غَزَلٌ أداته التشبيه بالحيوانات

29 مارس 2017
ربط تشبيه المرأة الجميلة بالظبي والغزال (Getty)
+ الخط -
يختلف تقييم الشعوب لجمال المرأة باختلاف بيئتهم وقيمهم وتاريخهم، فمنهم من يرى الجمال في جمال الوجه وطول الشعر، وآخرون يعتبرون تناسق الجسم وبروز بعض أعضائه علامة للأنوثة الطاغية، ومنهم من يرى جمال المرأة في رقتها ووداعتها ورجاحة عقلها. 

ويدلّ الجمال، لدى بعض الشعوب على مكانة المرأة وأصالة نسبها وصفاء عرقها، ويشكل عاملا أساسياً في زيادة مهرها وتصارع الرجال عليها. وعلى مر التاريخ ظهرت نساء استثنائيات بجمالهن ورجاحة عقلهن فتبارى الشعراء لوصفهن وتفننوا في تشبيه المرأة الجميلة مجازا وحقيقة، وكان للشاعر العربي خياله الخاص في تشبيه المرأة والربط بين صفات الجمال في جسدها وشخصيتها وبين صفات الجمال في البيئة وخاصة الحيوان.

حيث استعمل شعراء الغزل صفات الجمال في الحيوان والطير لوصف الحبيبة والتأكيد على الصفات الجذّابة في جسمها وشخصيتها، مع التركيز على نفسيتها، حيث شبهوا المرأة الجميلة الرشيقة بالغزال والريم، واستعملوا اسماء المها والمهرة والفرس لوصف كبرياء المرأة وجموحها وصعوبة الحصول عليها.


الظبي والغزال
ارتبط تشبيه المرأة الجميلة ذات القوام المتناسق والعينين الجميلتين بالظبي والغزال، حيث قال أمير الشعراء امرؤ القيس في معلقته الشهيرة:

وتَعْطُـو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّــهُ أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِـلِ
إِلَى مِثْلِهَـا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَــةً إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ

الفرس المهرة
انتشر تشبيه المرأة العربية بالفرس الأصيل الجميل الذي لا يستطيع ترويضه إلا فارس خبير صبور، ولم يكن الأمر يحمل مفهوما حسياً كما هو عليه الوضع حاليا حيث أصبح الغالبية يلصقون هذه الأوصاف بمفاهيم غير لائقة، بل إن الشاعرات لم يتحفظن على هذه الأوصاف واستعملنها لوصف أنفسهن، وتقول الشاعرة الجميلة هند بنت النعمان واصفة علاقتها المتشنجة بزوجها الحجاج بن يوسف الذي كانت تكرهه:

وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل

ولا يعني وصف المرأة ببعض أوصاف الحيوانات أن هناك ندرة في الأوصاف "الراقية" والتي تحمل معاني معنوية تناسب مشاعر الأنوثة مثل الحنان والرقة والوفاء والرحمة، لكن هذه الثورة على الأوصاف العادية تحقق مغزى اكبر خاصة للشعراء الهائمين بالجمال.

وقد تأثر تشبيه المرأة بالأوصاف الجميلة في الحيوان بتطور المجتمعات، وتغيرت نظرة المجتمع للمرأة وأدوارها وتطور نوع العلاقة السائدة بين الرجل والمرأة، وبدأت هذه الأوصاف تحمل معاني غير لائقة تحرج المرأة، وتسيء للشعراء وأهل العشق والغرام الذين يستعملونها.
ودخلت مصطلحات وأوصاف جديدة للشعر العامي والعربي، وتفاوتت آراء الناس في تقييمهم لها، بين من يرى أنها تعبير عصري عن الرشاقة والجمال و"اللحم الطري" والأنثوية الطاغية، وبين من يعتبرها إسفافا وابتذالا يخدش الحياء.

ومن بين هذه الأوصاف التي يفترض أن تصف المرأة الجميلة البطة والفراشة والقطة والنحلة والعصفورة، وغيرها من الأوصاف التي لا يخفى المراد الحسي الذي يقصده البعض منها، بينما آخرون يستخدمون أسماء الحيوانات للتعبير عن مدى القبح الجمالي والأخلاقي في المرأة كالبومة و"القردة".



المساهمون