للمرّة الأولى في تاريخه، يضع "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" وجه فنّان على ملصقه الرسمي، "البوستر"، في ما يعدّ مزيداً من الاحتفاء والتكريم.
وقد اختار المهرجان في دورته السادسة والثلاثين عيني النجمة المصرية الكبيرة نادية لطفي (77 عاماً) لوضعه أعلى البوستر، الذي كشف عنه رئيس المهرجان، الناقد سمير فريد، في مؤتمر صحافي مساء أمس في القاهرة، للإعلان عن التفاصيل الكاملة للدورة الجديدة، التي تعدّ الأولى تحت إدارته، والمقرّر عقدها في الفترة من 9 إلى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
اختار المهرجان لقطة للفنانة نادية لطفي من فيلمها الشهير مع الراحل عبد الحليم حافظ ،"أبي فوق الشجرة"، للمخرج الراحل حسين كمال، من انتاج 1969، تظهر فيها عيناها فقط، وصمّم البوستر الفنّان التشكيلي ومصمّم الجرافيك كريم آدم، علماً أنّ ملصقات المهرجان لم تخصّ نجمةً مصرية سابقاً، بل كانت تجمع لقطات من أفلام مختلفة، أو لأيقونات الحضارة الفرعونية كنفرتيتي وكليوبترا وغيرهما.
وقال رئيس المهرجان إنّه سيكرّم خلال الفعاليات هذه الفنانة القديرة عن مسيرتها الفنيّة الطويلة، ومساعدتها ومساندتها في بزوغ أسماء مخرجين جدد، منحت لهم فرصة الظهور، كما كانت لها لفتات سياسيّة مشرّفة، حين زارت الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، في بيروت عام 1982 بشجاعة، من دون الاستعراض أمام وسائل الإعلام، حيث لم يُنشر لها إلا صورة واحدة فقط، كما أنّ لها لفتات إنسانية مع زملائها من الوسط الفنّي، حيث كانت سنداً للفنّانَين سعيد صالح وجورج سيدهم ورأفت الميهي وغيرهم.
وكانت نادية لطفي قد اعتزلت التمثيل في منتصف الثمانينات، واسمها الحقيقي بولا محمد شفيق، اكتشفها ومنحها اسمها الفنّي المنتج الراحل سليمان نجيب، وبعد اعتزالها كان لها نشاط ملحوظ في الدفاع عن حقوق الحيوان.
ومن المقرّر أن يُمنح المكرّمون جائزة الهرم الذهبي لنجيب محفوظ، التي ستمنح إلى جانب النجمة نادية لطفي لمؤسّس "مهرجان مراكش المغربي"، وكاتب السيناريو نور الدين الصايغ، ووزير الثقافة الفرنسي السابق جان لانج، الذي يشغل حالياً منصب "رئيس معهد العالم العربي في باريس".
وأوضح سمير فريد أنّه تقرّر إقامة حفل الافتتاح في "مسرح محكى قلعة صلاح الدين الأثري"، الذي يتّسع لألفي مدعو، أما حفل الختام فسيقام في "مسرح الصوت والضوء" بجوار أهرام الجيزة.
وكان رئيس المهرجان قد أثار جدلاً واسعاً بإعلانه عرض الفيلم التركي "القطع" للمخرج الألماني من أصل تركي فاتح أكين، في حفل الافتتاح، وكذا الاحتفال بمئوية السينما التركية رغم الموقف السياسي الملتبس بين مصر وتركيا.
وفيما يعدّ فريد أحد أبرز النقاد المصريين الذين يعلنون رفضهم للتعامل وفق السياسة مع الشؤون الفنية والثقافية، إلا أنّ الانتقادات جعلته يعلن في المؤتمر الصحافي أسباب إصراره على موقفه من الفيلم التركي والسينما التركية قائلاً: "قد يحدث تفاهم في المستقبل مع تركيا خصوصاً أن المواقف السياسية متقلّبة وتتغيّر في يوم وليلة"، موضحاً أنّ المهرجان لن يعرض أفلاماً سياسية تساند أيّ نظام، حتى النظام المصري الحالي.
ولأوّل مرّة في أيّ مهرجان عربي، يحضر الممثّل الفرنسي الجزائري، طاهر رحيم، بطل فيلم الافتتاح "القطع" The Cut (ألمانيا /2014). الفيلم من إخراج التركي فاتح أكين، المولود في هامبورج/ ألمانيا، وتدور أحداثه خلال الحرب العالمية الأولى، حيث التقلّبات السياسية التي أكسبت أبناء أقليات الإمبراطورية العثمانية صفة الأعداء، وحول مذبحة الأتراك للأرمن سنة 1915... و"القطع" في الفيلم يعني قطع الرقاب، وهي الطريقة التي نفّذت بها الدولة العثمانية مذبحتها ضدّ الأرمن، ما يشير إلى تبنّي المهرجان لموقف سياسي مضمر من النظام التركي الحاكم الذي لا يعترف بالمذبحة.