سلامة: ليبيا على مشارف حرب أهلية..والإفلات من العقاب لا يمكن أن يسود

21 مايو 2019
سلامة يحذر من انزلاق ليبيا نحو الانقسام (فرانس برس)
+ الخط -
دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، اليوم الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي، إلى "محاسبة أولئك الذين يستخدمون النزاع في ليبيا لتحقيق مصالح شخصية"، وقال "ليبيا ليست جائزة للأقوى، بل بلد به أكثر من 6 ملايين نسمة يستحقون السلام". مشيراً إلى أن ليبيا باتت قاب قوسين من الانزلاق في حرب أهلية بإمكانها أن تؤدي إلى تقسيم البلاد.


وخلال جلسة مجلس الأمن الدولي، بالمقر الدائم للأمم المتحدة بنيويورك، حذر سلامة من "انزلاق ليبيا إلى حرب أهلية قد تقود لتقسيمها".
وطالب المسؤول الأممي، مجلس الأمن، بأن "يحث الأطراف المعنية في الصراع على الوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة إلى العملية التفاوضية للتوصل إلى حل سلمي للأزمة".


وقال سلامة، في إفادته لأعضاء المجلس، "هجوم الجنرال خليفة حفتر، تسبب في الكثير من الموت والدمار. وأسفرت الاشتباكات عن سقوط أكثر من 460 قتيلاً، 29 منهم مدنيون، وأكثر من 2400 جريح معظمهم من المدنيين".
وأضاف أن ليبيا "باتت قاب قوسين من الانزلاق في حرب أهلية بإمكانها أن تؤدي إلى تقسيم البلاد بشكل دائم وسيستغرق رأب الضرر الذي حدث سنوات".

وأردف قائلاً "أجبر القتال أكثر من 75 ألف شخص من المدنيين على النزوح، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، إضافة إلى ما لا يقل عن 100 ألف رجل وامرأة ما زالوا محاصرين في مناطق المواجهات".
وحذر قائلاً "العنف على مشارف طرابلس مجرد بداية لحرب طويلة دامية على الضفاف الجنوبية للبحر المتوسط، مما يعرض جيران ليبيا المباشرين، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، بشكل أوسع للخطر".
وقال مخاطباً أعضاء المجلس، "عندما نقول لا يوجد حل عسكري للأزمة، فهذه ليست عبارة فارغة، إنما واقع بالفعل.. سنظل على وجودنا النشط في الأراضي الليبية من خلال مركزنا في بنغازي".
وحذر مبعوث الأمم المتحدة، في إفادته، من أن "استمرار النزاع سيؤدي إلى تآكل النسيج الاجتماعي في ليبيا على نحو ينذر بالخطر"، قبل أن يضيف "يتعين علينا أن نثبت لكل مرتكبي الانتهاكات بأن الإفلات من العقاب لا يمكن أن يسود".
وأعرب مبعوث الأمم المتحدة، عن قلقه العميق إزاء "الارتفاع الحاد في وتيرة عمليات الاختطاف والاختفاء القسري والاعتقالات منذ بداية النزاع الحالي، حيث تعرض ما لا يقل عن 7 أشخاص من مسؤولي وموظفي المنظمة، للاختطاف في شرقي ليبيا وغربها".

