في تحدٍ لأميركا.. الصين تُطلق رسمياً أول عقود نفط باليوان

26 مارس 2018
الصين تعزز قوّة عملتها بإطلاق سوقها المالية الجديدة (غيتي)
+ الخط -


أصدرت الصين وبشكل رسمي أول عقود نفط مستقبلية مقومة بعملتها المحلية اليوان، في خطوة طال انتظارها، وتُمثل تحدياً للنفط الذي يتم تسعيره بالدولار الأميركي.

وقال رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، ليو شيو، إن الهيئة لديها الثقة والقدرة على بناء سوق عقود نفط مستقبلية آمنة، مشيراً إلى أنه سيلعب دوراً هاماً في اقتصاد بلاده، نقلاً عن "ثاوث تشينا مورنينج بوست".

وتعود فكرة إصدار الصين لعقود متداولة باليوان إلى 2012، عندما تجاوز سعر البرميل 100 دولار للبرميل.

وفي الشهر الماضي، لمحت الصين إلى اقتراب تنفيذ تلك الخطوة، بعد تقارير أفادت بأن تلك العقود ستنطلق في الشهر الجاري، بعد إجراء 5 اختبارات للنظام في العام الماضي، وتم اكتشاف وجود خلل بسيط بمنصة التداول تم التعهد بمعالجته.

وتعد تلك الخطوة بمثابة تهديد حقيقي للولايات المتحدة التي هيمنت بعملتها لسنوات على سعر النفط الخام، حيث أن كافة التصريحات السابقة بإصدار نفط مقوم بعملة غير الدولار كانت نهايتها الفشل.

وفي العام 2015 أعلنت روسيا أكبر منتج نفطي أنها ترغب في تنفيذ جميع عمليات شراء الخام مع الصين باستخدام اليوان.

على الجانب الآخر، تخدم تلك الخطوة الصين التي تعد أكبر مستورد للخام حيث بلغت وارداتها النفطية في 2017 نحو 420 مليون طن بزيادة بنحو 10.7% عن مستواها في 2016.

وقال مسؤولون صينيون إن الخطوة تساهم في توسيع نفوذ الصين على الأسعار المباعة في آسيا، وجعل عملته لاعباً أكبر على الساحة العالمية، ومدّ نفوذه في الاقتصاد العالمي، مشيرين إلى أن الصين بدأت، اليوم الإثنين، بالفعل تداول عقود النفط مقومة باليوان الصيني في بورصة شنغهاي العالمية للطاقة، وهي جزء من بورصة شنغهاي للعقود الآجلة.


وحظيت العقود الآجلة الصينية، باهتمام كبريات الشركات العالمية الموردة للنفط، في اليوم الأول من التدشين، حيث قال مصدران مطلعان لـ"رويترز"، إن شركة التجارة العملاقة ترافيغورا من أولى الشركات الأجنبية التي تداولت عقود الخام الآجلة التي أطلقتها الصين، وترافيغورا هي إحدى أكبر شركات تجارة النفط والمنتجات البترولية المستقلة على مستوى العالم.

وقال مسؤول كبير في شركة يونيبك إن "سيولة عقود نفط شنغهاي الآجلة ستفوق نظيرتها في بورصة دبي الطاقة"، إذ توفر مقياسا بديلا لأسعار شحنات النفط التي يتم تسليمها في الصين، بينما أحجمت بورصة دبي للطاقة عن التعقيب.

وبحسب بيانات البورصة، فالعقود الآجلة المدرجة للتداول هي العقود التي سيتم تسليمها من سبتمبر/أيلول من هذا العام حتى مارس/آذار 2019.

وتم تحديد الأسعار القياسية من 15 عقدا، تراوحت أسعار البرميل فيها بين 416 يوانا (65.8 دولارا)، و388 يوانا (61.4 دولارا) و375 يوانا (59.4 دولارا)، تبعاً لتواريخ التسليم.

وافتتحت العقود الآجلة للنفط الخام لتسوية سبتمبر/أيلول، الأنشط اليوم، عند 440 يوانا (69.67 دولارا)، ارتفاعا من السعر المرجعي 416 يوانا (65.8 دولارا).

وبعد 20 دقيقة من الافتتاح، تم توقيع 14 ألف صفقة، فيما تم تداول حوالي 20 ألفا و300 عقد على مدار اليوم. وأغلق برميل خام برنت القياسي عند 429.9 يوانا (68.1 دولارا).

