وتناقلت مصادر محلية في تطاوين أنباء عن وفاة أحد المحتجين متأثراً بكدمات في رأسه وصدره، وإصابة عدد آخر بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، إصابة أحدهم خطرة.
كما نفى مدير المستشفى الجهوي بتطاوين، إبراهيم دغرار، لـ"العربي الجديد"، صحة ما يتم تداوله حول تسجيل حالة وفاة ثانية، مشيرا إلى أن الإطار الطبي ارتأى تحويل أحد المصابين إلى مستشفى صفاقس.
وأشار دغرار، في السياق ذاته، إلى أن المستشفى استقبل اليوم أكثر من 50 مصابا، جلهم أصيبوا باختناق نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع، فضلا عن إصابة بعضهم بكسور.
وكانت وزارة الصحة قد اتخذت إجراءات لتعزيز قدرات المستشفى عبر تسخير 5 سيارات إسعاف مجهزة بأطباء.
ونقلت إذاعة "تطاوين" المحلية، اليوم الإثنين، أنّ المحتجين أضرموا النار في مقر إقليم الأمن الوطني والحرس الإداري في المدينة، فيما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وأوردت الإذاعة أنّ قوات الحرس الوطني تواصل استخدام الغاز المسيل للدموع، للتصدّي لمحاولة محتجين اختراق محطة لضخ البترول بـ"الكامور"، بينما قام عدد من الشبان بإغلاق الطرقات وإشعال العجلات المطاطية.
وطالب المحتجون برحيل البرهومي، تنديداً باستعمال الغاز المسيل للدموع، واحتجاجاً على إرسال السلطات تعزيزات أمنية إلى المدنية، أمس الأحد.
وتشهد تطاوين احتجاجات مطلبيّة، منذ أسابيع، تطالب بإصلاحات اجتماعية واقتصادية، لإنهاء ما يصفه المتظاهرون بـ"حالة التهميش" في المدينة.
في غضون ذلك، دعا البرهومي إلى "ضبط النفس وسلمية الاحتجاجات"، مؤكداً، في تصريح لإذاعة "تطاوين"، اليوم الإثنين، أنّ التعاطي الأمني والعسكري "سيكون في كنف السلمية طالما حافظت الاحتجاجات على السلمية"، مشيراً إلى أنّ التظاهر يبقى حقاً دستورياً، ومتعهداً بأنّ قوات الأمن "لن تفض الاعتصامات بالقوة".
وقال البرهومي إنّ "الحكومة تعمل على الإسراع في تفعيل الاتفاقيات الخاصة بتأمين فرص العمل في تطاوين"، معلناً عن اجتماع قريب مع الحكومة للتفاوض مع المحتجين، علماً بأنّ وزير التشغيل والتكوين، عماد الحمامي (حركة النهضة)، هو من يقود التفاوض مع المحتجين، منذ أسابيع.
في المقابل، انتقد عضو البرلمان، زهير المغزاوي، الإجراءات الحكومية لمعالجة المطالب التنموية لأبناء الجهة، باعتماد قوة الأمن والجيش، مضيفا، في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن البلاد تدفع ثمن سياسة تنموية مختلة تقوم على تمييز جهات دون أخرى "ما خلق مناخا من الاحتقان والإحساس بالغبن".
وحذّر "الاتحاد العام التونسي للشغل"، في بيان صادر عن المكتب التنفيذي الموسع، من "التصعيد الحاصل في المنطقة النفطية بكلّ من تطاوين وقبلي"، داعياً المعتصمين إلى "عدم الانسياق وراء الدعوات التي تدفع إلى التصادم مع الجيش وإنهاكه وتعطيل الإنتاج".
وفي الوقت عينه، اعتبر الاتحاد أنّ "الحكومة ملزمة بالحضور ميدانيّاً، ومواصلة التحاور مع الشباب وإيجاد الحلول الفعلية والنّاجعة"، محمّلاً المسؤولية لـ"بعض الأطراف التي تسعى إلى توظيف التحرّكات الاجتماعية"، داعياً إلى "النأي بمصلحة تونس عن كلّ التجاذبات والأجندات، والمساهمة الإيجابية في البحث عن الحلول بدل الدفع إلى تعجيز الدّولة ومحاولة إضعافها"، بحسب البيان.
