"يا عمال العالم اتحدوا" العبارة الشهيرة المكتوبة على ضريح الفيلسوف والاقتصادي الألماني كارل ماركس في لندن، جاءت بالذات من البيان الشيوعي الذي وضعه ماركس ورفيقه فريدريك إنغلز عام 1848. هذه العبارة مع غيرها من الشعارات التي حملتها الأحزاب الشيوعية حول العالم لاحقاً، كان لها أثر كبير في النضالات العمالية والثورات في القرن التاسع عشر، وصولاً إلى ولادة الطبقة العاملة الراسخة في كلّ مجتمع من المجتمعات بمختلف أشكال أنظمتها الاقتصادية.
مع ذلك، ليست الأنظمة الشيوعية، خصوصاً جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، هي التي أطلقت المناسبة واحتفلت بالعيد أولاً. فهو نتيجة كلّ النضالات السابقة خصوصاً في المجتمعات الرأسمالية التي لطالما انتهكت فيها حقوق العمال.
في تلك البلدان، كانت المنظمات والقوى اليسارية والنقابات في طليعة المتحركين من أجل حقوق العمال، خصوصاً لجهة السعي إلى تخفيض عدد ساعات العمل، وتحديدها بثماني ساعات يومياً. وهو ما نجحت فيه خصوصاً بعد إضراب أول مايو/ أيار 1886 في شيكاغو في الولايات المتحدة، حيث توقف عن العمل يومها نحو 400 ألف عامل.
كان للثورة البلشفية عام 1917 التي تأسس على إثرها الاتحاد السوفييتي بنظامه الشيوعي، الأثر الأكبر في نشر ثقافة حقوق العمال حول العالم، ومن ذلك الاحتفال بعيد العمال. أكثر الدول التزمت بأول مايو/ أيار، حتى أنّها تعتبره عطلة رسمية، ومنها روسيا والصين والهند وكلّ دول أميركا الجنوبية والوسطى، ومعظم دول أفريقيا وآسيا ومن ضمنهما معظم الدول العربية. كما أنّ دولاً أخرى تحتفل بيوم عيد العمال في تاريخ مختلف وتخصص له إجازة رسمية. مع ذلك لا تحتفل بعض الدول بعيد العمال لا في أول مايو ولا في غيره من الأيام، ومنها الدنمارك وهولندا وسيراليون وليبيريا والكيان الصهيوني وأفغانستان وباكستان وإندونيسيا. تتفق الكوريتان، بالرغم من كلّ خلافاتهما، في عدم الاحتفال بأيّ يوم للعمال واعتباره عطلة رسمية. أما الدول العربية الوحيدة التي لا تحتفل بعيد العمال إن في أول مايو أو في غيره فهي السعودية وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والسودان وجزر القمر.
بعض الدول العربية تنظم مسيرات عمالية تذكّر بالحقوق. منها ما تدعو إليه النقابات العمالية، ومنها أيضاً ترتبط بالأحزاب الشيوعية. وهو ما يحصل في لبنان مثلاً الذي يستقبل هذا العام أول مايو، بتغيير كبير في الحزب الشيوعي اللبناني جاء بأعضاء جدد في لجنته المركزية، وأمين عام جديد هو بالذات النقابي والمناضل من أجل حقوق المدرّسين حنّا غريب.
اقــرأ أيضاً
لعيد العمال بعض العلامات التي ميزته حول العالم تاريخياً، منها أنّه انطلق من الولايات المتحدة، لكنّ الاحتفال به هناك يصادف في الأول من سبتمبر/ أيلول، ويشير إلى نهاية فصل الصيف.
في الأرجنتين، مُنع العيد مرتين تحت حكمين ديكتاتوريين عامي 1930 و1966. كذلك، منع النظام الفاشي في إيطاليا الاحتفال بالعيد في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. لكنّ إيطاليا بعد ذلك باتت من أهم الدول التي تحتفل بالعيد، حتى أنّ التجمع الرئيسي في ساحات روما الذي يشهد احتفالات موسيقية في أول مايو، يشارك فيه أكثر من نصف مليون شخص.
