تُحيل أعمال الفنان السوري، فادي يازجي (1966)، على تنوّعها بين النحت والرسم والجداريات إلى التكوين الأكاديمي المحكم لدى صاحبها من خلال احترافية وتماسك ما يقدّمه من جهة، ونزوعه نحو التجريب الذي يستند إلى معرفة وبحث مبني على امتلاكه أدواته الفنية والتقنية من جهة أخرى.
"بلا عنوان" هو عنوان معرضه الجديد الذي يُفتتح عند السابعة من مساء اليوم الثلاثاء في "منصة الفن المعاصر" (كاب) في الكويت ويتواصل حتى الأول من الشهر المقبل. المعرض "يتتبّع الرحلة الإبداعية للفنان على امتداد العقد الأخير، وتأثير السنوات المتداخلة على فنه"، بحسب المنظّمين.
في هذه الفترة، واصل يازجي البحث في منطقة الذعر والألم الإنساني عبر أعماله التعبيرية والرمزية التي بدت مرتبطة بالأحداث الدموية التي تشهدها بلاده، وربما كانت كذلك، لكنها شكّلت في الوقت نفسه امتداداً لتجارب سابقة له، وإن ذهب في الاشتغال عليها إلى مساحات جديدة.
تحيا كائنات الفنان التي جسّدها في عدد من المنحوتات الطينية والبرونزية وقدّمها في أكثر من معرض سابق له، في حالات كابوسية ضمن متواليات لا تنتهي، حيث يتّخذ بعضها وضعاً غير متزن أو متناغم مع محيطة، أو يبرز بتشوّهات في أحد أعضاء جسده، أو في حالة تحوّل لم تستقّر بعد إلى وضعية معينة، أو في هيئة جنين في إحالة إلى العود الأبدي.
يازجي الذي تخرّج من قسم النحت في "كلية الفنون الجميلة" في دمشق عام 1988، اعتنى بمواضيع وثيمات تخصّه وحده في إطار تساؤلاته حول شكل الجسد الإنساني وهويته والعلاقة بين العادي والأسطوري فلسفياً وجمالياً، حيث مثّلت الأساطير في بلاد الرافدين وسورية القديمة أحد مصادره التي حاكاها واقترب من عوالمها.
كما ترصد الاعمال علاقة الفرد مع محيطه حيث الصراع الدائم واللامنتهي بين النظام والطبيعة؛ أفكار أساسية هيمنت على أعماله وأخذت تتطوّر منذ معرضه الفردي الأول بداية التسعينيات.
في الجداريات الطينية كما المنحوتات الحجرية، يظلّ المشترك في أعماله هو تماسك العمل وقوة تأليفه وبروز العنصر السردي فيها؛ بحيث يظهر الجسد في لحظة تحوّل عضوي، ما يمنح نوعاً من الغواية للمتلقي أثناء مراقبته وتفاعله معه.