قبل 55 عاماً... أول امرأة تسافر إلى الفضاء

قبل رحلة تيريشكوفا التي كانت تبلغ في ذلك الوقت 26 عاماً من العمر، كانت الرحلات المأهولة إلى الفضاء حكراً على الرجال. إلا أن عالم الفضاء السوفييتي، سيرغي كوروليوف، المشرف على الرحلات، كان واثقاً في إمكانية صعود المرأة إلى الفضاء أيضاً رغم التساؤلات حول تأثير ذلك على صحتها والقدرة على الإنجاب فيما بعد.

وقبيل انطلاق مركبة تيريشكوفا في 16 يونيو/حزيران 1963، انطلقت مركبة "فوستوك ــ 5"، وعلى متنها رائدة الفضاء، فاليري بيكوفسكي، إذ سعى العلماء لرصد تأثير اللاجاذبية على الرجل والمرأة بشكل متواز.

(Getty)

لم تخل رحلة تيريشكوفا من مشكلات وصعوبات، ولكن القيادة السوفييتية قررت التستر عليها لعقود طويلة، بما في ذلك خطورة الرحلة. وواجهت أول رائدة الفضاء الموت، نتيجة لخطأ في البرنامج الأوتوماتيكي للمركبة، مما أدى إلى ابتعادها عن الأرض، ولكنه تم تدارك الخلل على وجه السرعة، فتمكنت من العودة.

بعد رحلة تيريشكوفا، نفذت ثلاث نساء روسيات أخريات رحلات إلى الفضاء، وكانت آخرهن يلينا سيروفا التي عملت بمحطة الفضاء الدولية لمدة 167 يوما عام 2014. إلا أن تيريشكوفا لا تزال المرأة الوحيدة التي نفذت رحلة مأهولة منفردة.

بعد رحلتها بأشهر، تزوجت تيريشكوفا من رائد الفضاء، أندريان نيقولايف، وأنجبت له ابنتهما يلينا، إلا أن القدر لم يكتب لهذا الزواج أن يستمر. كما انخرطت تيريشكوفا في العمل السياسي والاجتماعي، وتقلدت العديد من المناصب الرفيعة في الاتحاد السوفييتي، ثم روسيا، وهي تبلغ اليوم 81 عاما من العمر.   

في عهد الاتحاد السوفييتي، لم يكن غزو الفضاء يندرج ضمن مجال البحث العلمي فحسب، وإنما أيضا كان واحدا من أركان التنافس مع الولايات المتحدة في حقبة "الحرب الباردة". ولذلك شكلت رحلة تيريشكوفا انتصارا كبيرا للاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، إذ لم تنفذ أول رائدة فضاء أميركية، سالي رايد، رحلتها سوى في عام 1983. إلا أن هذا التأخر لم يمنع وكالة "ناسا" من التفوق على روسيا فيما بعد، بإرسال 47 امرأة إلى الفضاء حتى الآن، بينما لا تزال الملاحة الكونية "النسائية" في روسيا متأخرة.


وسط مجموعة من رواد الفضاء السوفييت بعد عودتها (Getty)

يذكر أن تاريخ الملاحة الكونية المأهولة يعود إلى عام 1961، حين نفذ رائد الفضاء السوفييتي، يوري غاغارين، أول رحلة إلى الفضاء. وبعد مرور أكثر من نصف قرن، تحول الفضاء اليوم إلى جزء من حياتنا اليومية، إذ لم يعد المرء يتصور حياته بلا مشاهدة الفضائيات أو قيادة السيارة بلا منظومة "جي بي إس" لتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية.