غزة: صباح النجار بائعة الكناري "الرومانسية"

29 يوليو 2015
صباح في أحد أقفاص العصافير (العربي الجديد)
+ الخط -
جرت العادة في قطاع غزة أن يهتم الرجال بتربية طيور الزينة وبيعها، فيما تتفرغ النساء لتربية الدواجن والطيور اللاحمة كالأرانب والدجاج والبط. إلا أن الخمسينية صباح النجار من مدينة غزة، خرجت عن هذه العادة، لتهتم بتربية طيور الزينة فوق سطح منزلها، لتشكل دخلاً جيداً يعينها في الإنفاق على أسرتها.

اهتمام صباح بدأ منذ زواجها، حين أهدى لها زوجها عصفوراً ووضعته في شرفة منزلها، وبدأت تهتم به بخبرتها البسيطة عندما كانت تشاهد إخوتها المهتمين بتربية العصافير.
تقول صباح لـ "العربي الجديد": "كنت في طفولتي أشاهد إخوتي يهتمون بالطيور، في منزلنا بخان يونس، بعد زواجي اشترى لي زوجي عصفوراً في قفص ووضعته في شرفة المنزل، ثم اشتريت عصفورين، فتزاوجا وتكاثرا، ولكن بعد أن كبرت عائلتي اضطررت لتوسيع البيت ونقل الطيور إلى سطح منزلنا".

في سطح منزل صباح زاوية تضع فيها أقفاصاً صغيرة، ومجموعة من العصافير، من نوع الكناري، مع صغارها ويلتف حولها شبك من الحديد يسمح بدخول الضوء والهواء.
تقول النجار وهي تطعم فرخ عصافيرها البيض المسلوق، "لدي قائمة بطعام العصافير خلال مراحل نموها المختلفة، تعلمت ذلك من خلال سؤال ذوي الخبرة، من الأقارب والتجار". تضيف: "يستغرب التجار الذين أتعامل معهم ويقولون لي: أول مرة نتعامل مع امرأة تربي طيور الزينة، النساء هنا يربين الدجاج والبط وغيره".

اقرأ أيضاً: فتاة من غزة تقود أول شركة للرسوم المتحركة

تصفّر النجار للعصافير فتردّ عليها، تبتسم وتقول: "أعشق أصوات العصافير، دائماً أقضي وقتاً جميلاً عندها في ساعات الصباح، شكلها وألوانها الجذابة مريحة للنفس".
عائلة النجار تقدر شغف صباح بالعصافير، فالزوج يساعدها أحياناً في إطعامهم وفي شراء بعض الحاجيات. وتشير إلى أن أبناءها أحياناً يمازحونها بأنها مهتمة "بأبنائها" العصافير أكثر منهم.

تقول صباح: "في البداية كنت أربي أنواع الدويري والفنكر، ولكن كانت أسعارها مرتفعة وتربيتها مكلفة، كنت أخسر دون أن أستفيد منها، فبعتها، ثم أصبحت أتاجر في الكناري".
العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، شكّل خسارة كبيرة للنجار، كما لغيرها من أصحاب المشاريع، فعدد كبير من عصافيرها المرتفعة السعر، ماتت مختنقة بسبب غبار الهدم الذي لحق ببناية قريبة منهم. وتحاول أن تعوّض خسارتها بشراء طيور جديدة تقول: "وصلت خسائر مشروعي بسبب العدوان إلى 1700 دولار، وأحاول تعويضها".
تضيف النجار أن "أسعار العصافير تختلف حسب ألوانها، فذوات اللون ألأبيض الأغلى سعراً، بحيث يصل إلى 250 و300 دولار".

تتابع: "قبل العدوان كنت أبيع كمية كبيرة من العصافير، وأصبح لدي زبائن كثر، كنت أجني أحياناً 1500 دولار شهرياً، وكانت سعادتي بالمشروع كبيرة، ولكن هذه الفترة أشتري العصافير، محاولة تعويض خسارتي بسبب موت العصافير نتيجة عدوان 2014".
ماذا يمثل لكِ الكناري؟ ترد مبتسمة وبصوت فرح: "عصافير الكناري رومانسية، عندما أشعر بفراغ أو زعل أجلس معها أتفرج عليها وأسمع أصواتها وأعدد النغمات التي تصدرها".

كثير من الهوايات والأعمال أصبحت تمارسها نساء قطاع غزة بعد انتشار الفقر والبطالة اللذين بلغا معدلات مرتفعة، وتزايدت تربية طيور الزينة في القطاع المكتظ سكانياً (1,7 مليون نسمة)، وتزايد الهواة والتجار على السواء. يقول المهندس نزار الوحيدي المدير العام لوحدة الإرشاد الزراعي في وزارة الزراعة الفلسطينية "إن تربية طيور الزينة تعدّ هواية جميلة تستأثر باهتمام الشباب، عدا أنها أصبحت مصدر دخل لكثير من العاطلين من العمل".

وبحسب وزارة الزراعة الفلسطينية فإن غزة تستورد الطيور من كيان الاحتلال والضفة الغربية وألمانيا، إلا أنها لا تصدّر أي نوع من الطيور. ومنذ العام 2006 منع جيش الاحتلال تصدير الطيور والحيوانات من قطاع غزة عبر معابرها. بحجة خوفه من انتقال أي عدوى. في عام 2013 دخل غزة عبر الحواجز الإسرائيلية 4161 طيراً متنوعة الأشكال والألوان بين كناري وحمام زينة وببغاء وأنواع أخرى. وخلال العام الحالي 2015 وصل العدد إلى أكثر من 2000 طائر زينة.

اقرأ أيضاً: مهندس فلسطيني يحول المياه المالحة إلى عذبة
المساهمون