وتتداول العقود في بورصة شانغهاي العالمية للطاقة، من الساعة 9 صباحا ولغاية 11:30 صباحا بتوقيت غرينتش، ومن 1:30 ظهرا حتى 3 مساء، وكذلك في الليل بين الساعة 9 مساء والساعة 2:30 صباحا.

وقال مسؤول كبير في شركة يونيبك، اليوم الإثنين، إن الذراع التجارية لسينوبك، أكبر شركة تكرير في آسيا، وقّعت اتفاقا مع شركة نفط غربية كبيرة لشراء خام من الشرق الأوسط بسعر يتحدد على أساس عقود نفط شنغهاي الآجلة الجديدة.

وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب سياسة الشركة، إن يونيبك آسيا التي مقرها هونغ كونغ ستشتري الخام المقرر تسليمه في الصين لمدة عام، بدءا من سبتمبر/أيلول. وأحجم المصدر عن التعليق بخصوص الطرف الآخر الموقع معه الاتفاق أو حجم المشتريات.

وأضافت عدة مصادر في السوق، أنه تردد أن البائع هو "شل إنترناشونال إيسترن ترايدنغ"، الذراع التجارية لـ"رويال داتش شل"، وإن كانت متحدثة باسم شل قد أحجمت عن التعليق.


وقد يسهم الاتفاق في تعزيز فرص نجاح أول عقود الصين الآجلة للخام، في الوقت الذي يأمل فيه أكبر مستورد للنفط في العالم، باستحداث معيار منافس لخامي القياس العالميين برنت وغرب تكساس الوسيط.

وفي الوقت الحالي، يتم تسعير ما يربو على 15 مليون برميل يوميا من خامات الشرق الأوسط وروسيا المصدرة إلى آسيا باستخدام خامي دبي وعمان القياسيين، اللذين تقيمهما وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس للتسعير، والعقود الآجلة للخام العماني في بورصة دبي للطاقة.

وأفادت البيانات الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك الصينية، اليوم، بأن روسيا ورّدت 1.32 مليون برميل يومياً، الشهر الماضي، بزيادة 17.8% عنها قبل عام. واستعادت السعودية المركز الثاني، بعد أن فقدته لصالح أنغولا، في يناير/كانون الثاني، وبلغت إمدادات فبراير/شباط 1.21 مليون برميل يوميا، الشهر الماضي، منخفضة 2.9% على أساس سنوي، ولكنها أعلى من 1.01 مليون برميل يوميا، يناير/كانون الثاني.

وجاءت أنغولا في المركز الثالث بشحنات 973.8 ألف برميل يومياً، بزيادة 14.7% عنها قبل عام. وسجلت الشحنات من البرازيل أسرع نمو بين الموردين الرئيسيين، وبلغت 626.17 ألف برميل يوميا، بزيادة 54% على أساس سنوي. وأظهرت البيانات أن واردات الصين من إيران نزلت نحو 28%، الشهر الماضي، على أساس سنوي، إلى نحو 474.4 ألف برميل يوميا.

وتضع البورصة حدوداً قصوى يومية صارمة لعدد الأوامر الملغاة المسموح بها لكل حساب، بهدف الحد من التلاعب. ويتضمن ذلك التقدم بطلبات شراء أو عروض بيع للعقود الآجلة بنيّة إلغائها قبل التنفيذ.

فبالنسبة للعملاء الكبار الذين يضعون أوامر تزيد على 300 دفعة، أو ما يعادل 30 ألف برميل من النفط، فإن الحد الأقصى هو 50 إلغاء يوميا. أما المتعاملون بأوامر أصغر فمسموح لهم 500 إلغاء.

وفتحت الصين ما يزيد على 6 آلاف حساب للتداول، بما في ذلك حسابات لشركاتها النفطية الكبيرة، ونحو 150 شركة وساطة. وتم تسجيل 10 وسطاء أجانب، من بينهم "جيه.بي مورغان" و"باندز فايننشال" و"ستريتس فايننشال سيرفسيز" ووحدات أخرى لوسطاء محليين مقرها هونغ كونغ.

(العربي الجديد، الأناضول، رويترز، شينخوا)
المساهمون