في ألبومه الصغير

أَوقفني في المأدبة، وقال لي:
"أًفضّل أَن أُشنق مع عمر المختار
على أَن أَعتلي المنصّة مع هؤلاء الجواسيس
الذين يتحدّثون باسمنا"

أَوقفني وسألني
عن اسم بقّال الحي الذي عشتُ فيه طفولتي
ثم أَخرج من جيب معطفه ألبوماً صغيراً
وأَراني صور أطفالٍ منزعجين وقال إنهم أبنائي
وإنني تأخرتُ سنوات في العودة إلى البيت
وإن زوجتي (يسميها ابنته) أبلت بلاءً حسناً في تربيتهم
أثناء غيبتي 
(قال إنه، أيضاً، بقّال الحيّ
وإن ابني المنزعج يحلّ محلّه في القيلولة)

استحيتُ أَن أَسأله عن أَسماء أولادي
استحيتُ أَن أَسأله عن اسم أُمّهم
ومثّلتُ أَمامه أَنني غادرتُ البيت هذا الصباح

تنهّدَ ونظر إلى البعيد كأنه ممثلٌ في مسلسل
وقال عليّ أَلّا أُخبر أَحداً بما دار بيننا
وإنه صاحب هذه المأدبة - لكنه يفضّل أن يمثّل دور بقّال الحيّ
وبدا متأثراً وهو يقول من جديد:
"أُفضّلُ أَن أُشنق مع عمر المختار
على أَن أَبقى هنا..." 
ثم أَسرع إلى الباب والدموع تملأ وجهه

وتركني وحدي في المأدبة
أَتحسس وجوه أبنائي
في ألبومه الصغير.