في عشاء الندم

27 مايو 2019
سمير سلامة/ فلسطين
+ الخط -

أصنام شجاعة

دعها تتهدّمْ بالنُّكران،
دَمُكَ المسفوكُ على مُطلقهِ:
مِلهاتُها،
ونخبكَ المُرُّ:
نديمها المذبوح،
إذن
سَمّها تماثيلكَ الكبرى.
من الخزفِ الهَشّ
حتى الأُمثولةِ المُوشّاة؛
والرُوحِ المُبتهلةِ
حتى الخُضوعِ المَحْض،
تضعُ جبهتكَ المُسوَّدةَ عليها
تضرّعاً
لأفولكَ العظيم،
وتقدحُ
الحصى
بالدّمِ الحَبيس،
تقرّباً
لأصنامكَ الشُجاعة.


■ ■ ■


الراية المنكّسة

مُحاطاً
بالكأسِ والندماء،
أدلقُ نجماً مُتوّجاً بالمراثي والنبيذ،
حولي قنواتُ العزلةِ
يدانِ مضرّجتانِ بالهوى والوحل
يأخذها التلويحُ الباذخُ
في هيئة الفولاذ،
لا تذكرُ ولا تحنُّ ولا تأسى
مُشرّدةً
مع أغاني الليل
ومطلقةً
في بهو الرقص
أحملُ بها الرايةَ المنكّسة
وأغنّي
لمن تجاسرَ بالعراء
ومن تحصّنَ بالكلمة!


■ ■ ■


مكابدات

(1)
تأخذني التماثيلُ المصقولةُ إلى جسدكِ المفعمِ بالبُنّ،
قلبي حجرُ اللّين والتجربة.
أرقدُ بين يديكِ النائمتين، وأدّخرُ اليقظة كلّها
بينَ خيالكِ المرتاب وشغفكِ العذب،
مُكابداتٍ
في الضراعةِ والحبّ.

(2)
أسمّيكِ
عنابرَ الحِنطَةِ والبُنّ؛
قافيةَ الغرقِ الموزونةِ في عُنقِ الألماس؛
نشيدَ الأخلاطِ المُلتاعةِ في البال؛
يداكِ على مشجبِ القلب
مُطلقتانِ
بالحُجُبِ والأقفاص،
تنفثانِ العُقَدَ الوثقى بالأثرِ المُستهام،
وتفتحان في النايِ المثقوبةِ.. بابَ العزف!


(3)
جسدكِ المُندفعُ مثلَ آلةِ غزال،
عيناكِ
فوقَ رملِ المسرّةِ،
بابُكِ المُوصَدُ
في عَشاءِ النّدم،
جُمجمةُ الأزرقِ
في صَدفكِ الحارّ،
أذرعُ بها المشي نحوكِ
وأشربُ أنخابكِ كلّها
بالكأسِ المُترنّحةِ
إذ أرفَعُها
في صِحَّةِ هذا البحر.


* شاعر فلسطيني من مواليد الخليل عام 1988، صدرت له مجموعتان شعريتان هما "سفر ينصت للعائلة" عن "الأهلية للنشر" عام 2014، و"نهايات غادرها الأبطال والقتلة" عن الدار نفسها عام 2017. وله أيضاً كتابات في النقد الأدبي والثقافي.

المساهمون