قانون البطاقة الوطنية الإلكترونية في المغرب يثير غضب الأمازيغ

23 يوليو 2020
اعتبر دستور 2011 اللغة الأمازيغية لغة رسمية في المغرب (عبد الحق سنة/فرانس برس)
+ الخط -

تتوالى ردود الفعل على إقرار مجلس النواب المغربي، الغرفة الأولى، الإثنين الماضي مشروع القانون المتعلق بالبطاقة الوطنيّة الإلكترونيّة للتعريف، من قبل نشطاء وجمعيات أمازيغية.
وأثار عدم تضمين مشروع القانون اعتماد كتابة الاسمين العائلي والشخصي لحامل بطاقة الهوية الإلكترونية وباقي المعلومات المتعلقة به باللغة الأمازيغية استياء واسعاً في صفوف مكونات الحركة الأمازيغية، وصل حدّ وصفه بـ"الإقصاء".
واعتبر رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، أبو بكر أونغير، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أن "إقصاء الأمازيغية من بطاقة الهوية الوطنية انقلاب على الدستور وتعطيل لمقتضياته وظلم للأمازيغية كلغة وهوية"، لافتاً إلى أنه "في الوقت الذي كنا ننتظر فيه انتفاضة برلمانية للحيلولة دون مرور هذا القانون الذي يُقصي الأمازيغية من بطاقة الهوية؛ فإننا فوجئنا بإجماع على خرق الدستور ومصادرة للحق اللغوي الأمازيغي ونكوص إلى الوراء".
واعتبر أونغير أن تعامل الأحزاب المغربية مع القضية الأمازيغية هو "تعامل انتخابي ظرفي وغير مبدئي"، مضيفاً أن "الأحزاب السياسية غير مؤمنة بالتعدد الثقافي ببلادنا، وواكبت بشكل انتهازي المبادرات الملكية الإيجابية اتجاه الأمازيغية، لذلك لم تستطع أن تقدم ولو إجراءات بسيطة للنهوض بالأمازيغية. كما لم تستطع أن تبني تصورات وبرامج باستقلالية وإيمان عميق بقضايا الوطن، لذلك فهي مرة أخرى، تخلف موعدها مع التاريخ في ما يتعلق بالتصويت على بطاقة الهوية بدون أمازيغية".

تتهم جمعيات ومنظمات أمازيغية أعضاء البرلمان بالالتفاف على المكتسبات الدستورية 

إلى ذلك، عبّر نحو 200 جمعية وتنظيم أمازيغي عن تذمرهم وإحباطهم الشديدين مما سموه مسلسل الالتفاف على المكتسبات الدستورية والقانونية، المتمثل في المصادقة بالإجماع داخل لجنة الداخلية، وخلال الجلسة العامة للبرلمان على القانون المتعلق ببطاقة الهوية الإلكترونية، بما يتضمنه من "إقصاء ممنهج ومقصود للغة الأمازيغية الرسمية".
واعتبرت الجمعيات، في بيان لها، أن هذا الخرق لمقتضيات الدستور، يعد "تمادياً في الانحراف عن مسار البناء الديمقراطي والحقوقي، ودخولاً في متاهة العبث التشريعي والمؤسساتي، ويؤثر سلباً في جدية خطاب الدولة حول الأمازيغية والديمقراطية، ويضرب في مصداقية مؤسساتها، كما أنه يكرس الدونية والتمييز الذي تمارسه هذه المؤسسات على الأمازيغ وعلى لغتهم وثقافتهم".
وقالت الجمعيات، في بيان وصل لـ"العربي الجديد"، إن ما وقع "يعكس غياب إرادة سياسية حقيقية لدى الدولة وعدم جديتها وتراجعها الواضح عن التزاماتها الوطنية والدولية اتجاه الأمازيغ والأمازيغية، واتجاه المقتضيات الدستورية".
واعتبرت الجمعيات، في بيانها، أن "إقصاء اللغة الأمازيغية في مشروع القانون المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية إجراء سياسي وتشريعي تمييزي، يكرس اليأس السياسي والتخبط المؤسساتي، وسيولّد لدى المواطنين إحباطاً عميقاً وشعوراً خطيراً بالميز بين المغاربة، مما ستكون له تداعيات وخيمة مستقبلاً".

وبالرغم من اعتراف دستور 2011 بكل مكونات الهوية المغربية، وخصوصاً المكونين العربي والأمازيغي؛ فإن الأحداث التي سُجّلت في السنوات التالية لاعتماد الدستور أظهرت أن قضايا الهوية لا تزال مورداً أساسياً للصراع السياسي. حيث عانى مسار إدماج اللغة الأمازيغية في مختلف مجالات الحياة العامة من تعثرات كبرى نتيجة مسبّبات سياسية.
كان مشروع قانون بطاقة الهوية الإلكترونية محط جدل سياسي وحقوقي جديدين، بعد أن رأت فيه جمعيات أمازيغية "مُصالحة منقوصة مع الهوية الأمازيغية"، وبخاصة بعد أن قطع ترسيم اللغة الأمازيغية أشواطاً طويلة في المغرب، بداية من تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في سنة 2001، إلى الاعتراف بها لغة رسمية للبلاد، إلى جانب العربية، في آخر دستور للبلاد سنة 2011، وأخيراً دخول القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وآليات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، حيز التنفيذ بعد صدوره في الجريدة الرسمية في سبتمبر/أيلول 2019.

المساهمون