فلسطين تحضر في انتخابات الدنمارك اليوم

5698EA23-7F4D-47FA-B256-09D7BCA82E5A
ناصر السهلي
صحافي فلسطيني، مراسل موقع وصحيفة "العربي الجديد" في أوروبا.
18 يونيو 2015
67C2585D-D074-47DE-A6FC-C5F29BAC9128
+ الخط -

يحضر موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية بقوة في الانتخابات البرلمانية، التي ستشهدها الدنمارك اليوم الخميس، وبات هناك شبه إجماع عربي وفلسطيني على التصويت بكثافة لحزب "اللائحة الموحدة" اليساري المؤيّد لفلسطين وصاحب المواقف الداخلية الجيدة تجاه قضايا المهاجرين واللاجئين.

لكن القضية الفلسطينية في الدنمارك لم تعد مقتصرة على الناخب الفلسطيني، ففي تجمّعات سكنية يعيش فيها خليط من الثقافات، يمكن لبضعة آلاف من الناخبين حسم حظوظ مرشح حزبي أو مستقل، وبات للناخب من أصل عربي وعي تجاه التحالفات القائمة، كما تُظهر الندوات الانتخابية التي يتقاطر إليها أعضاء من البرلمان ومرشحون، يحاولون عبر برامج ووعود انتخابية الحصول على أصوات هؤلاء.

ففي واحدة من تلك الندوات الانتخابية وبمشاركة 8 أحزاب، بما فيها حزب "الشعب اليميني" المتشدد، برزت أسئلة الهوية والدمج والإسلام، بينما كان السؤال الأهم لشبان، صوّتوا في انتخابات 2011 لهؤلاء المرشحين: "هل ستُطرح في البرلمان المقبل مسألة الاعتراف بدولة فلسطين؟".

السؤال ليس فقط سؤالاً صادراً عن ناخبين من أصول فلسطينية، بل من جمهور يميل نحو اليسار. المذهل في الأخذ والرد بين الأحزاب وممثليها، ومنهم أعضاء برلمان حاليون، أن ممثل حزب يميني متشدد، وهو جوني أندرسن، اضطر في نهاية الأمر إلى القول: بالتأكيد يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية ديمقراطية. قول استدعى تصفيق وتشجيع الحضور باعتباره تغييراً كبيراً في الرأي.

أما حزب "اللائحة الموحدة" اليساري، والذي تعطيه استطلاعات الرأي تقدماً كبيراً، وتجعله الحزب الرابع، كان الأكثر حسماً في المسألة عبر عضو البرلمان ومقرر الشؤون الخارجية نيكولاي فيلوموسين، الذي قال: "بالتأكيد يجب الاعتراف بدولة فلسطين، وفي البرلمان سيطرح حزبنا دائماً قضية الاعتراف وسنعمل بكل قوة لاستمرار فرض مقاطعة دولة الاحتلال وفرض عقوبات عليها لتشمل الدول التي تتفق معنا". وقال فيلوموسين لـ"العربي الجديد": "نحن لن نتراجع خطوة واحدة أمام دولة الاحتلال ومساندة الأصدقاء في فلسطين".

الوضوح في مواقف "اللائحة الموحدة"، قبل الخوض في العملية الانتخابية، على صعد عدة ومنها حقوق الدنماركيين الثقافية والدينية، انطلاقاً من فهمهم للحريات والحقوق الدستورية، يضعه في مقدمة الأحزاب التي اتفقت جمعيات وروابط فلسطينية وعربية على التصويت لمرشحيه. بل إن الأمر لا يتوقف عند الناخب الفلسطيني، بل امتد ليشمل عشرات آلاف الأصوات من المهاجرين الذين يصفون هذا الحزب بأنه "مبدئي" في سياساته. ويسعى اليسار عبر تقدّمه لأن يكون له صوت أعلى في فرض واقع برلماني للاعتراف بفلسطين.

سؤال الاعتراف بفلسطين في البرلمان المقبل، وبالتالي في الحكومة المقبلة، مهم بالنسبة لهؤلاء الناخبين الذين بات لصوتهم ثقلٌ عند المرشحين، لذا ليس غريباً أن يتزحزح بعضهم عن مواقفه إلى حد القول: "إذا كان وزير الخارجية الحالي، مارتن ليدغوورد، وهو من حزبي يقول، إن إسرائيل صديقتنا، وعرقل الاعتراف، فدعوني أخبركم بأن قواعد كثيرة في حزبنا تضغط باتجاه معاكس، لن نقبل سوى الضغط على إسرائيل والاعتراف بفلسطين". كلام قاله مرشح حزب "راديكال" ساندر ينسن.

وكان ليدغوورد، أدى دوراً كبيراً في عرقلة الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة. وفي حزبه "راديكال" هناك من هو غير راضٍ على تلك السياسة، وخصوصاً تيار البرلمانية، زينا ستامب، وبما أنه كان عضواً في الائتلاف الحكومي (مع الاشتراكي الديمقراطي) فقد أوقف اندفاعة، منذ العام الماضي، لقبول أوراق اعتماد السفير الفلسطيني بعد رفع درجة التمثيل كحل وسط.

اقرأ أيضاً: الدنمارك: لا لأحزاب "المهاجرين"

أما مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب رئيسة الوزراء الحالية، هيلي تورنينغ شميت، ينس يول، الذي يعيش بين الفلسطينيين، فأكد أن "الدول الاستعمارية لا تُكافأ بل تُقاطَع ويجب إنهاء مأساة الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه".