وذكر سلامة بأن أوضاع المهاجرين واللاجئين في ليبيا كانت سيئة قبل بدء الاقتتال ولكنها ازدادت سوءاً في الأسابيع الأخيرة بعد بدء هجوم حفتر والاقتتال. ونوه إلى أن الأمم المتحدة تعمل على نقل الآلاف منهم من مخيمات الاحتجاز المتواجدة بالقرب أو في مناطق الاقتتال إلى مناطق أخرى.
وعبر سلامة عن قلقه الشديد من استغلال تنظيم "داعش" الإرهابي للوضع وتغلغله مجدداً في ليبيا وقال "استغل كل من تنظيم داعش والقاعدة الفراغ الأمني الناشئ عن انسحاب العديد من قوات الجنرال حفتر من الجنوب، إلى جانب تركيز القوات الغربية على الدفاع عن العاصمة. في جنوب ليبيا، تظهر أعلام داعش السوداء، ويؤسفني أن أبلغكم أنه منذ 4 من أبريل/ نيسان، وقعت أربع هجمات لتنظيم داعش في جنوب ليبيا".
وأكد أن تلك الهجمات أدت إلى مقتل 17 شخصاً وخطف عدد من الأشخاص. وقال إن القوات الليبية التي دافعت بالماضي عن البلاد ضد هجمات "داعش" أصبحت الآن مشغولة بالاقتتال الداخلي.
كذلك عبر المبعوث الأممي عن قلقه الشديد بسبب استمرار بيع الأسلحة لأطراف النزاع على الرغم من الحظر الدولي. وقال "تقدم العديد من الدول الأسلحة لجميع أطراف النزاع دون استثناء. إن كمية السلاح ودرجة تطوره تؤديان إلى وقوع عدد أكبر من الإصابات. سوف يصبح حظر الأسلحة المفروض على ليبيا مزحة ساخرة إن لم تكن هناك آلية قادرة على تنفيذ الحظر".
وفي الصدد، أوضح سلامة أن هناك طائرات تقوم بقصف مناطق مأهولة بالسكان ليلاً، وتحدث عن استهداف المنشآت الطبية من بينها سيارات الإسعاف. كما تحدث عن ارتفاع أسعار الغذاء وتأثير الاقتتال على إمدادات الغذاء والوقود. ونوه إلى أنه وعلى الرغم من الاقتتال إلا أن جميع الأطراف حريصة حتى الآن على عدم إعاقة إمدادات النفط. وأشار في الوقت ذاته إلى وجود إشارات مفادها أن "الفرع الشرقي لشركة النفط الوطنية يحاول مرة أخرى تصدير النفط في انتهاك لنظام العقوبات. تهدد هذه المحاولة غير القانونية بتقسيم شركة النفط الوطنية، التي لا تزال المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد، وشبكة الأمان الاجتماعي الوطنية".

بريطانيا وفرنسا تدعمان الوقف الفوري للاقتتال
من جهتها تحدثت مندوبة بريطانيا لمجلس الأمن، كارن بيرس، عن دعم بلادها لعمل سلامة وخطة عمل الأمم المتحدة لحل النزاع سياسياً. وقالت إن بلادها تدعم وقفاً فورياً للاقتتال ودخول المساعدات الإنسانية غير المشروط والعودة إلى المسار السياسي. وعن حظر الأسلحة المفروض من قبل مجلس الأمن عبرت السفيرة البريطانية عن قلق بلادها من تدفق الأسلحة لأطراف النزاع. وعن محاولات أطراف النزاع لتحويل موارد النفط لصالحها قالت بيرس "من الضروري أن تبقى كل صادرات ليبيا من النفط تحت سلطة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا عملاً بقرارات مجلس الأمن".

أما المندوب الفرنسي، فرنسوا دولاتر، فقد تحدث عن امتنان بلاده لعمل سلامة ودعمها لعمله. وقال إنه يضم صوته للأصوات المطالبة بوقف إطلاق النار دون شروط ووضع نظام دولي للرقابة وعبر عن قلق بلاده للتطورات الأخيرة في ليبيا. وقال إن استمرار القتال يقوض الجهود الحالية والمجموعات الإرهابية تستفيد من الوضع. ثم أضاف "الدليل على ذلك تغلغل العناصر المتطرفة بمبررات حماية حكومة الوفاق الوطني في طرابلس والهجمات الإرهابية التي تبنتها داعش في جنوب ووسط البلاد. هذا الوضع الدقيق يهدد بمزيد من التدهور إن لم نفعل شيئاً لتفادي المأزق الحالي حيث يبدو أنه لن يكون انتصارٌ حاسمٌ لأي من الأطراف".


وتشن قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، منذ 4 إبريل/ نيسان الماضي، هجوماً للسيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق، وسط رفض واستنكار دوليين، باعتبار الهجوم وجه ضربة لجهود الأمم المتحدة لمعالجة النزاع في ليبيا.


وتمكنت قوات حفتر من دخول 4 مدن رئيسية، تمثل غلاف العاصمة، كما توغلت في الضواحي الجنوبية لطرابلس، لكنها تعرضت لانتكاسات وتراجعت في أكثر من محور.
وتعاني ليبيا، منذ 2011، صراعاً على الشرعية والسلطة، يتركز حالياً بين حكومة الوفاق وحفتر، الذي يقود الجيش في الشرق.