في حضرة غوارديولا وتوخيل..ألمانيا تودع الموسم بنهائي تكتيكي متكافئ

22 مايو 2016
لقاء داخل اللقاء بين غوارديولا وتوخيل (Getty)
+ الخط -
 

اختتم بيب غوارديولا مسيرته في الملاعب الألمانية بلقب جديد، بعد تحقيق بايرن ميونخ للثنائية المحلية، وحصوله على بطولة الكأس على حساب دورتموند، في مباراة رائعة على الصعيدين الفني والتكتيكي، بين ثنائي على أعلى مستوى ممكن، في ختام مثالي لموسم مختلف هذه المرة، كان التنافس هو شعاره الأساسي منذ البداية وحتى النهاية، التي وضعت كلمتها الأخيرة بركلات الجزاء الترجيحية، لتؤكد أن الفروق قليلة للغاية هذه المرة.

التلميذ والأستاذ
تحدث الثنائي غوارديولا وتوخيل في مقابلة إعلامية قبل الكأس، وظهر بوضوح التناغم غير المقصود بين المدربين في جوانب عديدة، فقائد دورتموند متأثر بشدة بطريقة لعب بارسا بيب خلال فترات سابقة، واعترف علانية أنه من مشجعي هذا الفريق، لأنه تعلم منه الكثير من معالم كرة القدم، بل وصل به الأمر إلى تأكيده على ولعه بالفكر الذي قدمه الراحل يوهان كرويف للمستديرة في حقبة التسعينيات من القرن الماضي.

بيب نفسه وضع توخيل في مصاف الكبار، عندما أكد أن هذا الشاب الصغير نقل دورتموند إلى مستوى أعلى، بالحفاظ على طريقة الضغط القوية واللعب السريع من الخلف إلى الأمام، مع إضافة بعد آخر في عملية الاستحواذ والبناء الذكي للهجمات، ليتفوق الفريق الحالي على آخر نسخة قدمها سلفه يورغن كلوب قبل رحيله إلى ليفربول.

يشترك بيب وتوخيل في أشياء عديدة، حب الكرة والشغب المستمر، مع الميل إلى الكرة الجميلة التي تعتمد على المبادرة، لذلك يؤكد الطرفين أنهما من هواة كتابة السؤال التكتيكي لا انتظار إجابته، وخلال مباراة الكأس الأخيرة، تم تدوين هذه الملاحظات بأريحية كبيرة، من خلال تسديدات بالجملة وفرص خطيرة هنا وهناك، وعرض فني رفيع المقام رغم نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي.

طريقة اللعب
بدأ بايرن ميونخ المباراة بتكتيك قريب من 4-1-4-1، وعالج بيب الخطأ الوحيد في مباراة الإياب ضد أتليتكو، عندما افتقد عمق الارتكاز إلى المرونة المطلوبة بسبب كبر سن ألونسو، ليضع تياغو ألكانتارا جنبا لجنب مع أرتورو فيدال، ليظهر وسط بايرن بصورة أكبر، بسرعة في التحولات، وبراعة في التمريرات الماكرة تجاه لاعبي الثلث الهجومي.

ولم يكتف البافاري بهذا المحور، بل وضع أكثر من لاعب مميز في الأمام، موللر خلف ليفاندوفيسكي على مشارف منطقة الجزاء، مع الضرب في الأطراف بالثنائي ريبري ودوغلاس كوستا، مقابل ثبات ألابا وفيليب لام على الخط الجانبي للملعب، بين آخر لاعبين في التشكيلة، كيميتش وبواتينغ.

أما توخيل فلعب بثلاثي صريح في الخلف، بيندر بجوار سوكراتيس من أجل إعطاء هوميلز حرية كبيرة في التمرير القطري والطولي، خلف فيغيل لاعب الارتكاز الوحيد الذي يدعمه كاسترو في العمق، مع بيتشيك وشميلزر على الأطراف، ليترك كل شيء هجوميا بين أقدام الثلاثي ميختاريان، رويس، وأوباميانغ، خطة أقرب إلى 3-4-3.

أسفل الأطراف
راهن الفريقان كثيرا على منطقة الأطراف من الملعب، خصوصا مع تواجد عدد كبير من الأقدام في العمق، لذلك ركز دورتموند في هجماته على قيمة ماركو رويس، في كونه جناحا داخليا يستطيع صناعة الهجمات من مراكز اللعب، مع دعم مستمر من كاسترو بالارتكاز، لوضع أوباميانغ وميختاريان في مكان أفضل أمام المرمى، عن طريق تبادل المراكز وتغطية أكبر قدر ممكن من المساحات دون الكرة.