ومن بين المرشحين البارزين عن حزب "البديل"، وهو حزب بيئي يميل نحو اليسار، توجد شخصيات دفعت ثمناً كبيراً بسبب تأييدها قضية فلسطين، كالمرشحة فيبيكا غينيفكي، التي منعها الاحتلال من دخول فلسطين مدى الحياة بعد أن كانت ناشطة لأكثر من 15 سنة في مجال دعم الشعب الفلسطيني. وهي تؤكد لـ"العربي الجديد" أنها سواء دخلت البرلمان أم لا، فإن "حزبي سيطرح الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، وهو يدعو إلى مقاطعة إسرائيل وفرض عقوبات جدية".

وتظهر الحملات والندوات الانتخابية وضوحاً في ترابط الانتخابات مع السياسة الخارجية، فبحسب حزب "اللائحة الموحدة" ومعسكر اليسار، فإنها ليست "انتخابات حول السياسة الداخلية فحسب، بل إن السياسة الخارجية حاضرة بقوة". وهو ما تؤكده الملصقات والدعاية الموزعة في الشوارع، وتلك التي جرى نشرها على الحافلات العامة في كوبنهاغن والداعية إلى مقاطعة إسرائيل، قبل تدخّل السفير الإسرائيلي لنزعها.

كما أن هذه الانتخابات كشفت كيف أن مرشحاً من أصول فلسطينية-سورية هو ناصر خضر، الذي يترشّح على قائمة حزب المحافظين، لم يلتقِ الناخبين من أصول عربية كما فعلت الأحزاب الأخرى، إذ يقف حزبه ضد الاعتراف بفلسطين ويرفع شعارات، كانت مثار استهجان وتنديد واسعين بين الجمهور، حين ساوى بين الإسلام والنازية من دون أن يتراجع عن شعاره.

أما حزب اليسار اليميني الذي يقود زعيمه، لارس لوكا راسموسن، الكتلة اليمينية لمنافسة الاشتراكي الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، فقد وقع في مطب انقلاب آلاف الأصوات ضده حين راح يعمم في حق الصوماليين "نحن أقرب لنا أن يأتي نيوزلندي من أن يأتي هؤلاء الصوماليون إلينا". حضر صوماليون ندوات انتخابية عدة، وهم يحملون المسمى الوظيفي لبعضهم، مهندسون وخبراء وعمال عاديون، في طريقة للتهكّم على توجهّات اليمين التعميمية.

ويتوقع خبراء في المجال الانتخابي، أن يكون للصوت التركي والعربي قوة ونفوذٌ في تحديد حظوظ بعض المرشحين الأتراك والعرب والدنماركيين من معسكرات اليسار، بينما مرشحون مستقلون مثل الشاب يحيى حسن الذي تحوّل في وسائل الإعلام إلى شخصية ناقدة وناقمة وغاضبة من السياسة الدنماركية تجاه المهاجرين وقضية فلسطين، فتبدو حظوظه في تصويت الشبيبة الدنماركية له أكبر، كونه يترشح مستقلاً بسبب أن حزبه "الحزب الوطني" لم يجمع الأصوات المطلوبة للترشّح كحزب. ومثله يعوّل ناصر خضر على أصوات الدنماركيين المحافظين الذين يتفقون مع آرائه الناقدة للإسلام السياسي بقدر كبير.

وتعطي استطلاعات الرأي "الكتلة الحمراء"، وهي كتلة الاشتراكيين واليسار ويسار الوسط، 47.8 في المائة من أصوات الناخبين، وعلى الرغم من تقدّم أحزاب يسارية، إلا أن "الكتلة الزرقاء" التي تضم الليبراليين والمحافظين واليمين المتشدد، ستحصل وفق الاستطلاعات على 52.2 في المائة. أمر يجعل رئيسة الوزراء، هيلي تورنينغ شميت، وعلى الرغم من تقدّم شعبيتها، قلقة مما ستنتجه تلك الانتخابات. أما الحزب الشيوعي وبقية الشيوعيين، فتوجهوا إلى مناصريهم بالتصويت بورقة بيضاء، وعدم إعطاء الصوت لمعسكر اليسار.

اقرأ أيضاً: الدنمارك: تحريض انتخابي يزاوج بين الإسلام والنازية

ذات صلة

الصورة
آثار قصف مدرسة الزيتون ج جنوب مدينة غزة (فيسبوك)

سياسة

استشهد أكثر من 21 شخصاً في مدرسة تؤوي نازحين في حيّ الزيتون بجنوب مدينة غزة إثر استهدافها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
جرفات الاحتلال تهدم منزلاً تحصن فيه مقاومون في قباطية / جنين 13 يونيو 2024 (Getty)

سياسة

على مدار عشر ساعات كاملة خاض ثلاثة مقاومين في بلدة قباطية، جنوب مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية، معركة غير متكافئة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
دبابة إسرائيلية تسير على طول الحدود مع قطاع غزة 7 أغسطس 2024 (أمير ليفي/Getty)

سياسة

قال مسؤلون أميركيون رفيعو المستوى في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع إنهم لا يتوقعون أن تصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق قبل انتهاء ولاية الرئيس بايدن.
الصورة
الضفة الغربية \ اقتحام جنين، 31 أغسطس 2024 (الأناضول)

سياسة

شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اقتحامات على مدن وقرى في الضفة الغربية المحتلة، وسط اعتقالات طاولت مواطنين بينهم أسرى محررون.