غابرييل أوكارا... رحيل عن أفريقيا كما رآها

27 مارس 2019
(1921 - 2019)
+ الخط -

يعدّ الشاعر والروائي النيجيري غابرييل أوكارا (1921 – 2019) الذي رحل أول أمس الإثنين في بيته في منطقة يانغوغا بنيجريا، من أبرز الأصوات في بلاده التي عالجت مبكراً في أعمالها فساد الطبقة الحاكمة الجديدة بعد استقلال البلدان الأفريقية، وديكتاتورية الأنظمة وما تمارسه أجهزتها من قمع للمثقفين ونشر دعاية مضللة لتغطية عجزها.

ولد الراحل في بلدة بوموندي وواصل تعليمه حتى التحق بـ"جامعة يابا العليا" في مدينة لاغوس، ثم انضمّ إلى القوات الجوية للاستعمار خلال الحرب العالمية الثانية لكنه لم ينه تدريبه كطيار مقاتل، وبدأ عمله طياراً مدنياً في شركة الخطوط الجوية البريطانية، وانتقل بعدها ليعمل في دار النشر الحكومية أثناء الاحتلال البريطاني قبل أن يدرس الصحافة في "جامعة نورث ويسترن" الأميركية ويتخرّج فيها عام 1949.

في تلك المرحلة، بدأ الكتابة وترجمة قصائد بلغة الإيجوا المحلية إلى الإنكليزية كما كتب نصوصاً للإذاعة الحكومية وعددا من المسرحيات، وفي عام 1953 فازت قصيدته "نداء نهر نون" بـ"جائزة مهرجان الفنون النيجيري"، وصعد اسمه مع نشر مجموعة قصائد وظّف خلالها أساطير ورموزاً من الثقافات الأفريقية في مواجهة التغريب، منها "البيانو والطبول" و"أنت تضحك تضحك تضحك، و"في ذات مرة".

ينتمي أوكارا إلى الجيل الثاني من الكتّاب في نيجيريا الذي ظهرت نتاجاته في النصف الثاني من القرن الماضي، مثل سيبريان إيكونزي وجاغوا نانا وتيموثي ألوكو وفلوريا نوابا وكريستوفر أوكيغبو، وتنوّعت مواضيع كتاباته بين البحث عن الهوية الأفرقية الحقيقية وانتقاد الاستبداد ورصد الصراع بين القديم والجديد في مجتمعه، وغيرها من الأزمات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي برزت بعد خروج المستعمر.

في روايته "الصوت" التي أصدرها عام 1964 وتُرجمت إلى العربية سنة 1983، ويزاوج فيها بين صعوبة أن يعبّر الكاتب عن أفكاره التي تجول في ذهنه لأن كلما تحوّلت إلى كلمات يضيع منها شيء ما، وبين كتابته بلغة المستعمر؛ الإنكليزية، لترجمة ما يريد قوله بإحدى اللغات الأفريقية ومنها لغته الإيجوا، باعتبارها لغة وسيطة، وما تحمله الكتابة بها من فعل ثقافي مقاوم.

وقد برع في جميع أعماله في توظيف معرفته باللغات والثقافات والمعتقدات الشعبية في القارة السمراء، وسعيه إلى فهم اللحظة الراهنة التي لا بدّ لها من ذاكرة طويلة وممتدة ويقصد فيها استعادة الماضي الاستعماري وإدراك تناقضات الحاضر في مستويات متعدّدة، وانعكس ذلك في كتابته للشعر والرواية وقصص الأطفال.

أصدر أوكارا عدّة مجموعات شعرية من بينها: "ابتهال صياد" (1978)، و"الحالم، رؤيته" (2005)، و"كما أراها" (2006)، إلى جانب عدّة كتب للصغار مثل "الأفعى الصغيرة والضفدع الصغير" (1981)، و"مغامرة في جزيرة جوجو" (1992).

المساهمون