قانون الشرف الكويتي جريمة بحقّ النساء

24 مايو 2017
هل يعرفن بقانون جرائم الشرف؟ (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

بلدان عربيّة عدّة ما زالت تبرّر لمواطنيها الذكور ارتكابهم ما يُطلق عليه "جرائم شرف". واليوم، تُسجَّل في الكويت تحرّكات لإلغاء المادة ذات الصلة من القانون الجزائي.

لا تُعَدّ جرائم الشرف ظاهرة واضحة للعيان في الكويت، إلا أنّها وعلى غرار بلدان عربية أخرى تملك قانون الشرف الخاص بها الذي يسمح لقاتل الزوجة أو الأم أو الابنة أو الأخت في حال ضبطها في حالة زنا بالحصول على حكم مخفف بالسجن.

وتنصّ المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي على أنّ "كل من فاجأ زوجته في حالة تلبّس بالزنى، أو فاجأ ابنته أو أمه أو أخته متلبّسة بمواقعة رجل لها وقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو يواقعها أو قتلهما معاً، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تتجاوز ثلاثة آلاف روبية (عملة الكويت القديمة قبل الاستقلال) أو بإحدى هاتين العقوبتين".

"حملة إلغاء المادة 153" أطلقتها ناشطات حقوقيات وأكاديميات شكّلن مجموعة ضغط، لتوعية النساء وكذلك الوزراء ونواب البرلمان وغيرهم حول هذه المادة التي تتعارض، بحسب ما يشرنَ، مع المنطق والشرع، بالإضافة إلى تسليطها الضوء على العنف ضد المرأة من قبل أقربائها والذي غالباً ما يصار إلى التنازل عنه في مخافر الشرطة فيما يُجبَر الطرفان على الصلح تحت مسمى "الحفاظ على السلم الأسري ورعاية للتقاليد والأعراف الكويتية".




وتعمد الحملة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية والعربية والعالمية إلى عقد ورش للتوعية ومعارض فنية ولقاءات شعرية وعروض سينمائية. إلى ذلك، أعدّت الحملة أوّل مسح علمي في الخليج العربي في صيف عام 2016 بالتعاون مع الدكتور جاستن جنجلر، من معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية (سيسري) في جامعة قطر، حول مدى تقبّل المجتمع الكويتي أو رفضه لمثل هذه التشريعات. ووجد المسح أنّ الغالبية العظمى من المستطلعين لا تعلم بوجود قانون جرائم شرف في دولة الكويت وأنّ 63 في المائة من الشعب يرفض وجود قانون كهذا.

وتقول الناشطة سندس حشين، وهي عضو في حملة إلغاء المادة 153، إنّ هذه المادة "تُخالف المنطق، إذ كيف يُعقل أن يُجيز المُشرّع القتل لمجرد الشبهة أو الريبة، وكيف يُعقل أن يُجيز حق القاتل بأن يكون الخصم والحكم ومنفذ العقوبة في آن واحد، وكيف يُعقل أن يجيز للشخص أن يحكم على شخص آخر بعقوبة القتل من دون أن يُسمح للأخير حتى بالدفاع عن نفسه". وتؤكّد لـ"العربي الجديد"، أنّ ذلك "يشجّع على الإجرام والقتل". تضيف: "نحن في الحملة عملنا بصورة متواصلة على إلغاء هذه المادة التي جرى اقتباسها من المادة 324 من قانون العقوبات الفرنسي القديم. لكنّ تلك المادة تجاوزها الزمن. وتناقشنا مع علماء شريعة ورجال دين أكّدوا لنا أنّ هذه المادة بهذه الطريقة لا تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية". وتتابع أنّ "الحملة ركّزت على اتباع الأسلوب السلمي واللاصدامي مع المجتمع، إذ اختارت أن تروّج لأفكارها عن طريق التغيير الثقافي. لذلك هي تنظّم معرضاً فنياً سنوياً بمناسبة يوم المرأة الكويتية، يركّز على الفنانين الإقليميين ويصوّر معاناة المرأة المعنّفة عن طريق التصوير والرسم والنحت".

تجدر الإشارة إلى أنّ لجنة شؤون المرأة والأسرة في البرلمان الكويتي السابق كانت قد طلبت استفساراً من وزير العدل، وقد سألته شرح وجهة نظر الوزارة حول المادة 153 ومدى قانونيتها وموافقتها للدستور الكويتي، خصوصاً أنّها لا تساوي بين الرجل والمرأة في الجريمة الواحدة. لكنّ حلّ البرلمان وإعادة انتخابه من جديد عطّل الموضوع وجعله حبيس الأدراج.




في السياق، يقول الشيخ حمدان العازمي، وهو إمام وخطيب في وزارة الأوقاف الكويتية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا القانون يُعَدّ من الأمور غير المقبولة شرعاً وقانوناً، خصوصاً أنّ قوانين الأحوال الشخصية المرتبطة بقانون الجزاء مأخوذة بالكامل من الشريعة الإسلامية". ويستغرب العازمي "كيف أنّ النواب الذين يُعِدّون تطبيق الشريعة وأسلمة القوانين من أولوياتهم في هذا البرلمان، يسكتون عن هذا القانون الذي يجيز سفك الدماء بغير وجه حقّ، ولا سيّما أنّ كل أطياف المجتمع تؤيّد إلغاءه".

من جهته، يرى المحامي عبدالله العتيبي أنّ "هذا القانون هو من أعجب القوانين التي زرعها الاستعمار الغربي في الدول العربية، وهو يمثّل فرصة حقيقية لقتل الزوجة من دون سبب وجيه والهروب تحت ستار هذه المادة الضبابية غير الواضحة من القانون". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ القانون الكويتي ساوى في تعريف "حالة الزنا" بين الرجل والمرأة، "لكنّ هذه المادة تناقضه، إذ تقول بحكم مخفّف على الرجل الذي وجد زوجته مع رجل آخر وقتلها، فيما لا تقول بالحكم نفسه في حال وجدت المرأة زوجها مع امرأة أخرى فقتلته. وفي الحالات الطبيعية، يُحكم على القاتل إمّا بالإعدام أو بالسجن المؤبّد، لكن في هذه الحالة يحكم على الرجل بالسجن ثلاث سنوات فقط أو دفع مبلغ لا يذكر من المال". ويتابع العتيبي أنّ "هذا القانون يخالف كذلك ميثاق حقوق الإنسان الذي وقّعت عليه الكويت والذي ينصّ في مادته الأولى على أنّ الناس متساوون في الحقوق والواجبات بغضّ النظر عن أعراقهم وأجناسهم".

على الرغم من عدم انتشار جرائم الشرف في الكويت وانعدامها في مناطق كثيرة منها، إلا أنّ الناشطات والناشطين في مجال حقوق المرأة يتخوّفون من استغلال بعض الأشخاص لهذا القانون القديم في سبيل الانتقام من الزوجات أو الأخوات أو الأمهات والخروج بسهولة من السجن خلال مدّة لا تتجاوز ثلاث سنوات.

دلالات
المساهمون