عين المعارضة الجزائرية على التجربة التونسية

02 يناير 2015
التهديدات الأمنية المشتركة تعزّز الراوبط التونسية الجزائرية(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أحرجت تجربة  الانتقال الديمقراطي في تونس السلطة في الجزائر، بحيث وجدت المعارضة السياسية من خلالها فرصتها لتوجيه انتقادات حادة الى أساليب الممارسة الديمقراطية في الجزائر، أو بمعنى آخر ما تعتبره ممارسات "الالتفاف على الديمقراطية" التي تقوم بها السلطة.

وكان لافتاً الاهتمام الإعلامي والسياسي في الجزائر بالانتخابات البرلمانية والرئاسية في تونس. ولم يكن مستغرباً أن يكون أكبر وفد اعلامي يغطي انتخابات تونس هو الوفد الإعلامي الجزائري. والسبب لا يعود فقط إلى الروابط التاريخية والجغرافية والسوسيولوجية بين البلدين، وزيارة ما يقارب مليوني جزائري لتونس سنوياً، وانما أيضاً بسبب الروابط السياسية التقليدية بين البلدين، إضافة إلى العامل الأمني الذي دخل على خط العلاقة التاريخية، بعد بروز نشاط المجموعات المسلّحة في منطقة الشعانبي الحدودية.

وجاءت مراقبة التجربة التونسية من جهتين في الجزائر: جهة السلطة وجهة المعارضة. ورصدت الأخيرة الانتخابات التونسية وملؤها الأمل في أن يتحقق الانتقال الديمقراطي في ربوع الجزائر.
ورأى عضو هيئة التنسيق والمتابعة في هيئة  "التغيير والانتقال الديمقراطي"، التي تضم عدة أحزاب وشخصيات سياسية، عبدالعزيز رحابي، أن "التجربة التونسية ثرية ومفيدة لنا كمعارضة، أنها دليل على إمكانية نجاح التغيير السلمي، ودليل على إمكانية نجاح التحول الديمقراطي، حين توضع للديمقراطية مؤسساتها، بعيداً عن محاولات  الالتفاف الداخلي والخارجي". ويضيف رحابي لـ"العربي الجديد"، أن "قوة المجتمع المدني في تونس عامل بارز ولافت في انجاح التجربة، من هنا ركزنا في الجزائر على الدعوة الى استقلالية قوى المجتمع المدني وتحرير مبادراتها، وإبعادها عن سياق الاستغلال السياسي للسلطة".

من جهته، اعتبر رئيس حركة "مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، أن نجاح الانتقال الديمقراطي في تونس مثّل حجة على كل الأنظمة السياسية والأحزاب والمجتمع المدني في العالم العربي عموماً، وفي الجزائر بشكل خاص. وقال لـ"العربي الجديد"، إن الثورة السلمية التونسية أظهرت أن التوافق الحقيقي المبني على المصلحة الوطنية بعيداً عن الاستعلاء السلطوي هو الطريق الوحيد لتجنب الأزمات والخروج من التوترات".

ولفت مقري الى "الحكمة الكبيرة التي أظهرتها حركة "النهضة" وقدرتها على التنازل عن السلطة لتجنب الانهيارات، والنأي بنفسها عن الدخول في صراعات عدمية، مشيراً إلى أن ذلك دليل على: رشد التيار الإسلامي وكفاءته في التعامل مع الأزمات، لا سيما حين تتاح فرصة الحوار، وإعمال قواعد المنافسة النزيهة"، على حدّ تعبيره.
ويجد مقري في نجاح التحول الديمقراطي في تونس فرصة لدعوة النظام السياسي الجزائري إلى أخذ العبرة، وتسهيل تحقيق الشرط الذي ساهم بنجاح العلمية الانتخابية في تونس وهو إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات، وقبول مبادرة الطبقة السياسية لحوار جاد ومسؤول من أجل انتقال الجزائر إلى بلد ديمقراطي". ودعا "الطبقة السياسية والمجتمع المدني إلى التزام الجدية في مطالب الحريات والانتقال الديمقراطي".
وأكثر ما يثير المعارضة الجزائرية في التجربة التونسية هو حصول تونس على مؤسسات مستقلة تدير العملية الانتخابية كالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، اضافة الى تمكين شبكات المجتمع المدني من مراقبة الانتخابات، وهو ما لم يتوفر في الجزائر حتى الآن، إذ لا تزال وزارة الداخلية تشرف على العملية الانتخابات وتتحكم في السجل الانتخابي وعمليات الفرز واعلان النتائج، وهو ما سمح بإلصاق شبهة التزوير في الانتخابات التي جرت في الجزائر منذ الاستقلال.