في جمهورية إيرلندا يُحتفل بالعيد بالتزامن مع عيد القديس يوسف، وهو المعروف بأنّه راعي العمّال وشفيعهم. وبالمناسبة، فإنّ المسيحيين الشرقيين في سورية ولبنان وفلسطين ومصر وغيرها من الدول يحتفلون هذا العام بعيد العمال بالترافق مع احتفالهم بأحد القيامة، أو عيد الفصح الذي ينهي أيام الصوم الكبير.
وعلى الرغم من أنّ العيد في اليابان غير رسمي، ولا تمنح فيه إجازة على المستوى الوطني، فإنّ أرباب العمل غالباً ما يعطون العمّال والموظفين إجازة مدفوعة فيه.
أما القضية الأخطر في كلّ مناسبة عمّالية وحقوقية، فهي الانتباه إلى استغلال الأطفال في العمل، ومن ذلك ما يكلفون به من أعمال خطيرة تؤثر في نموهم الجسدي والتعليمي والاجتماعي وغيرها من المستويات. تشير الأرقام الدولية إلى أكثر من 200 مليون طفل عامل حول العالم، أي بعمر ما دون 17 عاماً. هؤلاء يتعرضون للتمييز والانتهاكات أكثر من غيرهم بكثير. تشترك معهم النساء العاملات كأكثر الفئات تعرضاً للانتهاكات. عمالة الأطفال دفعت الأمم المتحدة إلى اعتبار يوم الثاني عشر من يونيو/ حزيران من كلّ عام يوماً عالمياً لمكافحة عمل الأطفال.
كذلك، هناك قضية أخرى تتعلق بالأشخاص المعوقين وحقهم في العمل، كجزء من حقوق أخرى لا يحصلون عليها، خصوصاً في البلدان العربية التي لا تعتمد سياسة دمجهم في التعليم وسوق العمل والمجتمع ككلّ. مثل هذا التمييز بحق فئة تتجاوز نسبتها 10 في المائة من عدد السكان تؤدي إلى تعطيلها، وفي نفس الوقت عدم الاستفادة من قدراتها.
وفي عيد العمال، دائماً ما يبرز إلى الواجهة العاطلون من العمل، أولئك الذين ترتفع أعدادهم دائماً في الأزمات الاقتصادية. هؤلاء في "إجازة" دائمة، لكنّها غير مدفوعة الأجر.
اقــرأ أيضاً
مع ذلك، ليست الأنظمة الشيوعية، خصوصاً جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، هي التي أطلقت المناسبة واحتفلت بالعيد أولاً. فهو نتيجة كلّ النضالات السابقة خصوصاً في المجتمعات الرأسمالية التي لطالما انتهكت فيها حقوق العمال.
في تلك البلدان، كانت المنظمات والقوى اليسارية والنقابات في طليعة المتحركين من أجل حقوق العمال، خصوصاً لجهة السعي إلى تخفيض عدد ساعات العمل، وتحديدها بثماني ساعات يومياً. وهو ما نجحت فيه خصوصاً بعد إضراب أول مايو/ أيار 1886 في شيكاغو في الولايات المتحدة، حيث توقف عن العمل يومها نحو 400 ألف عامل.
كان للثورة البلشفية عام 1917 التي تأسس على إثرها الاتحاد السوفييتي بنظامه الشيوعي، الأثر الأكبر في نشر ثقافة حقوق العمال حول العالم، ومن ذلك الاحتفال بعيد العمال. أكثر الدول التزمت بأول مايو/ أيار، حتى أنّها تعتبره عطلة رسمية، ومنها روسيا والصين والهند وكلّ دول أميركا الجنوبية والوسطى، ومعظم دول أفريقيا وآسيا ومن ضمنهما معظم الدول العربية. كما أنّ دولاً أخرى تحتفل بيوم عيد العمال في تاريخ مختلف وتخصص له إجازة رسمية. مع ذلك لا تحتفل بعض الدول بعيد العمال لا في أول مايو ولا في غيره من الأيام، ومنها الدنمارك وهولندا وسيراليون وليبيريا والكيان الصهيوني وأفغانستان وباكستان وإندونيسيا. تتفق الكوريتان، بالرغم من كلّ خلافاتهما، في عدم الاحتفال بأيّ يوم للعمال واعتباره عطلة رسمية. أما الدول العربية الوحيدة التي لا تحتفل بعيد العمال إن في أول مايو أو في غيره فهي السعودية وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والسودان وجزر القمر.
