يعدّ برنامج "قادة المستقبل" جزءاً من برنامج "بذور الاستقلال" الذي أطلقته جمعية النداء الإنساني خلال عامي 2018 – 2019، بتمويل مشترك من مؤسسة إيمواس السويدية، و"forumZFD"، وذلك من خلال وكالة التعاون السويدية للتنمية الدولية. ويهدف المشروع إلى تمكين الشباب الفلسطيني من مهارات القيادة والمساهمة في تطوير المجتمعات التي يعيش فيها، استناداً إلى مبادئ حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.
تقول مسؤولة المشاريع في جمعية "النداء" الإنساني حنان قاسم الخطيب، وهي لاجئة فلسطينية من قرية دير الأسد بقضاء عكا: "ولدتُ ونشأتُ في مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان). منذ كنت صغيرة، حاولت متابعة دراستي والحصول على شهادة دكتوراه في مجال الإدارة. لكن بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها عائلتي وكل عائلة فلسطينية في لبنان، التحقت بمعهد سبلين للتدريب المهني والتقني، وحصلت على شهادة دبلوم في التجارة وإدارة المكاتب. وعلى الرغم من هذه الظروف، لم أتخلّ عن حلمي، وانتسبت لاحقاً إلى الجامعة لمتابعة تعليمي، وتخرجت عام 2007 بتخصص إدارة المعلوماتية، ثم أنهيت دراسة الماجستير في إدارة الأعمال وتخرجت عام 2013".
أما عن المشروع، فتقول إنه "جزء من برنامج بذور الاستقلال الذي يهدف إلى تعزيز دور الجيل الناشئ من الشباب الفلسطيني، وتمكينه من قيادة مجتمعه في المستقبل، والمطالبة بحقوقه في أماكن وجوده، سواء في بلدان اللجوء أو تحت سلطة الاحتلال، إلى حين تأمين حل عادل لقضيته وحق تقرير المصير وحق العودة". تضيف: "من هنا، دُرِّب 211 شاباً وشابة من معظم المخيمات الفلسطينية على مفهوم القيادة بشكل واسع، من خلال دورات تدريبية عدة، بواسطة خبراء في هذا المجال".
وبعد الحملة التي أطلقتها وزارة العمل اللبنانية لتنظيم العمالة الأجنبية، وقرار وزير العمل اللبناني عدم استثناء الفلسطينيين من هذه الحملة، انتفضت المخيمات الفلسطينية، وعبّرت عن رفضها لهذا القرار بالوسائل المتاحة داخل المخيمات. من هنا، "كان لا بدّ من تسليط الضوء على قضية اللاجئين عموماً، والمطالبة بإقرار الحقوق الأساسية للإنسان الفلسطيني إلى حين العودة إلى بلدنا الحبيب فلسطين"، توضح الخطيب. وبما أنّ المشروع قد أعدّ نواة قادة للمستقبل من الشباب المثقفين والمتعلمين، كان لا بدّ من المشاركة في التحركات السلمية المطالبة بالحقوق بشكل فعّال ومؤثر. لذلك، أطلق خريجو مشروع "قادة المستقبل" حملة مناصرة بعنوان "حقوقي الأساسية.. مش ضد القضية"، وتعدّ أحد أنشطة المشروع، بهدف التدرّب على تنفيذ حملات المناصرة والمطالبة بالحقوق.
من جهته، يقول أحد المتدربين نوري عفارة، وهو شاب سوري الجنسية من منطقة إدلب، ويدرس في كلية العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبنانية، إن أهداف الدورة شجعته على الالتحاق بها، إذ تسعى إلى بناء قادة للمستقبل من أجل تغيير مجرى حياة الشباب في لبنان أو العالم. يضيف: "تدربنا على قيادة الجمعيات غير الحكومية، وكيفية إدارة المجموعات، والتغيير، من خلال ورش عمل عدة". ويتحدّث عن مشروعه المتعلق بالتوعية على الصحة النفسية، إضافة إلى الحقوق التي تكفلها القوانين. "استفدت كثيراً من التدريب، وشاركت في تدريب وتعليم شباب أعمارهم 18 عاماً وما فوق من الذين تركوا الدراسة، بهدف إعادتهم إلى مقاعد الدراسة"، لافتاً إلى أن التأهيل يستمر مدة ستة أشهر. "كنت من الذين انقطعوا عن التعليم، وقد عدت إلى الدراسة بعد مشاركتي في هذا البرنامج الذي أعادني اليوم إلى الجامعة". يتابع بأن المشروع تعليمي ويجري بالتنسيق مع وزارة التعليم في لبنان.
أما منى أبو عطية، وهي فلسطينية من عكا في فلسطين، تعيش في صيدا، وهي متطوعة في جمعية النداء الإنساني الموجودة في مخيم عين الحلوة، فتقول: "شاركت في مشروع قادة المستقبل الذي يقوم على تدريب الشباب الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، حتى يستطيعوا قيادة حياتهم بنحو صحيح. والتدريب كان بالتعاون مع الأكاديمية الدولية لبناء القدرات". تتابع: "تطوعت في هذا المشروع حتى أستطيع أن أكون فاعلة في المجتمع، ومساعدة الآخرين. واستطعت البدء بتغيير نفسي، وقد نجحت في ذلك. كنت سعيدة خلال المشاركة في المحاضرات المتعلقة بتوعية الشباب والأمهات والأطفال، علماً بأنه يستفيد من المحاضرات أكثر من عشرة آلاف شخص".