قانون "أعلى سلطة قضائية" يفجّر خلافاً جديداً بين القوى العراقية

18 يونيو 2020
حراك جديد داخل البرلمان لتمرير القانون (الأناضول)
+ الخط -
بدأت قوى سياسية عراقية مختلفة حراكاً جديداً داخل البرلمان، لتمرير قانون المحكمة الاتحادية، المعطل منذ الدورة البرلمانية الماضية، بسبب الخلاف بشأن بعض فقراته، والتي تتيح فرصة لبعض الجهات لفرض "مشرّعين دينيين" داخل السلطة القضائية، الأمر الذي أعاد الجدل مجددا بشأن القانون، والذي تسبب تعطيله في التأثير على العملية السياسية ككل.

والمحكمة الاتحادية تعدّ أعلى سلطة في البلاد، وهي معنية بالفصل في النزاعات بين السلطات التنفيذية، وهي الجهة الوحيدة التي تبت في تفسير النصوص الدستورية الخلافية.

ووفقا لمسودة القانون، فإنه سيكون بالإمكان ترشيح رجال دين من مختلف الطوائف لعضوية الهيئة القضائية للمحكمة، وهو ما يهدد، بحسب مراقبين، بمزيد من الترسيخ الطائفي والابتعاد عن الدولة المدنية التي ينشدها العراقيون، ويمنح رأي أو سلطة دينية داخل المحكمة، ما قد يفرض أيضاً جدلاً طائفياً.

ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، قدم طلبا رسميا مشفوعا بتواقيع من نواب إلى رئاسة البرلمان، لإدراج القانون في جلساته القادمة. وقالت النائبة عن الائتلاف، عالية نصيف، "إنها قدمت طلبا موقعا من 50 نائبا إلى رئيس البرلمان لإدراج القانون"، مؤكدة، في بيان صحافي، أنه "بات من الضروري إنهاء حالة الفراغ الدستوري لأعلى سلطة في البلاد، ويجب على الكتل السياسية أن تتحمل المسؤولية القانونية والوطنية لإنهاء الفراغ".

وشددت على أن "هناك قضايا مصيرية تتطلب الحسم، وما زالت متوقفة بسبب نقص النصاب في المحكمة، الأمر الذي يحتم إنهاء هذا الملف".
أما "تحالف سائرون" الذي يتزعمه مقتدى الصدر، فقد أكد أهمية تمرير القانون وإنهاء الصراع بشأنه.

وقال النائب عن التحالف، رياض المسعودي، إن "جلسة البرلمان المقبلة ستشهد طرح قضية تعديل قانون المحكمة الاتحادية، فهناك خلل دستوري، ويجب تمرير القانون وفق تعديلات جديدة"، مبينا أن "أبرز الخلافات السياسية على قانون المحكمة الاتحادية، تتعلق بعدد الأعضاء ومن يرشح هؤلاء الأعضاء، ودور فقهاء الشريعة، وما إذا كان يحق لهم التصويت، وهل أن قراراتهم باتة أم غير باتة، ومدة وعمر كل عضو من أعضاء المحكمة الاتحادية، ومن ينقض قرارات المحكمة الاتحادية، وما هي قرارات ومهام المحكمة".

وأضاف أن "هناك صراعاً سياسياً بين بعض الجهات التي تحاول الحصول على مناصب مؤثرة في هذه المحكمة، الأمر الذي يجعل من مهمة تشكيل محكمة اتحادية مهنية أمرا صعبا جداً".

مقابل ذلك، ترفض القوى المدنية محاولات تلك الجهات تمرير القانون وفرض فقهاء دينيين في المحكمة الاتحادية، محذرة من خطورة القانون.
وقالت النائبة السابقة عن التيار المدني، شروق العبايجي، لـ"العربي الجديد"، "نرفض وجود أعضاء وممثلين عن المؤسسات الدينية والمذاهب الطائفية داخل المحكمة الاتحادية، باعتبارها أعلى سلطة في البلد، وهي التي تبت في القضايا والخلافات السياسية المهمة"، مؤكدة أن "القضاء يجب أن يكون مستقلا عن كافة التأثيرات الأخرى، خاصة الدينية منها".

وأكدت أن "هذا الخلاف هو الذي عطل تمرير القانون منذ الدورة البرلمانية السابقة، والتي جعلت من القانون قانونا جدليا"، مشيرة إلى أن "تلك الجهات التي تسعى إلى تمريره حاليا تحاول استغلال الظرف الحالي كونه ظرفا غير مستقر، لتحقيق أهدافها، لكنها تناست أن الشعب لن يسكت على ذلك".

الصراع بشأن القانون تسبب في تعطيل حسم الكثير من القضايا الخلافية، التي تحتاج إلى قرار باتّ من قبل المحكمة الاتحادية، الأمر الذي أثر على العملية السياسية برمّتها.

وقال عضو اللجنة القانونية النيابية حسن العقابي، إنه "لا يوجد اتفاق على قانون المحكمة الاتحادية من قبل البرلمان حتى الآن"، مبينا في تصريح صحافي أن "هناك خللاً واضحاً في نصاب المحكمة الاتحادية لم يحل لغاية الآن، ما سبب إرباكا في العملية السياسية برمتها حسم القضايا الخلافية".