07 ابريل 2022
في معنى عودة الإدارة المدنية الإسرائيلية
على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية، وحسب اتفاقية أوسلو في العام 1993، مع منظمة التحرير الفلسطينية، كانت قد قلّصت من صلاحيات الإدارة المدنية الإسرائيلية، والتي تم تشكيلها في العام 1981، بقرار من الحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحيم بيغن، والتي كان أول قراراتها، في حينه، تشكيل روابط القرى الفلسطينية قيادة بديلة لمنظمة التحرير، قبيل الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982، والقضاء عسكريا على منظمة التحرير، وإخراج مقاتليها وقادتها إلى عدة دول عربية، إلا أنه، وحسب اتفاقية أوسلو، تم نقل عشرات الصلاحيات المدنية منها إلى السلطة الفلسطينية على المناطق المصنفة أ وب، والتي تضم معظم المناطق الفلسطينية المأهولة بالسكان، وتشكل مساحة ثلث أراضي الضفة الغربية فقط، إلا أن الحكومة الإسرائيلية كانت قد أصرت على الاحتفاظ بكل الصلاحيات الأمنية والمدنية في المنطقة التي صنفتها "أوسلو" بالمنطقة ج، والتي تشكل حوالي ثلثي مساحة الضفة الغربية، ولا تضم سوى عشرات الألوف من الفلسطينيين، حيث قامت الحكومة الإسرائيلية في حينه بتقليص عدد العاملين الإسرائيليين في الإدارة المدنية، بعد نقل الصلاحيات المدنية إلى السلطة الفلسطينية، على الحد الأقصى من المواطنين الفلسطينيين، فيما استمرت سيطرة الإدارة المدنية الإسرائيلية بشكل كامل على الحد الأقصى من الجغرافيا الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث كان مفترضا إنهاء الإدارة المدنية الإسرائيلية وحلها بعد خمس سنوات من التوقيع على اتفاقية أوسلو، وذلك بنقل كل
الصلاحيات المدنية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية على كامل الأراضي المحتلة، ليتبين، فيما بعد، أن الحكومة الإسرائيلية أرادت من توقيع اتفاقية أوسلو، وما شملته من تصنيفاتٍ متعدّدة لمناطق الضفة الغربية، التخلص من أعباء الحكم وإدارة الشؤون الفلسطينية المحلية، عبر نقلها إلى السلطة الفلسطينية، وأن تظهر أمام العالم كأنها أنهت احتلالها العسكري أغلبية الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه، لتتفرغ بالكامل للسيطرة على الجزء الأكبر من أراضي الضفة الغربية، والمسماة مناطق سي، وذلك عبر مشروع منظم وممنهج لاجتثاث الوجود الفلسطيني في تلك المناطق، من خلال منع المواطنين الفلسطينيين من العمل في أراضيهم وفلاحتها، أو استثمارها في شتى المشاريع الزراعية أو الاقتصادية الأخرى، وعدم السماح لهم بالإقامة فيها، ومنع إصدار رخص للبناء فيها، لا بل القيام بهدم آلاف المنازل والآبار والمنشآت الزراعية، والتي كانت مقامةً حتى قبل الاحتلال العسكري الإسرائيلي في 1967.
وفي موازاة تلك الإجراءات الاحتلالية الاجتثاثية، زرعت الحكومة الإسرائيلية وإدارتها المدنية معظم تلك المنطقة بعشرات المستوطنات والمستعمرات، والتي أصبح عدد مستوطنيها يزيد على سبعمائة ألف مستوطن، الأمر الذي أصبح يشكل واقعا جغرافيا وديمغرافيا من الصعب تغييره، حيث يسيطر فيه المستوطنون اليهود على معظم أراضي الضفة الغربية، والتي تحوي أكبر الموارد الطبيعية من أراض زراعية ومياه جوفية وصخور، وبشكل متصل ومتواصل جغرافيا وديمغرافيا مع المدن "الإسرائيلية" داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، وذلك بعد إلغاء حدود الخط الأخضر، والذي كان يتطلع فيه الفلسطينيون ليكون حدود دولتهم المستقلة مستقبلا، فيما تم حشر ملايين الفلسطينيين في مدنهم وبلداتهم وقراهم ومخيماتهم، وبدون أية موارد طبيعية، تضمن الحياة الكريمة، وتلبية احتياجات الزيادة السكانية الطبيعة. وفي وضع شبيه تماما بالسجون الكبيرة، أو الكانتونات والأقفاص المتناثرة وغير المتصلة مع بعضها في الضفة الغربية.
