في انتظار زهرة غريبة لن تنمو

17 يوليو 2020
محمد المليحي/ المغرب
+ الخط -

خروج من النوم

أخرج من النوم ببطء،
أطلُّ على المدن التي تستلقي جانبي.
بيتي كزهرة عباد الشمس،
لكن لا شمس تأتي إلى بيتي.
أسمع خطوات الجارة العمياء،
تفتح نافذتها بخفة.


■ ■ ■


جثّة على النهر

هذا الصباح شاهدوا جثّة على النهر
لكنني في البيت
لم أنتحر أبداً !
فقط شاهدت حلما صغيراً
عن امرأة تقبّلني بنهم.
هذا الصباح
لم يضحكوا،
لم يبكوا،
بل مرّوا كأنهم لم يروا أحداً.


■ ■ ■


هاربون من حرب

لم يذهبوا إلى الحرب.
بل انشغلوا بتجنيد فيلق من النجوم،
كانت نظراتهم كفيلة بذلك.
لم يذهبوا إلى الحرب.
لكن حروبهم تلخّصت في انتظار زهرة غريبة،
لن تنمو.


■ ■ ■


أنظر عميقاً

أَنظر لزهرة أقحوان تتفتح،
لسنونو ينقر مطرا قديماً،
لفتاة تستقلّ حافلة و شعرها يطير،
لسماء تنحني كعجوز علينا بلا قبل،
لرجل يمشي كأنه يحلّق لأنه نسي حبيبته في مكان ما.
أنظر لكل هذا الجمال
وأطلب من الله 
عيوناً كثيرة.
أمشي إلى البيت من ممرّ الشمال،
في قدمي بقايا مطر
وحيداً، و أعمى.


■ ■ ■


حديث عن الأشجار

أتحدّث أحياناً عن الأشجار.
الأشجار التي تلتفّ حول بيت ما،
الأشجار التي تكبر،
حينما ننطق كلمة (لغة)،
عن الأشجار التي نسمعها تهمس التحية،
حين نعبر شارعاً طويلاً.
وأحيانا أتحدّث عن الهواء الذي يلتفّ حول تلك الأشجار،
أتحدّث عن حبّ نلمسه،
و لا يمكننا رؤيته.


■ ■ ■


سمكة في حوض

نفكّر في خلق الحقيقة
نخلق أوّلاً طائراً بلا اسم،
شارعاً صغيراً في ضاحية ما،
جندياً صغيراً نمنحه النبوّة،
وعشباً خفيفاً نتمشّى فوقه فَرحَين.
لكن ألا يكفي أن ننظر بحب
لسمكة صغيرة في حوض؟


■ ■ ■


حَجرُ البدو

أرى بدواً صغاراً
يتراكضون خلفك ضاحكين
وأنت تنزل من السماء بخفّة.
يضعونك في معبد زجاجي
تقول لهم: 
أنا مجرّد حجر صغير
لكن أذانهم من زجاج
هذا الصباح كُنتَ في يد طفل
يركض بك بعيداً.
أرى بدواً صغاراً
يمشون بأرجل من زجاج
يبحثون عن حجر جديد
عن إله جديد.

 
■ ■ ■


رجل يمشي على أربع

يتساءل الرجل الذي يمشي على أربع
هل سألمس السماء؛
هل سأرى وردة الجوري؟
ونحن نفكّر مثله
عند تتلامس الأصابع بخفّة،
عندما نطلق أغنيات صغيرة لم تُخلق قط.


■ ■ ■

 

اصطياد الصباح

كنّا نخرج لنصطاد الصباح
وكان يفر منا في كل مرة.
وبعدها كنا نجلس،
ونفكّر كيف سنصطاد أشواقنا
في الغد.


■ ■ ■


أبحث عن فراشة

إذا لم أجد الفراشة
سأجد النوم الطويل
فبه سأجد فراشات كثيرة
وطُرُقاً لا تنتهي.
سأجد الأميرات،
والنوافذ مشرعة، 
ولهاث أناس يركضون
خلف فراشات
خلف أميرات.
سأكتفي بالغفوة
فبالغفوة
نجد الصباح في الكف
كهدية إله


■ ■ ■

 

لا تمنح برتقالة

يقول الجُنيد:
لا تمنح بهلولاً برتقالة،
البهلول يدعو عليك!
لكنني هذا الصباح
أطعمت السماء من يدي،
منحت للعابرين النظرة كلّها
كيف ألقط كل هذا، وأهرب؟


■ ■ ■


في مركبة

نذهب في مركبة
ونسمع من بعيد تغريد عصفور
نذهب بعيداً، إلى أي حد؟
لا نعلم ذلك
لكنه المضي فقط من يقودنا
ذهاب بعيد،
ولذيذ،
مثل تغريدة بعيدة وحزينة


■ ■ ■


بهجة

ضجيج في الأسفل
لا يعنيني بشيء،
لكنني أحسُّ ببهجة تطلع مثل رائحة امرأة،
ضجيج يعلو،
كأن جارة تغيّر شراشفها.
هذا الصباح رأيت نبتة الصبّار لم تتغيّر
لكن إحساسي بها تغيّر مثل خجل قديم.
أرى الصباح بعينين مغمضتين
وأحس موسيقاه.
أمشي بين الجميع لكن لا أحد ينتبه.


* شاعر ومترجم مغربي

المساهمون