل منطقة جزاء أتليتكو، مما أجبر سيميوني على العودة أكثر للدفاع ومحاولة الخروج بالمباراة إلى بر الأمان حتى صافرة الحكم.

تياغو
صحيح أن تياغو ألكانتارا لم يقدم الأداء الإعجازي في هذه المباراة، إلا أن تواجده كان ضروريا في نصف الساعة الأخير، لأنه اللاعب الوحيد في وسط بايرن، الذي يقدر على لعب التمريرات من أضيق الزوايا إلى المهاجمين، وكان الأولى خروج فيدال، اللاعب الذي يتحرك بطريقة عمودية تجاه المرمى، خصوصا مع دخول موللر، المهاجم الذي يتقن بشدة هذا الدور في الثلث الأخير.

وبلغة الأرقام والإحصاءات، سدد بايرن أكثر من أتليتكو وصنع فرصا أوفر، لكن من داخل منطقة الجزاء، سدد فريق بيب كرة يتيمة، مقابل ثلاث لكتيبة سيميوني، مما يعني أن العبرة ليست بالحيازة أو وضع مهاجم إضافي في الأمام، بل بطريقة الاتصال بين الخطوط الثلاثة، وسلاسة خط الوسط في إخراج الكرة من الخلف إلى الأمام.

بينما حافظ دييغو على نفس أدواته حتى الدقائق الأخيرة، وكان باستطاعة فريقه تسجيل هدف آخر من مرتدة رائعة، لكن العارضة حرمت توريس من هدف أسطوري، قبل أن يسدد كوكي كرة ضعيفة في يد نوير، لتتحول المباراة في اتجاه واحد، مع تألق غير طبيعي من جانب أوبلاك، حارس الإسبان.

قدم ونصف
تبدو فكرة توقع الطرف الأول في نهائي ميلانو شبه مبكرة، إلا أن الفوز بهدف وحيد في مدريد، يعني فرصة أكبر لفريق سيميوني، الرجل الذي يعرف كيف يدافع ومن أين تؤكل الكتف، لذلك تزيد فرص أتليتكو بشدة في مباراة العودة، لأنه قادر على إنهاء كل شيء بهدف، أو الحفاظ على شباكه نظيفة في أضعف الأحوال.

أما غوارديولا فأمامه تحد معقد للغاية، لأنه لن يصل إلى مرمى خصمه، دون حل مشاكله الأساسية في عملية بناء الهجمة، بعد أن اتضحت بشدة في المباراة الأولى، مع تمركز ألونسو وحيدا في العمق، وإجبار فيليب لام على الدخول في المنتصف من أجل التمرير إلى الأمام، وبالتالي سيكون عليه مغامرة مضاعفة، بإضافة مهاجم آخر بجوار ليفا، مع دور أشمل لتياغو، لاعبه الأهم في عملية الصعود بالكرة دون أزمات، في انتظار النصف الثاني من النهائي المبكر.

لمتابعة الكاتب
المساهمون