عشرات المهرجانات تقام في المغرب والجزائر كلّ عام، ويخصّصها منظّموها لفرق موسيقى الكناوة، لا يخلو التعامل معها من جانب سياحي يغلب أحياناً على الثقافي.
النتيجة الواضحة لهذه المهرجانات أن هذا الشكل الموسيقى أصبح أكثر حضوراً وتأثيراً وانتشاراً في العقد الأخير أكثر من أي وقت مضى، بل وأُنتجت تجارب مزجت الكناوة بأشكال موسيقية غربية.
في هذا السياق تنطلق ندوة "معرفة تجربة الكناوة وفهم تاريخها" التي يقيمها فضاء "آرت دو في" في الرباط عند السادسة من مساء الخميس المقبل.
تتناول الندوة عدّة محاور، من بينها تاريخ ثقافة الكناوة وأصولها، والبحث في أصول الكلمة واستخداماتها، وأشهر فرقها ومغنيها، والفرق بين طقوس الكناوة المختلفة.
يعود المحاضرون إلى لحظة وصول غناء الكناوة مع "العبيد" الذين كانوا يُجلبون من السنغال والسودان وغانا وغيرها من بلاد جنوب أفريقيا إلى شمالها، أي المغرب والجزائر على وجه الخصوص.
أما في ما يخص التسمية نفسها، أحد محاور النقاش، فتشير الأبحاث الموسيقية التاريخية إلى أن أصل التسمية مستمّد من لفظ كناوة من غانا، وكان يستخدم كتعبير عن الرجال السود القادمين من جنوب الصحراء الأفريقية نهاية القرن السادس عشر، وبالتدريج اندمجوا في المجتمع المغربي، خاصة في مناطق الصويرة ومراكش وسوس.
تتميز هذه الموسيقى برقصاتها المرافقة القوية الحركات والتي تجمع الطرب بالصوفية، وكانت قبل أن تتحوّل إلى جزء معترف به من التراث اللامادي للعالم وتقام لها المهرجانات طيلة السنة، فرقاً تطوف بين الأحياء حاملة آلات الصنج والدفوف والطبول بلباس فلكوري تميّزه الألوان القوية والحارة التي تشبه أفريقيا.
اكتسبت الكناوة مع الوقت طقوساً جديدةً، فأصبحت يقام لها حفلٌ يسمى "الليلة" في المغرب و"الديوان" في الجزائر، ودخلت عليها آلات إيقاعية ووترية جديدة مثل القراقب والكنبري. وقد وقع على هذا الفن الكثير من التغيّرات إلى أن أصبحت بشكلها الحالي خليطاً عربياً وأفريقياً وبربرياً، وفي عصرنا أضيف إلى بعض التجارب البعد الغربي أو الهندي، لتصير أغاني الرقيق مثالاً في عصرنا على تعدّد الهويات.
من أشهر فرق الكناوة ومعلميها: عبد الرحيم بنتهامي، وميمون الغمامي، ومختار غينيا وعبد المالك قادري وعبد الله الكور، أما أفضل ما يمثّل مزج الكناوة بالجاز والبلوز فنجده في تجربة الفنان راندي وستن.