بينما عاد بيب إلى سلاحه القديم، ألا وهو الهجوم المستمر من أسفل الأطراف، وبالتحديد في الفراغ المتاح أمام الظهير الأيسر شميلزر، اللاعب الذي يترك فراغات واضحة خلفه وأمامه، مستندا لتواجد هوملز على مقربة منه، وكان يقوم بهذا الدور سابقا آرين روبين في مثل هذه المواجهات، لكن في نهائي الكأس آلت المهمة للبرازيلي كوستا.

رغم سهولة توقع طريقة لعب بايرن، إلا أن دوغلاس كوستا فعل ما يريد خلال معظم فترات اللعب، لأنه يمتاز بالسرعة والمهارة، مما يجعله في مسار أفضل، سواء بدخوله للعمق ومن ثم محاولة التسديد، أو مواصلة الانطلاق على الخط لعمل عرضية سريعة أمام موللر أو ليفاندوفيسكي، واستمرت الوتيرة على هذا الشكل، هجمات متبادلة وفعالية واضحة دون هز الشباك.

مباراة التسديدات
شهدت مباراة الكأس نسبة كبيرة من اللعب الهجومي الواضح، لأن بايرن لا يدافع كثيرا، كذلك طريقة لعب دورتموند تجبره على الهجوم، حتى وإذا كان الخصم فريق بحجم البافاري، لذلك سدد الجانبان كرات عديدة على المرمى، وصلت إلى 17 تسديدة لبايرن، و9 تسديدات لبروسيا، مع عدد مراوغات متوازن لكافة النجوم، لكن دون أي هدف.

يعود السر وراء خروج اللقاء بالرقم السلبي إلى عدم فعالية المهاجمين، فالبولندي ليفاندوفيسكي يمر بلحظات غير جيدة، ويستمر في إضاعة فرص سهلة خلال المباريات الأخيرة، مع تأثر موللر بعودته المستمرة إلى منطقة المنتصف، نتيجة عدم وجود لاعب ثالث في الارتكاز، مما جعل بايرن يستحوذ كثيرا ويصنع فرص واضحة افتقدت إلى الوفرة العددية داخل المنطقة، ورعونة الهداف في ترجمتها إلى ناتج ملموس.

لم يكن الحال أفضل بالنسبة لدورتموند، فالغابوني أوباميانغ تحول كثيرا لمنطقة الجناح، من أجل دعم ماركو رويس الذي عاد بعض الشيء للخلف، خصوصا بعد خروج هوملز للإصابة، الأمر الذي جعل البناء من الخلف ضعيف بعض الشيء، فقلت هجمات الفريق المكافح في الثلث الهجومي الأخير.

ختام الموسم
فشل بروسيا دورتموند في الفوز بأي لقب هذا العام، لكنه نافس بقوة في بطولة الدوري، وكان قاب قوسين أو أدنى من خطف الكأس، كذلك قدم بطولة راقية في الدوري الأوروبي، لكنه افتقد إلى عامل الخبرة والحسم في اللحظات الأخيرة، لذلك يجب أن يتمسك توخيل بنفس فلسفته الفنية، مع إضافة بعض الصفقات في منطقة الدفاع والجناح الهجومي، ليتحول هذا الفريق من منافس قوي إلى بطل ثابت في مختلف البطولات المقبلة.

بينما ودع غوارديولا بايرن بطريقة رائعة، بعد نجاحه في تحقيق 7 بطولات خلال 3 سنوات، ورغم عدم حصوله على دوري الأبطال، إلا أن هذه التجربة لم تكن فاشلة أبدا، فبيب استفاد بالخبرة والمرونة، بينما زاد عنصر الشباب في تشكيلة الفريق الألماني، وأصبحت لديه حلول هجومية عديدة، مع تحسن واضح في قدرات وكفاءة اللاعبين على مستوى فهم تكتيكات جديدة، لذلك كانت هناك مكاسب مثمرة للجانبين.

ينتظر بايرن مدربه الجديد أنشيلوتي، ويطير بيب إلى إنجلترا في مهمة صعبة للغاية، مان سيتي ليس بالفريق الصلب، ويحتاج إلى عمل مضاعف على كافة المستويات، في انتظار موسم كروي حافل بألمانيا وإنجلترا وكافة ملاعب القارة العجوز.


المساهمون