وقال القيادي النقابي، سامي الطاهري، إن الحكومة مدعوة إلى مواصلة التحاور مع الشباب وإيجاد الحلول الفعلية والنّاجعة والوجود الميداني في المنطقة لتطويق الأوضاع، محذرا من مخاطر "توظيف الحراك السلمي للمحتجين من قبل أطراف تدفع نحو إضعاف الدولة"، وفق تصريحه لـ"العربي الجديد".
إلى ذلك، أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان التونسي، عبد اللطيف المكي، لـ"العربي الجديد"، بعد اجتماعها، اليوم، الذي خصص لتطاوين، أنها طرحت مجموعة من الاقتراحات لحلحلة الوضع في الجهة، بعد التطورات السريعة التي وقعت منذ صباح اليوم، والتقت رئيس مجلس النواب، محمد الناصر، وجرى الاتفاق على بحث حلول مع رؤساء الكتل النيابية، اليوم الاثنين.
وأضاف المكي أن اللجنة طرحت فكرة زيارة تطاوين، ولكنها قررت، قبل ذلك، الاستماع لوزيري الدفاع والداخلية، للوقوف على حقيقة الوضع هناك، وتم الاتفاق على عقد هذا الاجتماع عصر اليوم الاثنين في مقر وزارة الدفاع.
من جهة أخرى، عقد المتحدثان باسم وزارتي الدفاع والداخلية، ندوة صحفية بمقر رئاسة الحكومة التونسية حول الأحداث التي تشهدها المدينة.
وقال المتحدث الرسمي باسم الدفاع، المقدم بلحسن الوسلاتي، أن المحتجين حاولوا دخول المنشأة البترولية بالقوة عبر شاحنات، وعمدوا في مرحلة ثانية إلى تخريب أحد الأنابيب، ما اضطر الشركة إلى إقفالها.
وقال المتحدث باسم الداخلية، ياسر مصباح، إن وفاة المواطن كانت إثر اصطدامه بسيارة أمنية رباعية الدفع كانت بصدد التراجع للخلف هروبا من المحتجين.
وأضاف مصباح أنه تم كذلك حرق شاحنة للحماية المدنية كانت موجودة لإسعاف المحتجين والاعتداء على السائق، وتم نقله إلى المستشفى بسبب إصابة وصفت بالخطرة.
وأكد مصباح أنه تم كذلك حرق مقر إقليم الحرس الوطني وإقليم الشرطة بتطاوين وإصابة 13 رجل شرطة. وتم سكب البنزين على أحدهم بغاية حرقه وهناك إصابات خطرة، بالإضافة إلى حرق عدد كبير من السيارات والمعدات ونهب محتويات المستودع البلدي والجمارك.
وقال مصباح إن الوحدات الأمنية لم تنسحب، ولكنها بصدد إعادة الانتشار، مؤكدا أنه خلافا لما روّج، لم يتم استعمال الرصاص الحي مطلقا، مشيرا إلى أن الأوضاع لم تهدأ بشكل كامل في تطاوين.
في السياق، قالت حركة النهضة إن وفدا رفيعا من قياداتها سيتوجه اليوم الاثنين إلى تطاوين لمحاولة تهدئة الأوضاع.
وكانت النهضة قد أصدرت بيانا حول تصاعد الأوضاع الأمنية وتدهورها في تطاوين بعد اقتحام عدد من المؤسسات السيادية وحرقها ووفاة أحد المحتجين في الكامور.
وترحمت الحركة على الفقيد محمد أنور السكرافي الذي وافته المنيّة أثناء المواجهات، داعية إلى كشف ملابسات الحادث، مجددة تأكيدها شرعية مطالب أهالي تطاوين في التنمية والتشغيل وتفهمها تحركاتهم ما دامت سلمية، منبهة إلى خطورة الانزلاق إلى دعوات الفوضى والعنف والتصادم مع الدولة.
ودانت النهضة حرق المؤسسات السيادية الأمنية، معبرة عن رفضها انفلات التحركات وخروجها عن السلمية بقطع الطرقات وإغلاق المنشآت، كما ترفض توظيف التحركات واستغلال مطالب أبناء تطاوين الشرعية وحماسهم في الدفاع عنها.
ودعت الحكومة إلى التسريع بتنفيذ قراراتها لصالح أبناء تطاوين وإبقاء باب الحوار مفتوحا معهم حول بقية المطالب.
كما طالبت بالتهدئة وتغليب منطق الحوار، داعية وسائل الإعلام إلى المساهمة النشيطة في خفض الاحتقان في تطاوين وإرساء مناخ الثقة والحوار.
Facebook Post |
Facebook Post |