في ذكرى "حركة 20 فبراير"... كلمة لا بد منها

22 فبراير 2018
+ الخط -
مرّت سبع سنواتٍ على "حركة 20 فبراير"، الحركة التي تزامن ظهورها في المغرب مع بداية الموجة الاحتجاجية التي شهدتها البُلدان العربية (تونس - مصر - ليبيا - اليمن - سورية) سنة 2011، في إطار ما بات يُسمى بـ"الربيع العربي" أو "الحراك العربي"، الذي عبّرت من خلاله الشعوبُ العربية عن سخطها تجاه الأنظمة السياسية وطالبت بحقها في الحرية والكرامة والعدالة والعيش الكريم.

وقد رفعت هذه الحركة، أي حركة 20 فبراير، آنذاك شعارات إسقاط الفساد والاستبداد، وكذلك تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، كما نادت بالتغيير، مطالبة بـ"الملكية البرلمانية"، لكن النظام المغربي شعر بالتهديد الذي تشكّله هذه الحركة، ما جعله يتصدّى لها بذكاء، وتعامل معها بشكل مرن، إذ بادر إلى امتصاص عنفوانها، وذلك من خلال صياغة دستور جديد وتنظيم انتخاباتٍ سابقة لأوانها، أسفرت عن فوز حزب العدالة والتنمية وتصدره المشهد السياسي المغربي.


وبحلول الذكرى السابعة لـ"حركة 20 فبراير" حريّ بنا أن نستحضر بعضاً من إنجازات هذه الحركة:

كسر حاجز الخوف
يرى العديد من الخبراء أن أكبر إنجاز حققته "حركة 20 فبراير" يكمن في تجاوز عتبة الخوف، ومن ثم كسر حاجز الصمت، واكتساب جرأة كبيرة في الدفاع عن الحقوق، إذ استغلت الحركة الجمود الذي يخيم على الأحزاب السياسية، وقدّمت نفسها بديلاً لها للتعبير عن مطالب الشعب، الذي كان يعيش، ولا يزال، القهر والتهميش والبطالة، وكذلك فشل السياسات الحكومية السابقة في ميادين عدة، فضلاً عن استفحال الفساد في البلاد، وبالتالي خلّصت الشعب من خوفه من التظاهر في الشارع دفاعاً عن حق، أو رفضاً لقرار، فالمواطن المغربي لم يعد يخاف من الرعب والقمع اللذين مورسا عليه عبر عقود طويلة.

توحيد أطياف المجتمع
استطاعت "حركة 20 فبراير" أن تؤلّف بين مختلف الفئات العمرية وكذلك الشرائح الاجتماعية، إذ شملت الفئات العمرية شباباً ما بين 16 و36 سنة، بحسب بعض التقديرات، وجلهم لم يسبق لهم أن عبروا عن آرائهم السياسية، بينما تشكّلت الشرائح الاجتماعية من مناضلين يساريين وإسلاميين، فضلاً عن نشطاء حقوقيين وفنانين وأساتذة ورجال أعمال، بالإضافة إلى بعض الإعلاميين.

ونجحت الحركة كذلك، إلى حد ما، في توحيد التوجّهات السياسية والأيديولوجية المختلفة، إذ إن قيادة الحركة تشكّلت من جماعة العدل والإحسان والقوى اليسارية، التي اجتمعت لأول مرة في مظاهرة احتجاجية واحدة.

تحريك المياه الراكدة
لقد حرّكت "حركة 20 فبراير" مياه السياسة الراكدة، إذ خلقت دينامية، بشكل لم يكن له مثيل، في الساحة السياسية المغربية، التي كان يسودها الجمود، إذ إن الحركة يعود إليها الفضل في فتح ملف الدستور، الذي تم الاستفتاء عليه بعدها.

وأعطت الحركة مكانة كبيرة للشعب، وردّت إليه الاعتبار، كما جذبت إليها الشباب، العازف عن السياسة، لينخرط في التغيير.

فضح النخب السياسية
يُؤكد العديد من المحللين نجاح "حركة 20 فبراير" في كشف الوجه الحقيقي لبعض الأحزاب السياسية، التي اتّسمت بالانتهازية، إذ حاولت الارتماء في حضن الحركة في اللحظة الأخيرة من أجل جذب الأضواء نحوها، على الرغم من أنّ هذه الأحزاب لم تتبنّ مطالب الحركة.

إلى جانب ذلك، حاولت بعض الأحزاب استغلال الحركة في تصفية حساباتها مع أحزاب أخرى، كما هو الشأن بالنسبة إلى حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، مع العلم أن هذا الأخير تبرأ من الحركة منذ البداية، إذ إنه دعا أعضاءه وأنصاره إلى عدم المشاركة في المسيرات الاحتجاجية.

إن حركة 20 فبراير بإيجابياتها وسلبياتها وإنجازاتها وإخفاقاتها تمثل حدثاً بارزاً في مسار الحركات الاحتجاجية في المغرب، ولا شك أن الباحث في التاريخ السياسي المغربي سيقف عندها طويلاً، فبالرغم من أن الحركة لم تحقق مطالبها، التي ظلّت شعارات تردد إلى يومنا هذا، فإنها أسهمت بشكل غير مسبوق في تبديد الخوف لدى المواطنين، وتأجيجهم للخروج إلى الشارع للتظاهر والتنديد والمطالبة بالحقوق، وخير مثال على ذلك ما اصطلح عليه "حراك الريف" الذي دام قرابة سنة كاملة، وكذلك "احتجاجات زاكورة" و"انتفاضة جرادة" الأخيرة.