قبل أيام، وبشكل ينهي تماماً ما تبقى حتى من الشق المدني في اتفاقية أوسلو، أعلنت الحكومة الإسرائيلية نيتها مضاعفة أعداد العاملين الإسرائيليين في الإدارة المدنية في الضفة الغربية، بحجة تحسين الخدمات الحياتية للمجتمع الفلسطيني، وللمستوطنين اليهود أيضا في الضفة الغربية، وكأن هؤلاء أصبحوا جزءا من الضفة الغربية. ويعني ذلك البدء بالإنهاء التدريجي لما تبقى من صلاحيات مدنية للسلطة الفلسطينية في الضفة، وعودة الإدارة المدنية الإسرائيلية، لتكون الحكومة الفعلية والوحيدة في الضفة الغربية، وكان قد سبق ذلك تعميق التواصل بين ضباط الإدارة المدنية الإسرائيلية مع المواطنين الفلسطينيين عبر صفحات عديدة للإدارة المدنية على مواقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك" و"تويتر" مثلا، والتي تتحدث مباشرة، مدار
الساعة مع المواطنين الفلسطينيين، إضافة إلى لقاءات واتصالات أخرى، متجاوزة بذلك السلطة الفلسطينية ومؤسساتها ودوائرها الخدماتية الأخرى. حيث تدير تلك الصفحات أطقم إسرائيلية متخصصة في كيفية مخاطبة الفلسطينيين، خصوصا أن عشرات ألوف الفلسطينيين يتابعون، ويتفاعل كثيرون منهم مع هذه الصفحات، سواء الذين يعبرون عن رفضهم الاحتلال وأساليبه الناعمة، أو الذين يطرحون مشكلاتهم لحلها من الإدارة المدنية، بعد أن أقنعتهم منشورات الإدارة المدنية وكتاباتها أنها معنية بحل مشكلاتهم وتحسين حياتهم، وان إسرائيل وإدارتها المدنية هما الجهة الوحيدة القادرة على ذلك، بعد إظهار السلطة الوطنية الفلسطينية ضعيفة، وغير قادرة على إيجاد الحلول الملائمة لمشكلاتهم الحياتية المختلفة.
وكان وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، والمسؤول عن الإدارة المدنية الإسرائيلية، قد أعلن، قبل شهور، أنه بصدد تطوير العلاقة مع المجتمع الفلسطيني، بدون أن يتم ذلك من خلال السلطة في الضفة، في إطار سياسة العصا والجزرة التي يتبناها، وبموجبها يتم استخدام العصا ضد السلطة، وضد الأطراف التي يصفها محرّضة وإرهابية، فيما يستخدم سياسة الجزرة مع الأطراف التي يصفها معتدلة، وخصوصا بعض رجال الأعمال أصحاب المصالح الاقتصادية والشخصية.
أصبح واضحا أن تطبيق المشروع الإسرائيلي، عودة الإدارة المدنية الإسرائيلية، للتحكّم في كل القضايا الحياتية للشعب الفلسطيني لا يعني نهاية دور السلطة الفلسطينية ووظائفها ومهامها فقط، لا بل هو عودة الأمور إلى وضع أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل توقيع اتفاقية أوسلو، من استيطان شامل، وعملية عزل لمدينة القدس وتهويدها وتفريغها من مواطنيها الفلسطينيين، وجلب مزيد من المستوطنين إلى القدس الشرقية المحتلة، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، الأمر الذي يفرض على القيادة الفلسطينية، والكل الفلسطيني، أن ينظروا، بقلق كبير، إلى مستقبل الشعب والقضية والأرض. وبالتالي، عدم البقاء في مربع الانتظار، بل الانتقال إلى مربع الفعل، وقلب الطاولة، وخصوصا في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترامب، والتي تبنت رؤية اليمين الإسرائيلي بشكلٍ يتناقض حتى مع سياسات الإدارات الأميركية السابقة المنحازة لإسرائيل.
