11 نوفمبر 2024
فنان وزعيم وعدو "العرب"
"فنان العرب".. "مذيع العرب".. "شاعر العرب".. "مواهب العرب" أسماء برامج تلفزيونية تكالبت على المشاهد العربي في السنوات الأخيرة، وحققت نجاحاً كبيراً. بدليل استمرارها عدة مواسم، وتكرار بعضها بمسميات مختلفة ومضمون متشابه. لذا، فلينتظر القارئ مزيداً من تلك البرامج والمسابقات، مثل "راقصة العرب"، "طباخ العرب"، "سائق العرب" و"خياط العرب". هذه الموجة من العروض والمواد الإعلامية تستفيد من رغبة الشارع العربي في الهروب من واقع مؤلم، لا يفرّق بين مواطن عربي غني وآخر فقير، واقعٍ لم يستثن بلداً ذا وفرة مالية، أو ينحصر في دولة تعاني مشكلات وأزمات.
قد تجلب هذه البرامج مكاسب مالية، وتشغل وقت المشاهد العربي في جرعة ترفيه مخدرة، سرعان ما يزول تأثيرها بانتهاء حلقات المسابقة، وأحياناً بعد كل حلقة، لكن شعبيتها تعكس رغبة داخلية لدى المواطن العربي في أن يجد شخصاً أو رمزاً يجمع العرب ويوحدهم في أي مجال. حتى وإن كان هذا المجال الرقص أو الغناء أو تقليد الأصوات، فضلاً عن إثبات أن للعرب قيمة وأهمية، ولديهم مبدعون ومتفوقون، ولو رقصاً أو شعراً.
أما وأن العرب يبحثون عمّا، وربما عمّن يجمعهم، فلم لا يكون هناك برنامج إعلامي يبحث عن "زعيم العرب"، يتقدم إليه كل من يرى نفسه زعيماً، يستطيع قيادة الأمة العربية والنهوض بها، أو يملك حلولاً ومخارج مبتكرة للمآزق والمعضلات التي وقع العرب فيها، بسذاجتهم تارة، وبإرادتهم تارة أخرى. وكما أن برامج المسابقات الفنية والمواهب مفتوحة لكل من يظن في نفسه الموهبة، وإنْ واهماً، يجب فتح لقب "زعيم العرب" أمام كل مواطن عربي، من دون شرط أو قيد. ومن دون حصر أو احتكار، إذ لم يورد العرب موارد التهلكة إلا اقتصار القيادة والإمساك بزمام الأمور على الساسة والخبراء وذوي النفع والاستنفاع. وليكن الفرز والاختيار بأصوات ملايين العرب في كل مكان، من المنازل، الديوانيات، المجالس، المقاهي، المنتديات العامة، عبر الهواتف وشبكات التواصل. من دون لجنة لفحص المرشحين وممارسة الوصاية على إرادة الشعوب وفرض اختياراتها عليهم. "زعيم العرب" ليس بالضرورة قيادة فعلية، أو حاكماً لعموم العرب، (فذلك حلم بل سراب) لكنه فقط رمز للتوحد والاجتماع.
ربما يرى بعضهم الفكرة سخيفة أو مستفزة، وهي كذلك بحق. لكنها سخيفة سخافة الواقع الخيالي الذي يعيشه كل عربي، ومستفزة، بقدر تناقض سلوك السياسي العربي مع مواقفه الصوتية. ذلك السياسي الذي لو ترشح للقب "زعيم العرب" لربما حصل على صوته هو فقط، إنْ لم يمنح صوته لغيره، بيعاً أو مقايضة أو مكايدة.
قد تكون فكرة "زعيم العرب" فانتازيا لا يؤمن بها المعلنون، ويخشاها أصحاب الفضائيات، ومن ورائهم ووراء الواقع العربي. لذا، ثمة فكرة أخرى، ربما أكثر أهمية، لكنها أقل إحراجاً. مسابقة أو برنامج باسم "عدو العرب"، حيث يصوّت المشاهدون من المحيط إلى الخليج، لاختيار الدولة أو الشخص أو الكيان أو أياً ما كان، الأكثر عداء للعرب وتدميراً لحاضرهم وتخريباً لمستقبلهم. وللمرة الثانية، ليمتنع الساسة والخبراء الاستراتيجيون، ومن حولهم من سماسرة ووسطاء الإعلام والأعمال. فلولاهم لعرف العرب عدوهم. أو بالأحرى لهزموه، فهم لم يخطئوه إلا بفشل أولئك وتدليس هؤلاء. فاختلط عليهم الأعداء، وعجزوا عن تمييز العرَض من المرض، والعدو من الأداة. من العدو؟ الثورة أم الاستبداد، القهر أم العنف المضاد، الظلم أم الإرهاب، مؤامرة الخارج أم عمالة الداخل، العلمانية أم التديين، العسكرة أم المدنية، إسرائيل أم إيران، أميركا أم روسيا. العدو أحد أم بعض أم كل هؤلاء؟
إنْ كان الاتفاق على من أو ما يجمع العرب صعباً إلى مستحيل، فليكن التوافق على ما يحيط بهم من مخاطر، ليست بالضرورة واحدة أو متطابقة، لكنها بالتأكيد متشابكة، وتأثيرها سيطاول الجميع. من يمنح كل أسبوع فناناً أو بهلواناً أو شاعراً لقب "العرب"، الأجدر به أن يبحث عمن يستحق لقب "زعيم العرب". وإذ لن يجد، فليعرف على الأقل من هم أو من هو "عدو العرب".
