منذ استقلال لبنان عن الاحتلال الفرنسي عام 1943، تولت البلاد، وحدها هذه المرة، عملية "بناء الدولة". أي تلك البنية القادرة على الظهور أمام نظرائها بصفة "الدولة".
لكنّ الدولة لم تُبنَ حتى اليوم. ليس الأمر في حاجة إلى خبراء في علم الاجتماع السياسي لتأكيد ذلك من عدمه. فالسياسيون أنفسهم من رؤوس كتلهم النيابية إلى زعماء حروبهم يؤكدون كلّما تسنى لهم ذلك "أنّنا نسعى إلى بناء الدولة".
الدولة بما تمثله من كيان سيادي شبه غائبة عن لبنان، أو فلنقل هي مخترقة السيادة في أشكال عديدة ومتجددة في كلّ مرحلة. الدولة بما تمثله من سلطة على جميع مواطنيها غير مستوية المقام، والسلطة لا تمارَس إلّا على شرائح بعينها دون غيرها لاعتبارات كثيرة أيضاً. والدولة بما تشكله من منظومة مؤسسات ينخرها الفساد من مؤسساتها الأسمى إلى الأدنى، ومن موظفيها الأعلى رتبة وصولاً إلى أسفل الهرم الوظيفي.
تلك الصفة الأخيرة تظهر في جلاء يومياً. لا يتوانى موظف عن تقاضي الرشاوى بحسب نوع الخدمة، بالرغم من أنّها من حقوق المواطنين غالباً. ولا تتوقف الحملات السياسية التي تغلّف بطابع الموضوعية والمهنية، تدهم هنا وتضبط هناك وتصدر بيانات وتنظم للمسؤولين مؤتمرات صحافية للإعلان عن إنجازات صحية وخدماتية وبيئية، ولا يظهر أيّ أثر إيجابي لها للغرابة. كما لا يتوقف فريق سياسي عن اتهام فريق آخر بالفساد والهدر والمحاصصة وإجراء الصفقات. وبحسب المرحلة تتبدل الاتهامات وتوجّه المواقف. لم يعد الأمر يرتبط فقط بالسياسيين، ففي الفترة الأخيرة دخل رجال أمن سابقون على الخط وباتوا يوجهون اتهامات الفساد إلى أجهزة أمنية أخرى.
لبنان من البلدان الفاسدة لا شكّ، فترتيبه في قائمة الدول الأكثر شفافية في العالم هو 123 من أصل 168 دولة. أبسط مثال على ذلك الفساد قوانين تصدر وتخصص ميزانيات لتنفيذها فلا تنفذ أو تنفذ بشكل استنسابي، بالرغم من عدم الحاجة القصوى إليها في الأساس. بينما قوانين أخرى ومنها القانون 220 لعام 2000 المتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين، لا تجد طريقها إلى التنفيذ بالرغم من ضرورتها.
يلفت النظر في هذا الإطار قانون السير الجديد الذي ضرب صيته الآفاق. هذا القانون الذي طبق قبل عام لم يخفف أزمة السير، ولم يقلص الحوادث المرورية، ولم يؤدّ إلى إيقاف الرشوة. أبرز ضحاياه عمال التوصيل على الدراجات النارية. يوقفهم الدركي حتى من أجل عدم ارتداء الراكب الخلفي خوذة، ويسجل مخالفة بحقهم تتجاوز 150 دولاراً أميركياً. أما عناصر الدرك أنفسهم فيتجولون في المدينة ليلاً نهاراً من دون خوذة أو تسجيل أو ترخيص أو دفع رسوم ميكانيك.
اقرأ أيضاً: جدوى تطبيق القوانين
لكنّ الدولة لم تُبنَ حتى اليوم. ليس الأمر في حاجة إلى خبراء في علم الاجتماع السياسي لتأكيد ذلك من عدمه. فالسياسيون أنفسهم من رؤوس كتلهم النيابية إلى زعماء حروبهم يؤكدون كلّما تسنى لهم ذلك "أنّنا نسعى إلى بناء الدولة".
الدولة بما تمثله من كيان سيادي شبه غائبة عن لبنان، أو فلنقل هي مخترقة السيادة في أشكال عديدة ومتجددة في كلّ مرحلة. الدولة بما تمثله من سلطة على جميع مواطنيها غير مستوية المقام، والسلطة لا تمارَس إلّا على شرائح بعينها دون غيرها لاعتبارات كثيرة أيضاً. والدولة بما تشكله من منظومة مؤسسات ينخرها الفساد من مؤسساتها الأسمى إلى الأدنى، ومن موظفيها الأعلى رتبة وصولاً إلى أسفل الهرم الوظيفي.
تلك الصفة الأخيرة تظهر في جلاء يومياً. لا يتوانى موظف عن تقاضي الرشاوى بحسب نوع الخدمة، بالرغم من أنّها من حقوق المواطنين غالباً. ولا تتوقف الحملات السياسية التي تغلّف بطابع الموضوعية والمهنية، تدهم هنا وتضبط هناك وتصدر بيانات وتنظم للمسؤولين مؤتمرات صحافية للإعلان عن إنجازات صحية وخدماتية وبيئية، ولا يظهر أيّ أثر إيجابي لها للغرابة. كما لا يتوقف فريق سياسي عن اتهام فريق آخر بالفساد والهدر والمحاصصة وإجراء الصفقات. وبحسب المرحلة تتبدل الاتهامات وتوجّه المواقف. لم يعد الأمر يرتبط فقط بالسياسيين، ففي الفترة الأخيرة دخل رجال أمن سابقون على الخط وباتوا يوجهون اتهامات الفساد إلى أجهزة أمنية أخرى.
لبنان من البلدان الفاسدة لا شكّ، فترتيبه في قائمة الدول الأكثر شفافية في العالم هو 123 من أصل 168 دولة. أبسط مثال على ذلك الفساد قوانين تصدر وتخصص ميزانيات لتنفيذها فلا تنفذ أو تنفذ بشكل استنسابي، بالرغم من عدم الحاجة القصوى إليها في الأساس. بينما قوانين أخرى ومنها القانون 220 لعام 2000 المتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين، لا تجد طريقها إلى التنفيذ بالرغم من ضرورتها.
يلفت النظر في هذا الإطار قانون السير الجديد الذي ضرب صيته الآفاق. هذا القانون الذي طبق قبل عام لم يخفف أزمة السير، ولم يقلص الحوادث المرورية، ولم يؤدّ إلى إيقاف الرشوة. أبرز ضحاياه عمال التوصيل على الدراجات النارية. يوقفهم الدركي حتى من أجل عدم ارتداء الراكب الخلفي خوذة، ويسجل مخالفة بحقهم تتجاوز 150 دولاراً أميركياً. أما عناصر الدرك أنفسهم فيتجولون في المدينة ليلاً نهاراً من دون خوذة أو تسجيل أو ترخيص أو دفع رسوم ميكانيك.
اقرأ أيضاً: جدوى تطبيق القوانين