وفي موازاة تلك الإجراءات الاحتلالية الاجتثاثية، زرعت الحكومة الإسرائيلية وإدارتها المدنية معظم تلك المنطقة بعشرات المستوطنات والمستعمرات، والتي أصبح عدد مستوطنيها يزيد على سبعمائة ألف مستوطن، الأمر الذي أصبح يشكل واقعا جغرافيا وديمغرافيا من الصعب تغييره، حيث يسيطر فيه المستوطنون اليهود على معظم أراضي الضفة الغربية، والتي تحوي أكبر الموارد الطبيعية من أراض زراعية ومياه جوفية وصخور، وبشكل متصل ومتواصل جغرافيا وديمغرافيا مع المدن "الإسرائيلية" داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948، وذلك بعد إلغاء حدود الخط الأخضر، والذي كان يتطلع فيه الفلسطينيون ليكون حدود دولتهم المستقلة مستقبلا، فيما تم حشر ملايين الفلسطينيين في مدنهم وبلداتهم وقراهم ومخيماتهم، وبدون أية موارد طبيعية، تضمن الحياة الكريمة، وتلبية احتياجات الزيادة السكانية الطبيعة. وفي وضع شبيه تماما بالسجون الكبيرة، أو الكانتونات والأقفاص المتناثرة وغير المتصلة مع بعضها في الضفة الغربية.
قبل أيام، وبشكل ينهي تماماً ما تبقى حتى من الشق المدني في اتفاقية أوسلو، أعلنت الحكومة الإسرائيلية نيتها مضاعفة أعداد العاملين الإسرائيليين في الإدارة المدنية في الضفة الغربية، بحجة تحسين الخدمات الحياتية للمجتمع الفلسطيني، وللمستوطنين اليهود أيضا في الضفة الغربية، وكأن هؤلاء أصبحوا جزءا من الضفة الغربية. ويعني ذلك البدء بالإنهاء التدريجي لما تبقى من صلاحيات مدنية للسلطة الفلسطينية في الضفة، وعودة الإدارة المدنية الإسرائيلية، لتكون الحكومة الفعلية والوحيدة في الضفة الغربية، وكان قد سبق ذلك تعميق التواصل بين ضباط الإدارة المدنية الإسرائيلية مع المواطنين الفلسطينيين عبر صفحات عديدة للإدارة المدنية على مواقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك" و"تويتر" مثلا، والتي تتحدث مباشرة، مدار
وكان وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، والمسؤول عن الإدارة المدنية الإسرائيلية، قد أعلن، قبل شهور، أنه بصدد تطوير العلاقة مع المجتمع الفلسطيني، بدون أن يتم ذلك من خلال السلطة في الضفة، في إطار سياسة العصا والجزرة التي يتبناها، وبموجبها يتم استخدام العصا ضد السلطة، وضد الأطراف التي يصفها محرّضة وإرهابية، فيما يستخدم سياسة الجزرة مع الأطراف التي يصفها معتدلة، وخصوصا بعض رجال الأعمال أصحاب المصالح الاقتصادية والشخصية.
أصبح واضحا أن تطبيق المشروع الإسرائيلي، عودة الإدارة المدنية الإسرائيلية، للتحكّم في كل القضايا الحياتية للشعب الفلسطيني لا يعني نهاية دور السلطة الفلسطينية ووظائفها ومهامها فقط، لا بل هو عودة الأمور إلى وضع أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل توقيع اتفاقية أوسلو، من استيطان شامل، وعملية عزل لمدينة القدس وتهويدها وتفريغها من مواطنيها الفلسطينيين، وجلب مزيد من المستوطنين إلى القدس الشرقية المحتلة، وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، الأمر الذي يفرض على القيادة الفلسطينية، والكل الفلسطيني، أن ينظروا، بقلق كبير، إلى مستقبل الشعب والقضية والأرض. وبالتالي، عدم البقاء في مربع الانتظار، بل الانتقال إلى مربع الفعل، وقلب الطاولة، وخصوصا في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترامب، والتي تبنت رؤية اليمين الإسرائيلي بشكلٍ يتناقض حتى مع سياسات الإدارات الأميركية السابقة المنحازة لإسرائيل.