فضائح في مدارس المغرب

10 مارس 2015
الأنظار في البلاد تتجه إلى تلاميذ المدارس اليوم (Getty)
+ الخط -
مذ انطلقت السنة الدراسيّة الحاليّة في المغرب، وقعت بعض حوادث تحوّلت إلى قضايا رأي عام في البلاد. فاستنفر المعنيّون وقد رأوا أنها تخرج عن القيم التربويّة.

ولعلّ واحدة من أبرز القضايا، انتشار صورة على مواقع التواصل الاجتماعي تناقلتها أخيراً الصحافة المغربيّة، تُظهر تلميذة تحتسي الخمر وإلى جانبها زميلها الذي يعدّ لفافة حشيش. وهذه الصورة التي التقطت لهما في أحد الفصول الدراسيّة، شكّلت صدمة بالنسبة إلى كثيرين عبّروا عن رفضهم لهذه السلوكيات.

وأعلنت وزارة التربية الوطنيّة بعد تداول هذه الصورة، أنها تبحث عن معلومات لتحديد موقع المدرسة حيث التقطت، وعن مدى صحّتها. فقد لمّح البعض إلى أنها قد تكون "مشهداً تمثيلياً مفبركاً".

وإلى الصورة التي تظهر تعاطي ممنوعات في حرم المدرسة، برزت فضيحة أخرى عندما بُثّ تسجيل فيديو جديد لتلاميذ حاصروا مدرّستهم في داخل غرفة الصفّ وأخرجوها منها بالقوة، محدثين الكثير من الضوضاء والشغب. وذلك بالإضافة إلى كمّ هائل من عبارات السخرية والإهانة بحقّ المدرّسين.

وقد أظهر الشريط الذي تتحرى عنه أيضاً وزارة التربية الوطنيّة لاتخاذ العقوبات اللازمة في حقّ المسيئين لمدرّستهم، عدداً من التلاميذ المشاغبين وهم يعمدون إلى دفعها إلى خارج غرفة الصف وقد رموا محفظتها اليدويّة.

كذلك، انتشر شريط ثانٍ على الإنترنت، يظهر مدرّسة تتهجّم على تلميذ لها وتوجّه إليه سيلاً من السباب والإهانات. أما هو فكان يتلقاها بكثير من الهدوء، الأمر الذي راح يزيد من إثارة أعصابها، فرفعت حدّة العنف اللفظي بحقه.

ردّ فعل الوزارة
أمام هذه التجاوزات والحوادث، لا تقف وزارة التربية الوطنيّة مكتوفة الأيدي، بحسب ما يؤكد مصدر مسؤول في الوزارة فضل عدم الكشف عن هويته. ويقول لـ"العربي الجديد" إن ثمّة متابعة حثيثة لكل ما يُبثّ وينشر من تصرّفات أو سلوكيات منحرفة سواء من طرف التلاميذ أو المدرّسين.

ويشدّد المصدر ذاته على أنه "يتعيّن عدم إغفال عامل مهم، وهو أن ليس كل ما يبث من تسجيلات فيديو مصدر ثقة. كذلك لا يجب الأخذ بوجهة نظر واحدة، بل من الضروري فتح تحقيق والإنصات إلى جميع الأطراف المعنيّة التي ظهرت في التسجيلات".

وكانت الوزارة قد أعلنت أنها تعمل على الكشف عن هويّة من يظهر فيها من تلاميذ ومدرّسين، مطالبة جميع مكوّنات المدرسة من كوادر تربويّة ومدرّسين وتلاميذ بالعمل على "التصدي لكل مظاهر العنف والسلوكيات المنحرفة في داخل المؤسسات التعليميّة".

وفي هذا الصدد، بادرت الوزارة إلى إنشاء مرصد لمناهضة العنف في الأوساط المدرسيّة، يرمي إلى "رصد حالات العنف وتتبعها، وذلك بالتعاون مع جميع الأطراف المتدخّلة ومساهمتها، من قطاعات حكوميّة ومؤسسات دستوريّة ومجتمع مدنيّ".

أسباب وحلول
ويسجّل الباحث التربوي محمد الصدوقي تصاعد بعض حالات العنف اللفظي والجسدي وبعض الانحرافات السلوكيّة مثل التحرّش وتناول الممنوعات، مبيّناً أن "هذا يؤشر على إفلاس مؤسسات التنشئة الاجتماعيّة وفشلها، وخصوصاً الأسرة والمدرسة".

ويقول الصدوقي لـ "العربي الجديد"، إن "ثمّة اختلالات في تربية الناشئة على القيم الفاضلة من قبيل احترام الآخر والمربين، والسلوكيات القويمة في العلاقة مع الذات والآخر من قبيل التحلي بالمسؤوليّة ونبذ العنف واعتماد الحوار والاندماج الإيجابي في المجتمع".

ويشير إلى أن "بعض التلاميذ المراهقين وخصوصاً الذكور منهم، يعيدون إنتاج العنف الممارس عليهم ويفرّغونه في المدرسة ويسقطونه على المدرّس، كرمز للمجتمع والأب المستبدّ بحسب أدبيات التحليل النفسي. كذلك يفرّغونه في ما بينهم، وعلى ممتلكات المدرسة أيضاً".

يضيف الصدوقي أنه "ونظراً لعدم توازنهم النفسي، يتعاطون الممنوعات كشكل من أشكال الهروب من الواقع والتمرّد عليه. وهم قد يتعاطونها في داخل المدرسة نفسها، فتؤثّر على سلوكياتهم، بالإضافة إلى اعتياد الأطفال على أشكال العنف التي تصوّرها لهم وسائل الاتصال والترفيه الحديثة".

ويلفت الصدوقي إلى أن "الاختلالات التربويّة للمدرسة تشكّل كذلك عنفاً تربوياً على التلاميذ، مثل سوء المباني والتجهيزات والخدمات التربويّة، بالإضافة إلى ضغط كثرة الامتحانات والبرامج والمواد الدراسيّة، والاكتظاظ، وكثرة ساعات الدراسة، وغياب التواصل التربوي السليم".

ويشدّد على أن "علاج واقع العنف والانحرافات السلوكيّة في داخل المدرسة، يتطلب تعبئة حقيقيّة من قبل مؤسسات التنشئة الاجتماعيّة، لتربية أطفالنا على القيم والسلوكيات الفاضلة. كذلك يجب تفعيل آليات التأنيب والعقاب التربوي لفرض الانضباط وسلطة المدرّس".
المساهمون