قد تجلب هذه البرامج مكاسب مالية، وتشغل وقت المشاهد العربي في جرعة ترفيه مخدرة، سرعان ما يزول تأثيرها بانتهاء حلقات المسابقة، وأحياناً بعد كل حلقة، لكن شعبيتها تعكس رغبة داخلية لدى المواطن العربي في أن يجد شخصاً أو رمزاً يجمع العرب ويوحدهم في أي مجال. حتى وإن كان هذا المجال الرقص أو الغناء أو تقليد الأصوات، فضلاً عن إثبات أن للعرب قيمة وأهمية، ولديهم مبدعون ومتفوقون، ولو رقصاً أو شعراً.
أما وأن العرب يبحثون عمّا، وربما عمّن يجمعهم، فلم لا يكون هناك برنامج إعلامي يبحث عن "زعيم العرب"، يتقدم إليه كل من يرى نفسه زعيماً، يستطيع قيادة الأمة العربية والنهوض بها، أو يملك حلولاً ومخارج مبتكرة للمآزق والمعضلات التي وقع العرب فيها، بسذاجتهم تارة، وبإرادتهم تارة أخرى. وكما أن برامج المسابقات الفنية والمواهب مفتوحة لكل من يظن في نفسه الموهبة، وإنْ واهماً، يجب فتح لقب "زعيم العرب" أمام كل مواطن عربي، من دون شرط أو قيد. ومن دون حصر أو احتكار، إذ لم يورد العرب موارد التهلكة إلا اقتصار القيادة والإمساك بزمام الأمور على الساسة والخبراء وذوي النفع والاستنفاع. وليكن الفرز والاختيار بأصوات ملايين العرب في كل مكان، من المنازل، الديوانيات، المجالس، المقاهي، المنتديات العامة، عبر الهواتف وشبكات التواصل. من دون لجنة لفحص المرشحين وممارسة الوصاية على إرادة الشعوب وفرض اختياراتها عليهم. "زعيم العرب" ليس بالضرورة قيادة فعلية، أو حاكماً لعموم العرب، (فذلك حلم بل سراب) لكنه فقط رمز للتوحد والاجتماع.
ربما يرى بعضهم الفكرة سخيفة أو مستفزة، وهي كذلك بحق. لكنها سخيفة سخافة الواقع الخيالي الذي يعيشه كل عربي، ومستفزة، بقدر تناقض سلوك السياسي العربي مع مواقفه الصوتية. ذلك السياسي الذي لو ترشح للقب "زعيم العرب" لربما حصل على صوته هو فقط، إنْ لم يمنح صوته لغيره، بيعاً أو مقايضة أو مكايدة.
قد تكون فكرة "زعيم العرب" فانتازيا لا يؤمن بها المعلنون، ويخشاها أصحاب الفضائيات، ومن ورائهم ووراء الواقع العربي. لذا، ثمة فكرة أخرى، ربما أكثر أهمية، لكنها أقل إحراجاً. مسابقة أو برنامج باسم "عدو العرب"، حيث يصوّت المشاهدون من المحيط إلى الخليج، لاختيار الدولة أو الشخص أو الكيان أو أياً ما كان، الأكثر عداء للعرب وتدميراً لحاضرهم وتخريباً لمستقبلهم. وللمرة الثانية، ليمتنع الساسة والخبراء الاستراتيجيون، ومن حولهم من سماسرة ووسطاء الإعلام والأعمال. فلولاهم لعرف العرب عدوهم. أو بالأحرى لهزموه، فهم لم يخطئوه إلا بفشل أولئك وتدليس هؤلاء. فاختلط عليهم الأعداء، وعجزوا عن تمييز العرَض من المرض، والعدو من الأداة. من العدو؟ الثورة أم الاستبداد، القهر أم العنف المضاد، الظلم أم الإرهاب، مؤامرة الخارج أم عمالة الداخل، العلمانية أم التديين، العسكرة أم المدنية، إسرائيل أم إيران، أميركا أم روسيا. العدو أحد أم بعض أم كل هؤلاء؟
إنْ كان الاتفاق على من أو ما يجمع العرب صعباً إلى مستحيل، فليكن التوافق على ما يحيط بهم من مخاطر، ليست بالضرورة واحدة أو متطابقة، لكنها بالتأكيد متشابكة، وتأثيرها سيطاول الجميع. من يمنح كل أسبوع فناناً أو بهلواناً أو شاعراً لقب "العرب"، الأجدر به أن يبحث عمن يستحق لقب "زعيم العرب". وإذ لن يجد، فليعرف على الأقل من هم أو من هو "عدو العرب".