فرنسا: إجراءات أمنيّة احترازيّة... وهولاند يحظى بدعم معارضيه

25 سبتمبر 2014
هولاند اتخذ قرار المشاركة في التحالف لوحده (فرانس برس)
+ الخط -
أكد مجلس الدفاع الفرنسي المصغر، بعد اجتماعه، اليوم الخميس، برئاسة الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، أنّ جريمة قتل الرهينة الفرنسي، إرفيه غورديل، على يد تنظيم "جند الخلافة" في الجزائر، "لن تبقى من دون عقاب". وشدّد على أنّ "فرنسا لن تتراجع وستواصل دعم السلطات العراقية في مواجهة تنظيم (الدولة الاسلامية)، من أجل اعادة الاستقرار والأمن إلى البلاد، كما انها ستواصل دعم المعارضة السورية التي تحارب التنظيم".  

وانتهى الاجتماع، الذي بحث الوضع الأمني وحماية الرعايا ومصالح الفرنسيين في الخارج، إضافة الى حجم تهديد "داعش" والجماعات المؤيدة له، ببيان صادر عن قصر الإليزيه، أكّد أنّ "فرنسا كلها تعيش حالة حداد، بعد عملية الاعدام البربري، التي ذهب ضحيتها ارفيه غورديل".

وشدّد على أن "الوحدة الوطنية أمر محتوم في مثل هذه الظروف"، معتبراً أنّ "الردّ على الأفراد والمجموعات، التي تسعى إلى إضعافنا، هو بإظهار قوة تضامننا والتشبّث بقيمنا".

وأعلن مجلس الدفاع المصغر تشديد اجراءات الوقاية ضد التهديد الارهابي على الأراضي الفرنسية، حول المباني العامة، وفي محطات ووسائل النقل. كما طمأن إلى أن قانون محاربة الارهاب، الذي عرض على المجلس النيابي، سيؤدي إلى مواجهة تهديد المقاتلين الأجانب، بشكل أكثر فاعلية وضمن احترام الحريات الفردية. 

وكان البرلمان الفرنسي قد تبنى، في قراءة أولى، قانوناً يمكّن السلطات من سحب جواز سفر أو بطاقة هوية أي فرد يُشتبه في امكان توجهه إلى القتال في الخارج، إلى جانب مجموعات مصنّفة على أنها إرهابية.

وأشار مجلس الدفاع الفرنسي المصغر إلى أن فرنسا على تشاور دائم مع شركائها الأوروبيين، والدوليين، من أجل التنسيق في مواجهة التهديدات. وأكد أنّ باريس على استعداد لتقديم المساعدة لأي بلد يطلب منها ذلك، من أجل تنفيذ الاجراءات الضرورية، مذكراً في هذا الإطار بالقرار الذي اتخذه مجلس الأمن لزيادة اللحمة الدوليّة، في مواجهة المقاتلين الأجانب المنتمين إلى جماعات ارهابيّة.

ويأتي هذا التحرك، في وقت تواجه فيه الادارة الفرنسية، ضغوطات كبيرة على الصعيدين الشعبي والإعلامي بعد اعدام غورديل. 

من جهته، أكد هولاند تمسّكه باستراتيجيته، من خلال المواقف التي أطلقها في نيويورك ولدى عودته إلى باريس، مشدداً على عدم تنازل فرنسا، بأي شكل من الأشكال، وأنها ماضية في تدخّلها العسكري في العراق. 

ولاقت مواقف هولاند أصداء إيجابية خلال مناقشة البرلمان ومجلس الشيوخ، التي انبثقت عنها روح وحدة وطنية، وهو أمر نادر بفعل انقسامات اليمين واليسار، اللذين تناسا خلافاتهما، من أجل "المصلحة العامة". وشكّلت رسالة التأييد هذه محطة مضيئة لهولاند، في هذه المرحلة، في وقت يقر فيه المسؤولون بأنّ هذه الحرب ستكون طويلة الأمد ومعقّدة ومكلفة.

ونجحت هذه المحطة في تعزيز موقف الرئيس الفرنسي، خصوصاً وأنّه كان قد اتخذ لوحده قرار الحرب والتدخّل العسكري في العراق، وفقاً لدستور الجمهورية الخامسة. وبدا لافتاً أنّ أشرس المنتقدين للحرب في البرلمان والمعارضين لها، وهم قلة، وجدوا أنفسهم مضطرين إلى تأييد هولاند، لأن ما يجري يثبت لهم أن استراتيجيته كانت ضرورية في هذه المرحلة، وكان على صواب، بحسب ما يقول احد كوادر المعارضة لـ"العربي الجديد".  

ويعترف المراقبون بأنّ "تعقيدات التحديات القائمة بالنسبة إلى هولاند، وحكومته، كبيرة كونها تتناول المخاطر في الداخل والخارج". 

ولم تتأخر الجاليات العربية وحركات التضامن عن إصدار بيانات إدانة لإعدام غورديل. وفي هذا الاطار، دان المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية، بقوة، إعدامه، مطالباً بإنزال أقصى درجات العقوبة بمرتكبي الجريمة.  

وأعربت حركات التضامن عن تأييدها لموقف السلطات الفرنسية، ودعت الى سلسلة تجمعات واقامة الصلوات على روح غورديل، في الايام المقبلة، يشارك فيها العرب المقيمون في فرنسا من أجل وقفة تضامنية.

ودعا رئيس المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية، عمدة مسجد باريس، دليل بو بكر، في بيان، المسلمين وأصدقاءهم إلى التجمع، يوم الجمعة المقبل، أمام مسجد باريس لتخليد ذكرى غورديل.

على صعيد آخر، يتوجّه وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، يوم غد الجمعة، إلى أنقرة، للقاء المسؤولين الأتراك ونظيره التركي.

وتأتي هذه الزيارة بعد توقيف ثلاثة مواطنين "جهاديين" في باريس، أمس الأربعاء. وكان قد ساد هذه العملية الكثير من اللغط والغموض، خصوصاً حول تفاصيل رحلتهم من تركيا إلى فرنسا. ورددت وسائل الاعلام أن اللغط عائد الى النقص في التنسيق بين الأجهزة الفرنسية والتركية.

ولدى عودة هؤلاء من تركيا، كان الطيار التركي قد رفض أن يستقلوا الطائرة إلى باريس، ثم أرسلوا إلى مرسيليا، ومن هناك سلموا أنفسهم إلى الشرطة. ولم تعط السلطات التركية أسماء هؤلاء الأشخاص إلى السلطات الفرنسية، وفقاً للقانون الصادر، والذي يفرض تبادل اسماء القادمين إلى الأراضي الفرنسية.