بقلقٍ تنقل الحاجة حسنة المغنّي (65 عاماً)، من سكان حيّ الشجاعية، حفيدتها النائمة من زاوية منزلها المدمّر بشكل جزئي والآيل للسقوط، إلى أخرى تعتقد أنها أكثر أمناً ومتانة، خوفاً من سقوط سقف تلك الزاوية على رأس الطفلة.
وهي تشير بيدها إلى نصف المنزل الذي تبقّى لها بعد حرب الـ51 يوماً التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة، إذ يأوي المنزل تحت سقفه المتشقق وبين جدرانه المتهالكة أكثر من 30 شخصاً، قالت لـ"الأناضول": "نحن نعيش في هذا المنزل، رغم أننا على يقين أنه سيسقط على رؤوسنا مع مرور الوقت".
وتعرّض منزل الحاجة المغنّي إلى قصفٍ إسرائيلي مدفعيّ خلال الحرب التي شنتها إسرائيل في السابع من يوليو/ تموز الماضي، أدى إلى تدميره بشكل جزئي.
وتوضح المغنّي أن نصف المنزل المتبقي يعاني من تشقق في الأسقف وتدمير في الجدران، مشيرةً إلى أن ذلك يعني أنه آيلٌ للسقوط مع مرور الوقت.
وتابعت: "تسلّمنا من بلدية غزة إخطاراً بضرورة هدم المنزل لأنه معرّض للسقوط فوق رؤوسنا في أية لحظة".
ولفتت إلى أن عائلتها، المكوّنة من 30 فرداً، خرجت من المنزل خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، نازحة نحو بلدة جباليا، شمالي القطاع، بعدما عثرت على شقة سكنية تبلغ قيمة إيجارها 300 دولار شهرياً.
وأضافت: "ذلك المبلغ بالنسبة لنا كان كبيراً جداً، فبعدما وضعت الحرب أوزارها وبدأ العام الدراسي الجديد، عدنا إلى حيّ الشجاعية، إلى منزلنا المدمّر، وآثرنا الموت تحت سقفه في ظل تردّي وضعنا الاقتصادي وعدم القدرة على دفع إيجار شقق سكنية تأوينا".
وأكّدت أنها، رغم تحذيرها من سقوط المنزل، إلا أن الوضع الاقتصادي والمعيشي في غزة لن يضع أمامها خيارات أخرى، مطالبة حكومة الوفاق بالسعي الجاد لإنقاذ حياة أسرتها، والعائلات الغزية التي تعيش في منازل آيلة للسقوط بشكل عاجل.
وشنت إسرائيل حرباً على قطاع غزة في 7 يوليو الماضي، استمرت لمدة 51 يوماً، وأسفرت عن مقتل 2148 فلسطينياً وإصابة 11 ألف آخرين.
ودمرت حرب الـ51 يوماً على غزة، 9 آلاف منزل بشكل كامل و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، يُشبّه المواطن طه حلّس (56 عاماً)، من حيّ الشجاعية، منطقته التي يقطنها وتقترب من الحدود الشرقية الإسرائيلية، بالمنطقة التي أصابها زلزال أدى إلى تدمير كافة منازلها.
ويذكر أن استخدام الطائرات الإسرائيلية للقنابل "الارتجاجية" في حربها على غزة، أدى إلى تعرض المنازل القريبة من مكان إلقاء تلك القنابل إلى اهتزازاتٍ عنيفة، أدت إلى تشقق أسقفها، وسقوط أجزاء منها.
ويتابع قائلاً: "الآن استأجرت منزلاً خارج حيّ الشجاعية، إلا أنني في أوقات كثيرة آتي إلى منزلي المدمّر بشكل جزئي، وأتخوّف من سقوطه في أي لحظة كانت".
وذكر حلّس، الذي يعمل مدرّساً للغة الإنجليزية في إحدى مدارس الشجاعية، أن المنازل التي صمدت أمام آلة الحرب الإسرائيلية، ولم تسقط أرضاً، فهي ـ جميعها ـ آيلة للسقوط بسبب شدّة الانفجارات.
وقال: "الأسقف متشققة، والحوائط مدمرة ومتهالكة، حتّى وإن كان المنزل لا يزال قائماً إلا أنك ستفاجأ من هشاشة بنيته".
ولفت إلى أن المنازل مبنية من "الباطون" (الإسمنت) والحجارة، وليست من حديد يتلقّى ضربات القنابل الحربية.
وطالب حلّس حكومة التوافق الوطني بالعمل على إعادة إعمار قطاع غزة، ولا سيّما المنازل المدمرة بشكل جزئي والآيلة للسقوط، حتّى تتم إعادة استخدامها من جديد.
ويرى حلّس أن إعادة بناء منزله سيكلّفه من الوقت ما يقرب من العامين، لافتاً إلى أن الكثير من السكان يعيشون في منازلهم الآيلة للسقوط بسبب تردي الوضع الاقتصادي وانعدام مصدر رزق يعينهم على تلبية حاجاتهم اليومية من الغذاء.