في كلِّ صباح تحمل صورته

22 ابريل 2019
نجاة ذهبي/ تونس
+ الخط -

لم أعلم
أن الماء شفيف مثلك يا أحمد، قالت
أو كاد يكونْ.

يتحرّك
باص السجن صباحاً فجراً، والحزن تكدَّس فينا، صور، ذاكرة، شَغَف
وسلام أخشى أن أنسى هذا أو هذي،
وجبال واقفة فينا، وجبال جالسة تقرأ أو تكتب، وتحدق في كل كتاب.

يتحرك
"يَقْطي"،
قالت هذا الحَجَّة
وتغطي فمها بالخرقة، كانت.

هل أسأل أحمد عنها، قالت أيضاً
ستكون عروساً رائعة، لكن
أخشى أن...،
وتغيب طويلاً
وتعود إليها
ويرد القلب عليها بالصوت الدافيْ:
رائعة جداً
يكفينا أنّا نتفحَّم، يكفينا
أنّا،
تتذكر أن عليها أن تخفض صوت القلب قليلاً.

يتخافت صوت الباص رويداً
يتوقف
نتوقف أيضاً
نزداد حساباً، نسمع قرقعة الزمن الغائب،
لا أعرف إن كنا نجلس أو شبه وقوف كنّا
يتبصر واحدنا ما سوف يكون بُعيد اللحظة
والرهبة واقفة فينا أو معنا
الكل يُجَمِّع
نشوته
يفرك عينيه قليلاً.

النبرة
هذي واضحة جداً قالت:
أعرفها إني
(أتذكر، جاءوا في وقت
في تلك الليلة قالوا:

(هو بيغجع بعد شوَيّة)
آه يا "بعد شوَيّة"...!

نفس الصوت المتعرج هذا:

"اينْ بيكور هيوم
هكول
أوليخ بيتا
يَلّه"

أمسكَت الحَجَّة أطراف الثوب الأسود
وتسرّب غَيب
وانكسرت صورٌ
واحترقت صورٌ
وارتج الكون طويلاً
..........
..........
ويقال بأن الحجة:
في كل صباح تحمل صورته وتحدث كل السيّارة إن مرّوا
ومساءً تجلس قدام الدار.


* شاعر من فلسطين

المساهمون