فرنسا تتبنى النموذج الإيطالي لمواجهة كورونا: إغلاق المدارس والجامعات

12 مارس 2020
ماكرون يعلن إغلاق المدارس والجامعات لمواجهة كورونا (Getty)
+ الخط -
أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في كلمة متلفزة ألقاها مساء الخميس، عدداً من الإجراءات لمواجهة أزمة فيروس كورونا التي تتعرض لها فرنسا، من بينها إغلاق كل المراكز التعليمية في كافة أنحاء البلاد، من الحضانات وحتى الجامعات، وذلك بدءاً من الإثنين المقبل وحتى إشعار آخر.

وبخصوص الانتخابات البلدية التي كانت تدور الشكوك حول تأجيلها أو الإبقاء عليها، أكّد الرئيس الفرنسي إقامتها في موعدها، حيث تبدأ الجولة الأولى منها يوم الأحد 15 مارس/ آذار. وقال في هذا الشأن إنه "ليس هناك ما يمنع الفرنسيين، حتى الأكثر هشاشةً منهم، من التوجه إلى صناديق الاقتراع".

كما قال إن إغلاق حدود بلاده أمر "يمكن النظر فيه" إذا ما بدا ذلك ضرورياً لمكافحة الفيروس، مشيراً إلى أن "الأولوية المطلقة" لحكومته هي "صحة" الفرنسيين في مواجهة "أسوأ أزمة صحية عرفتها فرنسا منذ قرن".

وحول خطة الحكومة لمواجهة الأزمة، قال إنها سترفع بشكل كبير من الطاقة الاستيعابية للمستشفيات لاستقبال أكبر عدد من المرضى وتجنّب نقص في الأسرّة. ونوّه بأن كل العلاجات والعمليات "غير الضرورية" المبرمجة في المستشفيات الحكومية ستؤجل لتوفير الأماكن لمرضى كورونا.

وطلب من البالغين أكثر من 65 عاماً من العمر البقاء "أكبر قدر ممكن" في بيوتهم وتقليل احتكاكاتهم، بوصفهم يمثلون الشريحة العمرية "الأكثر ضعفاً" أمام كورونا.

لكنه قال إن على بلاده التحضّر لـ"موجة ثانية" من الفيروس قد تصيب لاحقاً أشخاصاً "أكثر شباباً" سيكون من الواجب الاعتناء بهم.

وطالب الفرنسيين بأن يقللوا "إلى أكبر حد ممكن" من تنقلاتهم، مشيراً إلى إن المواصلات الحكومية من قطارات وقطارات أنفاق ستستمر في العمل.

ودعا أرباب العمل إلى السماح لموظفيهم بالعمل من منازلهم، واعداً بأن الحكومة ستدعم العاملين المضطرين إلى البقاء في بيوتهم والشركات التي يعملون فيها. كما أعلن وضع خطة اقتصادية لدعم الشركات، "كبيرها وصغيرها"، ولحماية الاقتصاد الوطني.

ودعا إلى التعاضد على المستوى الأوروبي لمواجهة الأزمة، لأن كورونا "لا يملك جواز سفر محدداً"، بل يصيب البلدان وينتقل بينها على اختلافها واختلاف حكوماتها.

تغير في سياسة الحكومة

وتشير هذه الكلمة إلى تغيّر في سياسة الحكومة الفرنسية في التعامل مع أزمة الفيروس، التي اقتصرت حتى الآن على الاكتفاء باتخاذ إجراءات صارمة حصرياً في المناطق الأكثر إصابة بالفيروس، والتي تعتبرها "بؤر وباء"، مع فرض منع للتجمعات التي يزيد عددها على 1000 في كافة أنحاء البلاد.

لكن هذه الإجراءات تلقى نقداً واسعاً من الفرنسيين، الذين يتهمون الحكومة بعدم أخذ الأزمة بجدية كافية، في وقت وصل فيه عدد المصابين بالفيروس في البلاد إلى 2882، والمتوفين إلى 61.

ويعرف انتشار كورونا في فرنسا تصاعداً دراماتيكياً يشبه إلى حد بعيد النحو الذي انتشر فيه في إيطاليا. ويظهر رسم بياني، نُشر قبل يومين على وسائل التواصل الاجتماعي، كيف أن إيطاليا مرت تماماً بما تمر فيه فرنسا، وعرفت نسبة التزايد اليومي نفسها في نسبة عدد المصابين والمتوفين، مع فارق زمني قدره 9 أيام يفصل بين تطور الفيروس في البلدين.

ويثير هذا التشابه، منذ يومين، موجة من الخوف عند الفرنسيين الذين طالبوا الحكومة بتغيير سياستها وإصدار قرارات "قوية" كما فعلت الحكومة الإيطالية لتجنب المصير نفسه.

لكن الحكومة ردّت، أمس الأربعاء، على لسان المتحدثة باسمها، سيبيت ندياي، بالقول إنها تتخذ الإجراءات المناسبة والمطابقة لنصائح العلماء الأكثر اطلاعاً، وأن الإجراءات التي قامت بها إيطاليا، كمنع الرحلات القادمة من الصين، أو أخذ حرارة الواصلين عبر الحدود، لم تؤد إلى مكافحة الفيروس.

وقد أثار هذا الرد موجة نقد واسعة للحكومة، شملت بعض السياسيين، كرافائيل غلوكسمان، زعيم حزب "بلاس بوبليك" اليساري، الذي اتهمها بـ"التعالي".

ووصل صدى تصريحات المتحدثة باسم الحكومة إلى إيطاليا، حيث قالت الصحافية الرياضية ليا كابري، التي يتابعها نحو 240 ألف شخص على "تويتر"، إن المتحدثة الفرنسية "تتهم إيطاليا بأنها لا تعرف كيف تحتوي انتشار الفيروس". ودعت كابري فرنسا إلى أن تكون "أقل غروراً" وأن تمتنع عن "إعطاء الدروس"، مرفقة كلامها بفيديو لحشد من جماهير "باريس سان جيرمان" يحتفلون بانتصار فريقهم، وذلك رغم منع الحكومة الفرنسية للتجمعات التي تزيد عن ألف شخص.

وانضمت إلى كابري الفيلسوفة الإيطالية المقيمة في فرنسا، والنائبة البرلمانية السابقة، ميشيلا مارزانو، التي استنكرت كلام المتحدثة باسم الرئاسة الفرنسية، وذكرت بأن منظمة الصحة العالمية "تنصح فرنسا باتخاذ إجراءات كما هو الحال في إيطاليا".

المساهمون