بعض الدول العربية تنظم مسيرات عمالية تذكّر بالحقوق. منها ما تدعو إليه النقابات العمالية، ومنها أيضاً ترتبط بالأحزاب الشيوعية. وهو ما يحصل في لبنان مثلاً الذي يستقبل هذا العام أول مايو، بتغيير كبير في الحزب الشيوعي اللبناني جاء بأعضاء جدد في لجنته المركزية، وأمين عام جديد هو بالذات النقابي والمناضل من أجل حقوق المدرّسين حنّا غريب.
لعيد العمال بعض العلامات التي ميزته حول العالم تاريخياً، منها أنّه انطلق من الولايات المتحدة، لكنّ الاحتفال به هناك يصادف في الأول من سبتمبر/ أيلول، ويشير إلى نهاية فصل الصيف.
في الأرجنتين، مُنع العيد مرتين تحت حكمين ديكتاتوريين عامي 1930 و1966. كذلك، منع النظام الفاشي في إيطاليا الاحتفال بالعيد في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. لكنّ إيطاليا بعد ذلك باتت من أهم الدول التي تحتفل بالعيد، حتى أنّ التجمع الرئيسي في ساحات روما الذي يشهد احتفالات موسيقية في أول مايو، يشارك فيه أكثر من نصف مليون شخص.
في جمهورية إيرلندا يُحتفل بالعيد بالتزامن مع عيد القديس يوسف، وهو المعروف بأنّه راعي العمّال وشفيعهم. وبالمناسبة، فإنّ المسيحيين الشرقيين في سورية ولبنان وفلسطين ومصر وغيرها من الدول يحتفلون هذا العام بعيد العمال بالترافق مع احتفالهم بأحد القيامة، أو عيد الفصح الذي ينهي أيام الصوم الكبير.
وعلى الرغم من أنّ العيد في اليابان غير رسمي، ولا تمنح فيه إجازة على المستوى الوطني، فإنّ أرباب العمل غالباً ما يعطون العمّال والموظفين إجازة مدفوعة فيه.
أما القضية الأخطر في كلّ مناسبة عمّالية وحقوقية، فهي الانتباه إلى استغلال الأطفال في العمل، ومن ذلك ما يكلفون به من أعمال خطيرة تؤثر في نموهم الجسدي والتعليمي والاجتماعي وغيرها من المستويات. تشير الأرقام الدولية إلى أكثر من 200 مليون طفل عامل حول العالم، أي بعمر ما دون 17 عاماً. هؤلاء يتعرضون للتمييز والانتهاكات أكثر من غيرهم بكثير. تشترك معهم النساء العاملات كأكثر الفئات تعرضاً للانتهاكات. عمالة الأطفال دفعت الأمم المتحدة إلى اعتبار يوم الثاني عشر من يونيو/ حزيران من كلّ عام يوماً عالمياً لمكافحة عمل الأطفال.
كذلك، هناك قضية أخرى تتعلق بالأشخاص المعوقين وحقهم في العمل، كجزء من حقوق أخرى لا يحصلون عليها، خصوصاً في البلدان العربية التي لا تعتمد سياسة دمجهم في التعليم وسوق العمل والمجتمع ككلّ. مثل هذا التمييز بحق فئة تتجاوز نسبتها 10 في المائة من عدد السكان تؤدي إلى تعطيلها، وفي نفس الوقت عدم الاستفادة من قدراتها.
وفي عيد العمال، دائماً ما يبرز إلى الواجهة العاطلون من العمل، أولئك الذين ترتفع أعدادهم دائماً في الأزمات الاقتصادية. هؤلاء في "إجازة" دائمة، لكنّها غير مدفوعة الأجر.