فرنسا 2017.. وعود السياسة والقراءة

30 يناير 2017
(من مكتبة في باريس، تصوير: شارلي تريبالو)
+ الخط -

أبرز ما يميّز 2017 في فرنسا أنها سنة انتخابات رئاسية، وهو أمر ينعكس على مختلف المجالات ومنها قطاع النشر. التأثّر بالحدث السياسي يمكن ملاحظته منذ نهاية العام الماضي، حيث أن واجهات المكتبات الفرنسية تقدّم في الأسابيع الأخيرة أعمالاً لمرشحين للرئاسة مثل كتاب "الانتصار على الشمولية الإسلامية" للمرشح اليميني فرانسوا فيون وكتاب "ثورة" لـ إيمانويل ماكرون المحسوب على اليسار الوسطي.

من المتوقّع أن يتواصل هذا المدّ السياسي في السنة الجارية، وصولاً إلى أيام الاقتراع، فمن تقاليد اللعبة الانتخابية في فرنسا أن يكون الكتاب أحد ملاعبها.

تصدر هذه الأعمال عن أبرز دور النشر؛ "ألبان ميشال" بالنسبة لكتاب فيون، كما نشرت دور معروفة في السابق أعمالاً لسياسيين مثل مانويل فالس أو نيكولا ساركوزي، وهو ما يؤشّر على تقارب عالم النشر مع المجتمع السياسي واختلاط الأوراق بينهما.

رغم أن السياسة من المتوقّع أن تهيمن على أبرز ما تخطّط له ساحة النشر في فرنسا، فإننا يمكن أن نقرأ توجّهات أخرى من خلال ما جرى الإعلان عنه من منشورات مرتقبة في 2017.

كبريات الدور، على مستوى التوزيع على الأقل، مثل "سوي" و"فلاماريون" و"غاليمار"، تقدّم تنويعاتها المعتادة بين الرواية الفرنسية والترجمات الحديثة، ونمط الكتابة المعروف بـ "المحاولة" التي نجد من أبرز ما جرى الإعلان عنه في "سوي"، الكتاب الجماعي "التاريخ العالمي لفرنسا"، وكتاب خاص بالانتخابات بعنوان "ما يقولونه بالفعل" لـ سيسيل ألدوي، كما نجد دعاية خاصة لكتاب علمي بعنوان "30 فبراير" لـ أوليفييه مارشون.

تعود قائمة "فلاماريون" في 2017 إلى كلاسيكيات الثقافة الأوروبية من بينها أعمال لـ كانط وهوبز وسبينوزا. وعن منشوراتها ضمن السياق السياسي، أعلنت الدار أنها ستنشر طبعات شعبية لكتابين هما "النصوص الكبرى لليمين" و"النصوص الكبرى لليسار" وفيه تُعرض مجموعة نصوص (خطب، بيانات حزبية، تنظير فكري..) لقطبي الساحة السياسية.

أما "غاليمار"، فقد أظهرت قائمتها بالأساس ما تقترحه على قارئها من روايات، ومن بينها رواية سنان أنطون "وحدها شجرة الرمان" (ترجمة عن الإنكليزية) ورواية "كأس من الغضب" (ترجمة من البرتغالية) لـ رضوان نصّار، ومن أبرز العناوين التي يمكن التقاطها أيضاً كتاب "النسخ البشرية لهتلر" لـ لويجي غارنييري و"ولادة الوجه" لـ جان بول ديمول، إضافة إلى إعادة طبع أعمال مثل "نهاية القرية" لـ جان بيار لوغوف و"الرعب في فرنسا" لـ جيل كيبيل.

"فوليو"، وهي فرع من "غاليمار" متخصّص في نشر كتب الجيب، وإضافة إلى الروايات التي تعدّ طبقها الرئيسي، نجد في برنامج 2017 الكثير من الأعمال الدراسية والبيبليوغرافية مثل "تروتسكي" لـ ميشال رونوار و"في امتحان الشموليات" لـ مارسيل غوشيه إضافة إلى نشر كلاسيكيات مثل أعمال لـ أغسطينيوس وبوسويه وماكيافيلي، كما جرى الإعلان عن طبعة جديدة لكتاب "النبي" لجبران خليل جبران بتقديم أدونيس وهو نفس النص الذي صدر في 1992.

من جهتها، تواصل منشورات "فايارد" تخصّصها في الكتب التاريخية والسِيرية. وحتى أنها تتناول الشأن السياسي من هذه الزاوية ككتاب وزيرة العدل السابقة كريستيان توبيرا بعنوان "همسات إلى الشباب.. كلام امرأة حرة"، إضافة إلى أعمال مثل "فرمير" لـ جاك دوريولا ورافائيل إنتهوفن و"روبرت كينيدي" لـ غيوم غينان، كما نلمح أعمالاً أخرى مثل "اليورو. من أين المخرج؟" لـ باتريك أرتوس وماري بول فيلار و"التفكك الفرنسي" لـ ماليكا سورال سوتار، وكتاب التاريخ "أزمات الشرق" لـ هنري لورنس، وإعادة إصدار محاولة جان لوك ميلوشون "عصر الشعب".

ميلوشون نفسه يصدر عنه كتاب عن منشورات "غراسي" بعنوان "كيف هو ميلوشون في الحقيقة؟" لـ ماريون لاغاردير، ومن مقترحات نفس الدار كتاب "عنصرية متوهمة" لـ باسكال بروكنر.

الانزياح نحو الدراسات والتاريخ نجده أيضاً في ما تعلنه منشورات "أرمان كولان" بأعمال مثل "التاريخ الأدبي" لـ ألان فايان و"الحروب الصليبية والشرق اللاتيني" لـ ميشال بالار. ومن الكتب المعلن عنها والتي تهتم بالشأن العربي، كتاب شارل تيبو بعنوان "العالم العربي في قطع.. من الربيع العربي إلى داعش".

تعدّ منشورات "لارماتون" و"لا ديكوفارت" من بين الدور الأكثر نشراً للكتاب العرب وحول شؤون المنطقة، المفارقة أننا لن نجد أسماء عربية في قائمة الأعمال المعلن عنها للنشر في 2017. رغم ذلك، من المنتظر أن يحفل العام بمنشوراتٍ كتّابها عربٌ أو تتحدّث عن العالم العربي، وهو أمر ينسحب على مجمل مشهد النشر الفرنسي.

المساهمون